العروبة ليست عاراً بل هي شرف عظيم

والعروبة لم تُقصِ أحداً بسبب قوميته، ولم تكن قومية عنصرية، فها هو صلاح الدين "الكردي" يصبح قائداً مسلماً عربياً... وها هو الظاهر بيبرس "التركي" كذلك.

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/04 الساعة 03:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/04 الساعة 03:18 بتوقيت غرينتش

هناك مَن يهاجم العروبة والعرب تحت كثير من المنشورات على صفحات التواصل الاجتماعي، وفي اعتقادي أن المسؤول عن هذا بالدرجة الأولى هم السياسيون العرب الذين أوصلوا هذه الشعوب إلى حالة اليأس والإحباط والشعور بالدونية أمام الأمم الأخرى.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الكثير من القادة والحكام العرب كانوا من قليلي التعليم، وفي أحسن الأحوال كانوا من خريجي الكليات العسكرية والأمنية التي علمتهم فنون الحكم والسيطرة على حركة الشعوب أيضاً، وكُثر من القادة العرب هم من خريجي كلية ساند هيرست العسكرية البريطانية، وهنا تجب الإشارة أيضاً إلى أنه إما أنّ هذا مسبق التخطيط وإما أن هذه الدول العربية جميعها لم تستطِع بناء كلية عسكرية واحدة لتخريج الضباط والقادة العسكريين، وهنا تصبح بريطانيا عملياً صاحبة الحق الحصري في تخريج القادة العرب،

بعض هؤلاء القادة بسبب انعدام إنجازاتهم أوصلوا شعوبهم خلال المائة سنة المنصرمة إلى حالة من اليأس والإحباط لا يمكن وصفها بحال.
أما التاريخ السياسي والصراع على السلطة والتصارع والتجاذب بين القوى الخارجية وأتباعها وعملائها هو الشي الوحيد المشين في تاريخ العرب والعروبة منذ عهد النعمان بن المنذر الغساني إلى اليوم.

فالعروبة لم تصبح عدواناً على الآخر أيضاً إلّا في عهد الأحزاب القومية الشوفينية التي أسسها وقادها بعض أبناء الأقليات، مثل حزب البعث، والحزب القومي السوري الاجتماعي وأمثالهما، وأيضاً في عهد الحكم العسكري الذي ناسبه استبدال الدين بالقومية؛ ليمكنوا لأنفسهم، وهنا أيضاً لا بد من الإشارة إلى تقصير العرب تجاه الثورة السورية والمذبحة والتهجير اللذين يتعرض لهما هذا الشعب، وما زاد من الإحباط الذي رسخته القضية الفلسطينية خلال سنواتها السبعين، بالإضافة إلى ما حصل في العراق من تدمير للأرض والإنسان، وطبعاً فإن الشتّامين جاهزون في كل حين لقذف الأمة كلها بما تجود به قواميس الشتائم.

وشخصياً عندما أتحدث عن تقصير العرب وفشلهم، فبالتأكيد فإنّ المعني هو الدول والأنظمة السياسية الرسمية والمجتمع المدني العربي، أما العروبة كهوية إنسانية وثقافية كانت وما زالت وستبقى شيئاً مشرِّفاً يستحق الاحترام، ونسباً إنسانياً ننتسب إليه لغة وثقافة وعادات وتقاليد وكل ما في العروبة مشرِّف، فالعروبة هي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم)، الذي بعث للعالمين بالرحمة، وليتمم مكارم الأخلاق، والعروبة هي عدل عمر بن الخطاب الذي قال: "لو عثرت نعجة في العراق لسُئِلتُ عنها"، والعروبة هي حاتم الطائي الذي يذبح شاته الوحيدة ليطعم ضيفه، والسموأل الذي يقول: "وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز"، العروبة هي ابن خلدون وابن سينا وابن النفيس والخوارزمي والفارابي وابن رشد وأحمد بن الحسين وأمثالهم،
العروبة هي فتح عمورية استجابة لاستغاثة امرأة..

والعروبة لم تُقصِ أحداً بسبب قوميته، ولم تكن قومية عنصرية، فها هو صلاح الدين "الكردي" يصبح قائداً مسلماً عربياً… وها هو الظاهر بيبرس "التركي" كذلك.

العروبة حفظت مكانة المرأة كالخنساء وخولة بنت الأزور وشجرة الدر وغيرهن الكثير، العروبة هي تلك المرأة التي قالت لمن ظنّته هارباً من المعركة في القادسية من فارسٍ: كَرِه الطِعان يعيرني رمحاً.. إذا نزلوا بمرج الصفّر.

وأخيراً فالعروبة هي أخلاق وقيم إنسانية سامية، قيم نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف حقاً والشهامة والمروءة والكرم، قيم تخلت عنها الأجيال الحاضرة، فهانت على أنفسها، وهانت أنفسها عليها، وهانت على الكون كله، ومن يَهُن يسهل الهوان عليه.

ولاستعادة دور هذه الهوية الإنسانية لا بد من إعادة بناء منظومة الأخلاق الصحيحة العربية الأصيلة التي أتمّها الإسلام تلك المنظومة التي تشكل حلاً صادقاً لكل مشكلات الإنسان، المنظومة التي غزتها القيم المادية الزائفة والتقليد الأعمى وتخريب المناهج وتسطيح التعليم وجعله في آخر سلم الأولويات، واستعادة قيم هذه الهوية هو ما سيعيد الدور الإنساني والحضاري لهذه الهوية العظيمة

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد