يعد الاحتياطي الليبي للنفط الخام، أحد أكبر احتياطيات العالم، حيث يقدر بنحو 46 بليون برميل، إضافة إلى الوقود الأحفوري الذي يقدر بنحو 27 بليون برميل، إذ إن الوقود الأحفوري يعتبر المستقبل للنفط الليبي.
بكل هذه الثروات كان من المتوقع في ليبيا أن نشاهد نمواً اقتصادياً كبيراً وتطويراً في ركائز الدولة في قطاعات الصحة والتعليم والأمن، وأن ينعكس على الفرد بالرخاء وتحسين الوضع المعيشي له، ولكن كل هذا لم يحدث!!. بل بالعكس نجد اتساعاً لدائرة البطالة وزيادة نسبة الفقر وسوء قطاع الصحة والتعليم.
وهذه النتائج تعود إلى ضعف الحكومة وكفاءتها، إذ إن إنفاق العائدات وتسيريها بالشكل الفعال، على القطاعات الحيوية، بل انتقال أموال العائدات إلى أيادٍ غير مسؤولة، وإنفاقها بطرق غير معلومة، وهذا واضح من خلال تقارير التي تنشر وتبين توزيع هذه العائدات سنوياً بالميزانية التي ترصدها الحكومة كل سنة، حيث يتم إنفاق ما قيمته 5% على الديون الخارجية "الدولية".
يغطي جزء منها العجز والاستثمار والباقي يتم حفظه بصندوق الادخار، حيث تم خلال العام الماضي إنفاق ما يقارب 55% على الأجور و6% ميزانية تسيرية، و28% دعم على المحروقات والأغذية، وما نسبته 11% على التنمية، وهي نسبة صغيرة جداً، وكل هذه التقسيمات تعتمد على ما يعادل 95% من عائدات النفط، و5% المتبقية على المصادر الأخرى كالزراعة والصناعة، وهذه النسبة مقلقه جداً؛ لأننا نشاهد أن الإنفاق على الميزانية يعتمد جله على عائدات النفط.
والغريب في الأمر أن ما يتم صرفه على التنمية نسبة ضعيفة جدا، وهي لا تسهم حتى بتعجيل حركة النمو الاقتصادي الليبي، الذي من خلال زيادة نسبة الإنفاق على التنمية يمكن أن تنمو الدولة اقتصادياً من خلال السياحة والتجارة والثروة الزراعية بها؛ حيث يقدر عائد النفط من الناتج المحلي 65% وعائدات الحكومة من النفط بنسبة 89%.
ومن الخطير جداً اعتماد الدولة على عائدات النفط والغاز كونها المصدر الوحيد لدخل الليبيين، بينما هناك الكثير من المجالات التي يمكن استغلالها من خلال تخصيص نسب أكبر من التي نراها في التنمية من عائدات النفط والغاز والتي تعود على الدولة بالانتعاش الاقتصادي في مجالات أخرى كالسياحة، علماً بأن الدولة الليبية تمتلك أطول شريط ساحلي كما تمتاز بحرارة عالية وكفيلة بتوليد الطاقة الكهربائية عبر الصحراء الليبية للدولة، وتصديرها إلى الدول المطلة على ضفاف البحر المتوسط.
وهي الطاقة الشمسية التي أجريت خلالها دارسة تبين أنه على الرغم من أن درجة حرارة الصحراء الجزائرية أنسب فإن موقع ليبيا الاستراتيجي يميزها عن دولة الجزائر في تصدير الطاقة الشمسية إلى الدول المطلة على ضفاف البحر المتوسط، كما أن الزراعة قابلة للتطوير والتنمية، كل هذه المقومات الليبية كفيلة بإنعاش الاقتصاد الليبي، مما يعود على الموطن بالفائدة من القضاء على البطالة وزيادة دخل الفرد، وتخصيص النسب الأكبر من عائدات النفط، أعتقد بأنها كفيلة جداً لإنعاش الاقتصاد الليبي وتحسين كل ما نشاهده من سوء وفساد إداري.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.