المستفيد من تهميش الحشد العشائري

من المعيب أن نرى خوف الحكومة يتطابق مع خوف داعش من وجود أبناء تلك العشائر التي سجلت إنجازات كبيرة في مواجهة هذا المشروع السرطاني في المنطقة، خصوصاً وهي على أبواب معركة كبيرة ومهمة كمعركة تحرير الموصل.

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/10 الساعة 03:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/10 الساعة 03:30 بتوقيت غرينتش

معلوم أن البنية أو التركيبة السكانية للمدن الكبرى والرئيسية للمحافظات ذات الأغلبية السنية في العراق هي بعيدة عن العشائرية أو القبلية، فطبيعة تلك المدن وقالب الحياة داخلها هما أقرب إلى الحياة المدنية المرتبطة بالنظام المدني.

لكن هذا لا يلغي من وجود نفوذ للعشائر داخل تلك المدن، وممارسة بعض الأدوار السياسية والمناصب الإدارية، التي كان لها تأثيرات -مختلفٌ في تقييمها- في تحديد المسار الذي سارت به الأحداث داخل تلك المحافظات بعد سقوط نظام صدام حسين.

فكرة تشكيل الحشد العشائري (السني) من أبناء تلك المحافظات جاءت بعد أن استولى تنظيم داعش على المدن الكبرى لتلك المحافظات، لكن أساس الفكرة جاء بالاعتماد على تجربة الصحوات التي واجهت تنظيم القاعدة في 2006، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هي محاولة لمنع تدخُّل الحشد الشعبي -المشكَّل من ميليشيات شيعية- في المعارك الدائرة في هذه المحافظات.

في حين كانت -وما زالت- دعوات اتحاد القوى العراقية، الذي يضم القوى السياسية السُّنية المشتركة في العملية السياسية، الحكومة العراقية لضم تشكيلات الحشد العشائري إلى منظومة الأمن والدفاع الحكومية، كجزء من تعهُّد الحكومة بمبدأ التوازن الوارد في ورقة الاتفاق السياسي، التي تشكّلت على أساسها الحكومة الحالية.

هي نفس الحكومة التي اعتبرت ميليشيات الحشد الشعبي تشكيلاً مسلحاً رسمياً تابعاً للدولة العراقية، من حيث التجهيز والتسليح والرعاية، لكنها من جهة أخرى لم تفعل الأمر ذاته مع تشكيلات الحشد العشائري.

تابع العراقيون -قبل أسبوع تقريباً- خطاب رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السيد حيدر العبادي، حول اقتراب معركة تحرير الموصل من تحت يد داعش؛ حيث صرّح بأن "الحشد العشائري ليس جزءاً من الحشد الشعبي، وإنما هم أشخاص تطوعوا لمساعدة القوات الأمنية ينتهي دورهم قريباً".

تصريحٌ تناقلته وسائل الإعلام وتلقته الأوساط السياسية والشعبية (السُنية) بتفسيرٍ واحد ليس ثانياً، هو تعمّد تغييب وتهميش دور أبناء العشائر السنية في المعارك الحالية حالياً ضد داعش، مقابل تضخيم وتقديس دور الحشد الشعبي.

السؤال الذي تطرحه تلك الأوساط هو: لماذا تتجاهل الحكومة دور ومكانة أبناء العشائر الذين تعتبر جبهتهم الأكثر صعوبةً وتأثيراً على سير المعركة مع داعش؟ نتحدث هنا عن جبهات كانت وما زالت قائمة، كجبهة عامرية الفلوجة أو مدينة حديثة.

دعم العشائر من قِبل الحكومة، خاصة تلك التي لها مكانتها المؤثرة وخبرتها بالعلاقات مع باقي القبائل، سينعكس إيجابياً على كل مناطق العشائر والقبائل العربية التي بقيت تحت سيطرة داعش، ومن خلالهم ستنجح الحكومة بسحب البساط من تحت أقدام داعش وبعض الواجهات المرتبطة بها.

مَن هو المستفيد من تهميش وإقصاء دور أبناء العشائر الذين لهم رصيد وخبرة، ولهم حضور وتأثير في المعارك الحالية حالياً، واستبعاد القيادات السياسية والعسكرية العشائرية التي تعتبر مطلوبة في هذه المرحلة؟ في حين يتم تقديس وتعظيم دور الميليشيات المرتبطة بالمشروع الإيراني.

من المعيب أن نرى خوف الحكومة يتطابق مع خوف داعش من وجود أبناء تلك العشائر التي سجلت إنجازات كبيرة في مواجهة هذا المشروع السرطاني في المنطقة، خصوصاً وهي على أبواب معركة كبيرة ومهمة كمعركة تحرير الموصل.

كان يفترض أن تمنح الأوسمة والنياشين للحشد العشائري، وتكرم قياداته العسكرية والواجهات الميدانية على الدور الذي قامت به في وقت مبكر، أسوة بما يمنح ويُقدم للحشد الشعبي.

لكن أن يكون عداء داعش متطابقاً مع العداء المعلن لبعض أطراف الحكومة وأذرعها وأدواتها الإعلامية تجاه العشائر العربية، فهذا لم نجد له تفسيراً سوى أن إيران هي المستفيد من هذا العداء.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد