أكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أن المملكة "ترفض رفضاً قاطعاً أن تتحول شعيرة الحج إلى تحقيق أهداف سياسية أو خلافات مذهبية".
جاء هذا خلال كلمة ألقاها في الديوان الملكي بقصر مِنى، اليوم الثلاثاء 13 سبتمبر/ أيلول 2016 خلال حفل الاستقبال السنوي لكبار الشخصيات الإسلامية وضيوف المملكة>
وللمرة الأولى منذ نحو ثلاثة عقود لم يتمكن 64 ألف حاج إيراني من أداء مناسك الحج في السعودية بعد اخفاق القوتين الإقليميتين في التوصل إلى اتفاق حول الأمن والترتيبات اللوجستية.
وقالت الرياض إن طهران تقدمت بمطالب عدة بينها الحق في تنظيم التظاهرات أثناء الحج.
وقال الملك سلمان إن بلاده "سخَّرت كل إمكاناتها لخدمة ضيوف الرحمن، والسهر على راحتهم، وتوفير كل السبل لتسهيل أدائهم لمناسكهم بكل يسر وطمأنينة".
وأضاف أن "المملكة ترفض رفضاً قاطعاً أن تتحول هذه الشعيرة العظيمة إلى تحقيق أهداف سياسية أو خلافات مذهبية"، مشيراً إلى أن الله "شرع الحج على المسلمين كافة دون تفرقة".
وتعرضت السعودية خلال الأيام القليلة الماضية لهجوم "لفظي" غير مسبوق من قِبل قادة إيران، جدد خلاله كل من الرئيس الإيراني حسن روحانی وعلي خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، اتهامهما للمملكة بمنع حجاج بلادهما من أداء الفريضة هذا العام.
في المقابل، اتهمت الرياض، طهران بالمسؤولية عن منع حجاجها من أداء الفريضة هذا العام، وقالت إنها "تسعى لتسييس الحج وتحويله لشعارات تخالف تعاليم الإسلام وتخل بأمن الحج والحجيج".
واعتادت المملكة أن تصدر سنوياً تحذيراً لحجاج إيران من إقامة مراسم "البراءة من المشركين"، وتقول الرياض إن تلك المراسم من شروط طهران هذا العام للسماح لمواطنيها بأداء الحج.
وإعلان "البراءة من المشركين" هو شعار ألزم به المرشد الإيراني الراحل آية الله الخميني، حجاج بيت الله الحرام (من الإيرانيين) برفعه وترديده في مواسم الحج، من خلال مسيرات أو مظاهرات تتبرأ من المشركين، وترديد هتافات بهذا المعنى، من قبيل "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل"، باعتبار أن الحج يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية عبادية تقليدية إلى فريضة عبادية وسياسية.
وتشهد العلاقات بين السعودية وإيران أزمة حادة، عقب إعلان الرياض في 3 يناير/كانون الثاني الماضي، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الأخيرة، على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة، في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد، شمالي إيران، وإضرام النار فيهما، احتجاجاً على إعدام "نمر باقر النمر" رجل الدين السعودي (شيعي)، مع 46 مداناً بالانتماء لـ"التنظيمات الإرهابية".
كذلك حذر الملك سلمان، في كلمته، من الغلو والتطرف، مبيناً أنهما "توجه مذموم شرعاً وعقلاً، وهو حين يدب في جسد الأمة الإسلامية يفسد تلاحمها ومستقبلها وصورتها أمام العالم".
وأوضح أنه "لا سبيل إلى الخلاص من هذا البلاء إلا باستئصاله دون هوادة وبوحدة المسلمين للقضاء على هذا الوباء".
وتطرق العاهل السعودي، في كلمته، إلى حال العالم الإسلامي حالياً، داعياً إلى بذل قصارى الجهد لتوحيد الكلمة والصف، والعمل على حل النزاعات التي يشهدها العالم الإسلامي.
وقال في هذا الصدد: "ما يشهده العالم الإسلامي اليوم في بعض أجزائه من نزاعات ومآسٍ وفرقة وتناحر يدعونا جميعاً إلى بذل قصارى الجهد لتوحيد الكلمة والصف، والعمل معاً لحل تلك النزاعات وإنهاء الصراعات".
وأكد حرص بلاده الدائم على "لمّ شمل المسلمين ومد يد العون لهم، والعمل على دعم كل الجهود الخيرة والساعية لما فيه خير بلداننا الإسلامية".
وحضر حفل الاستقبال الرئيس الباكستاني ممنون حسين، ونائب رئيس السودان حسبو محمد عبدالرحمن، ورئيس وزراء النيجر بريجي رافيني، ورئيس الوزراء وزير الدفاع الأردني هاني الملقي، ورئيس الوزراء السابق بجمهورية مالي موسى مارا.
كما حضره رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان، ورئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) المالي إيساقا سيديبي، ورئيس مجلس النواب الإندونيسي الحاج آدي قمر الدين، ورئيس مجلس النواب الجيبوتي محمد علي حُمد، ورئيس مجلس الشيوخ الأفغاني فضل هادي مسلميار، ورئيس مجلس الشيوخ الماليزي داتوك فيغنسوان، ورئيس مجلس الشعب المالديفي عبدالله مسيح محمد، ورئيس البرلمان الاتحادي السابق بجمهورية القمر المتحدة حامد برهان، وكبار المسؤولين في عدد من الدول الإسلامية، إلى جانب رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي.