اقرأ بقلم لاجئ

هذه ليست مسرحية ، لكي نُنزِلَ الشارة وتنتهي الحكاية ، هذه حياة ملايين البشر على هذه الأرض ، اُكتُبْ قصتي فقد اندثر قلمي تحت ركام منزلي مع أحلامي وأطفالي .

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/04 الساعة 03:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/04 الساعة 03:03 بتوقيت غرينتش

أنا التاريخ الذي كُتِبَ بسبب حقد البشرية .. أنا مَعمَلُ الخيام الذي صُنِعَ في بلاد العالم .. سأُدَرَسُ في كُتبِ التاريخ يوماً كرقمٍ من أرقام اللاجئين اللامتناهي .. ضعت بعالمٍ مُنتهي ،أبحث عن نفسي ، أبحث عن عدل عُمر في زمنٍ بكى فيه الرجال .

لا أريدُ أن أكون وزيراً ، أريدُ أن أكون إنساناً له كرامتهُ يَصرُخُ فيُسمَعُ صوته.. لقد هربت من بلدي، انتظر لا تحكم علي ؛ فأنا لست بخائن، لكنني قد هربت من عاصفةٍ لا تحملُ مطراً ولا ريحاً ؛ بل تحمل دماً و قتلا ً واغتصاباً .

هربت من بلدي بعدما أصبحت غابةً، القوي يقتلُ الضعيف فيها من دونِ أن يرفَ له جفنٌ حتى ،و بعدما أصبح الإنسان أرخص مايملكُ هذا الوطن .

من دون مقدمات وتعريفات ، أنا لاجئ .

من يواسيني يا وطني من بعدك ، من يضم على الجرحِ النازف ، هل نفِذَّ ترابُ بلادي لكي ألجَ الى أمواج البحر، لينتشلوا كل يوم جثةَ لاجئ على شواطئ أحد البلدان، اختفى صوتي منذُ زمن وأنا أصرخ ، فصوتي ضعيفٌ و رأيي أضعف .

لقد تغيرَ كل مجرى حياتي ،بسبب قذيفة أصابتني فأصبح اسمي مُعاق ، فليس لدي القدرة على إعانة نفسي لكي أُعِينَ غيري.. هل لي برغيف خبزٍ يسدُ جوعي ، هل لي بكوب ماءٍ بارد يخففُ وطأة حرارة الحرب على قلبي.

يا نفسُ خبئي الآه من أنفاسي فمن يُسمعها ، فلا تلقي كرامتي أرضاً كما هُجرنا في بلاد العالم..نشتاق للرجوع، نشتتاق لسماع أصواتِ الأطفال وهي تُدندن "موطني موطني " كل صباح ، نشتاق لصوت الأذان وأجراس الكنائس بدل من سمفونيات الصواريخ والقنابل.. سوادُ الظُلمِ قد التهمَ سماءَ بِلادنا ، فلا نعلمُ أهي صبحٌ أم مساء بها .

هذه ليست مسرحية ، لكي نُنزِلَ الشارة وتنتهي الحكاية ، هذه حياة ملايين البشر على هذه الأرض ، اُكتُبْ قصتي فقد اندثر قلمي تحت ركام منزلي مع أحلامي وأطفالي .

اُكتُبْ لعلَ أحدهم يسمع صوتي قبل اختفاء أنفاسي ، فهذه أدمُعي ودمائي فهل تكفي لتعيد بلادي.. كانت وجهتي دائما أن أسافر لأكمل تعليمي في طائرةٍ تعلو فوق سماء بلادي، وها أنا أهاجر لكن هرباً وخوفاً بقاربٍ مُحاط بكل أشكال الموت .

يأتون إليّ دائماً لإكمال نشراتهم الإخبارية ولأُسَجلَ في أحد عناوين صُحفهم ، لكن ما يلبث أن تنتهي نشرتهم حتى تنتهي قصتي ويبحثوا عن غيري ، لن يكلفهم هذا البحث عناءً يُذكر، فأنا دائماً موجود ، حتى لو اختلفت البلاد التي هُجرت منها ،فيكفي أنه طُبِعَ على جبيني اسم لاجئ.

هذه قصتي لكنها مازالت البداية ..

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد