نقل أم إبعاد لمدير “الأونروا” من لبنان إلى سوريا؟

أمام اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الآن أربعة أشهر للمراجعة، فالمدير الجديد بالإنابة لتسيير الأعمال ليس إلا، لكن هي فرصة لتقييم موضوعي على مستويين؛ الأول للوكالة وما أقدمت عليه من شرخ بسبب سياسات غير محسوبة أو مدروسة من شمالي وكيفية تداركها، والثاني من قِبل المرجعية السياسية والشعبية الفلسطينية للاجئين في لبنان والتحضير لمرحلة جديدة لمطالبة الوكالة بالتراجع عن قراراتها.. فمساعدات "الأونروا" للاجئين حق وليس امتيازاً.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/24 الساعة 06:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/24 الساعة 06:02 بتوقيت غرينتش

بعد مرور أقل من سنة ونصف على تعيينه مديراً عاماً للأونروا في لبنان بتاريخ 15/4/2015، اتخذ المفوض العام للأونروا بيير كرينبول قراراً بتاريخ 23/8/2016 يقضي بـ"نقل" ماتياس شمالي؛ ليتسلم إدارة إقليم سوريا في "الأونروا" خلفاً لمايكل كنغسلي نيناه الذي أنهى خمس سنوات من عمله وهي الفترة الرسمية لمهام عمل مدير عام الوكالة في أي من الأقاليم الخمسة وسيتسلم شمالي مهمته الجديدة في 15/9/2016.

على أن يتسلم منصبه في الإنابة ولمدة أربعة أشهر الفلسطيني حكم شهوان ابتداءً من 1/10/2016 وتنتهي في يناير/كانون الثاني 2017، لكن ما الذي دفع كرينبول لاتخاذ هذا القرار، وهل بالفعل كانت عملية "نقل" أم "إبعاد" لشمالي؟

تعود القصة إلى ما بعد مرور الشهر الأول على تولي شمالي منصبه الجديد، فقد أعلن كرينبول في مؤتمر صحفي بتاريخ 14/5/2015، عن "تقليصات حادة ستشهدها الوكالة نتيجة النقص في الميزانية"، شكلت قرارات "الأونروا" بالتراجع عن تقديم الخدمات أزمة حادة بين اللاجئين الفلسطينيين والوكالة.

اتخذت أدوات التعبير عنها أشكالاً مختلفة لا سيما في لبنان، من إقفال متكرر للمكتب الإقليمي في بيروت، واعتصامات في جميع المخيمات والمناطق، وتظاهرات وندوات ومؤتمرات وورش عمل تثقيفية وحراك دولي متضامن.. استمرت لستة أشهر، استدعت تدخل الدولة اللبنانية بشخص مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والأمم المتحدة ممثلة بمديرة فرع لبنان سيغريد كاغ، وتشكيل "خلية أزمة" كمرجعية تمثل الوجود الفلسطيني في لبنان بجميع مكوناته الشعبية والسياسية للضغط على "الأونروا" لتتراجع الوكالة عن قراراتها.

حصلت لقاءات عديدة في بداية الأزمة في محاولة للوصول إلى "حلول" مُرضية، وتم التوافق على الشراكة بين اللاجئين و"الأونروا" على أي قرارات مستقبلية تتخذها الوكالة. وقَعَ شمالي في المحظور باتخاذه قرارات أحادية الجانب كخرق للاتفاق وهذه منهجية تعلِّق عليها الوكالة آمالاً كبيرة في التواصل مع اللاجئين الفلسطينيين، موهماً إدارة "الأونروا" بأن تلك القرارات قد جاءت نتيجة التوافق بين الوكالة والقيادة السياسية للاجئين، التي لاحقاً تبناها كرينبول لكنها أحرجته أمام بان كي مون الذي سينهي ولايته نهاية العام الجاري، والذي يسعى لتبييض صفحته الإنسانية بكافة الاتجاهات ومنها كانت زيارته إلى مخيم نهر البارد بتاريخ 25/3/2016.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، اتخذ شمالي قراراً بسياسة استشفاء جديدة مع بداية عام 2016 لا تتناسب مع حاجات وقدرات اللاجئين، وعاد واتخذ قراراً آخر بتحويل عملية الحصول على المساعدات العينية لفئة "شبكة الأمان الاجتماعي – العسر الشديد" إلى بطاقة الصراف الآلي دون موافقة المرجعية الفلسطينية في لبنان، وضرب بعرض الحائط مذكرة المطالب التي قدمتها له القيادة السياسية الفلسطينية المجتمعة في سفارة دولة فلسطين في بيروت يوم السبت 28/5/2016، مُعلِناً في المقابل عن سياسة استشفاء أحادية جديدة في 1/6/2016 ومتسبباً في انهيار الحوار بين "الأونروا" واللاجئين..

والغريب أن واحدا من الفضائل التي ذكرها السيد كرينبول في مدحه لعمل شمالي خلال هذه الفترة هو "بناء علاقة قوية بين شمالي وممثلي المخيمات"، ولا يعتقد عاقل أن مُخرجات العلاقة القوية يتمثل بتوزيع الحلوى والعصائر من قِبل مختلف التمثيل السياسي والشعبي الفلسطيني في مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات في لبنان احتفاءً بقرار "النقل".

أما "بيضة القبان" التي بتقديرنا سرّعت باتخاذ كرينبول لقرار "النقل" ما صرح به شمالي حصراً لفضائية القدس بتاريخ 30/3/2016 بأن "القيادة السياسية وخلية الأزمة لا تمثل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان"، وهذا يتعارض بشكل مباشر مع سياسة عمل "الأونروا" الاستراتيجية.

جاء التصريح مناقضاً لأهداف الوكالة بمد جسور الثقة والاحترام المتبادل بين شمالي و"الأونروا"، وبين القيادة السياسية وخلية الأزمة واللجان الشعبية والأهلية بحيث تُؤسس المقابلة الإعلامية لخطوة متقدمة للحوار مع اللاجئين بعد احتجاجات سلمية باتت تشكل قلقاً وإزعاجاً لإدارة "الأونروا" واللجنة الاستشارية للوكالة والأمين العام للأمم المتحدة، فعدم استمرار شمالي في عمله للثلاث سنوات المتبقية، وفي ظل الصورة القاتمة التي رسمها عن الوكالة أمام اللاجئين والمجتمع الدولي.. لا يمكن فهم عملية "النقل" إلا أنه قرار بـ"الإبعاد" مُغلف ببعض جمل المديح والدبلوماسية.

أمام اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الآن أربعة أشهر للمراجعة، فالمدير الجديد بالإنابة لتسيير الأعمال ليس إلا، لكن هي فرصة لتقييم موضوعي على مستويين؛ الأول للوكالة وما أقدمت عليه من شرخ بسبب سياسات غير محسوبة أو مدروسة من شمالي وكيفية تداركها، والثاني من قِبل المرجعية السياسية والشعبية الفلسطينية للاجئين في لبنان والتحضير لمرحلة جديدة لمطالبة الوكالة بالتراجع عن قراراتها.. فمساعدات "الأونروا" للاجئين حق وليس امتيازاً.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد