خمس سنوات ونصف مرت على انطلاق الثورة السورية. هذه السنوات في ظل أسدية وضيعة سياسياً، بمعنى أنها مستعدة لبيع كل سورية على أن تبقى في قصر المهاجرين فقط. ليس بجديد إن قلنا: إن الدول المحيطة بإسرائيل مدولنة بطريقة ما أساساً.
من يتابع الإعلام الإسرائيلي ومراكز البحوث الأمنية والسياسية الإسرائيلية، منذ النكسة الحزيرانية 1967 على الأقل، يجد أن تلك الدول المحيطة بإسرائيل، متابعة من قبل هذه المؤسسات بأدق التفاصيل، وإسرائيل متدخلة غربياً في أية تغيرات طارئة.. هذا جزء مركزي في الأمن الإسرائيلي.
لسنا بوارد التعرض لتاريخ هذه الدولنة الآن، لكن تكفي إشارة السيسي والانقلاب في مصر من جهة، والحضور الإسرائيلي في الدفاع عن نظام الأسد من جهة أخرى. السيسي كان واضحاً أن أوراق اعتماده أتت من إسرائيل. المتابع لإعلام السيسي منذ نجاح الانقلاب أيضاً، لا يحتاج للتعب لكي يدرك هذه المعادلة المدولنة.
بالمقابل علينا التفريق بين العولمة globalization كسياق اقتصادي سياسي عسكري، تجتاح شركاته العالم، ينمذج العالم أميركياً..
و Internationalization التدويل. الذي هو باختصار جعل سورية كلها أرضاً وجواً، سلطة ومعارضة، مجتمعاً ومكوناته، وظيفة دولية وملكية دولية مشتركة ومتصارع عليها، مناطق نفوذ متداخلة بالدم السوري. تحولت القوى الدولية إلى رب عمل للسوريين. 12 مليون سوري بين لاجئ ونازح، صارت الدول التي تدعي صداقة الشعب السوري، مسؤولة عن معيشتهم. وبقية الشعب السوري تديره روسيا وإيران عبر الأسد.
الأسد الآن مشغول بالتوفيق بين موسكو وتل أبيب وطهران. كداعمين رئيسيين له، إسرائيل لا تدعم بالمال، ولا بوتين أيضاً لأنه لص، لكنه يسرق من لص وهو الأسد، إيران هي من تدفع الأموال بالغالب.
إسرائيل لا تسعى بالطبع كي تكون سورية منطقة نفوذ لها، لاعتبارات كثيرة، لسنا بصددها هنا، لهذا هي تميل إما لاستمرار الأسد مع المزيد من إضعافه وهلهلته، واستخدامه أيضاً في تدمير البلد.
المستوى السياسي للنظام ومن حوله من ملحقات ذيلية سياسية- كالمنصات الحميمية والموسكوفية والكازاخية والقسدية والقمحية- باتت محمولة على روسيا وإيران.
العقوبات التي تم فرضها على النظام ورجالاته غربياً، جعلتهم يتجهون باتجاه موسكو والدول الملحقة بها. لا أحد من الشعب السوري يعرف، حجم المقايضات التي قام بها "ذيل الكلب" مع الدول الأخرى.
خلق ما يسمى أزمة لاجئين ونازحين بعد تدمير مدنهم وقراهم، هو نوع تدويل سورية. التدويل في سورية يتم بقوة القتل، كل هذا لمنع الشعب السوري من نيل حريته من أسدية فاشية طائفية.
دول التحالف أكثر من 30 دولة.. روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية والعراق ولبنان والسعودية وتركيا.. كلها حاضرة في مشهد الدولنة هذا.
الدولنة هي انقسام سوري حاد بين كتلة موالاة كانت أرضية لهذا التدويل. الذي بدأ بإيران وروسيا، قتلاً أسدياً بالسوريين السلميين الذين لم يجدوا من يحميهم من أنواع القتل والتدمير والاعتقال والقتل تحت التعذيب. أكثر من 60% من الشعب السوري، خرج ضد الأسد. لم يجد من يحميه.
التدويل لم يأتِ نتيجة اتفاق لحماية السوريين، بل أتى بقرارات مختلفة بين كل دولة وأخرى، مشرعة سورية للقتل. الأسدية أبرزت ما كنّا دوماً نتحدث عنه أنها زبائنية فاسدة لا تعنيها سورية إلا كونها مصدر نهب.
هذه النهبية توزعت طائفياً أيضاً، حيث إن الاسدية عززت لدى مواليها، روح النهب والتعفيش، وإن سورية لمن يعفشها. هذه قاعدة التدويل. حتى ما تبقى من الدولة المحتلة طائفياً-أسدياً، لم يبقَ منها شيء ذو ملمح سيادي أمام الدول المتدخلة..
الإيرانيون يفعلون ما يريدون وكذلك الروس وكذا التحالف الأميركي. إنها جريمة العصر أن يتحول بلد إلى مرتع لكافة الدول. الدولنة أتت من أجل تحويل قرار أوباما إلى واقع، عنف مزمن في دائرة مفرغة إلا من الدم السوري.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.