كيف تقضي على مشروع فكري قبل أن يولد؟

ما قامت به الأجهزة الاستخباراتية التابعة لبعض الدول من تصنيع لـ"داعش" ما هو إلا ضربة استباقية لأية مشاريع فكرية إسلامية قد تتمخض عنها الثورات العربية.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/07 الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/07 الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش

ما قامت به الأجهزة الاستخباراتية التابعة لبعض الدول من تصنيع لـ"داعش" ما هو إلا ضربة استباقية لأية مشاريع فكرية إسلامية قد تتمخض عنها الثورات العربية.

هذه الضربة الاستباقية على شقين:

الأول: داخلي، موجَّه للشعوب العربية في بلدان الثورات، بحيث يكون الرفض ذاتياً نتيجة حجم العنف والقمع والممارسات غير الإنسانية تحت ستار الدين من قِبل داعش، ليصل الحال بالعامة للقول:
لا نريد حكماً إسلامياً، فقد رأينا ما كان من أمر داعش.

الثاني: خارجي، موجَّه لشعوب العالم المراقبة والمتأثرة من هجمات داعش هنا وهناك في عواصم العالم، بحيث يكون المبرر جاهزاً أمام الساسة لملاحقة داعش حيثما كانت واستخدام كل الوسائل المتاحة في سبيل ذلك.

على التوازي؛ فإن اجتماع شذاذ الآفاق من كل العالم للحرب تحت راية الماركسية بمسمى "وحدات حماية الشعب" أمر حضاري لا يحاسب عليه من ينضم للقتال تحت هذه الراية.

كذلك الأمر: فإن اجتماع شذاذ الآفاق للقتال تحت راية الصفوية أمرٌ لا يكلف في قمة سقف التوقعات ما هو أكثر من قلق بان كي مون.

ما جرى في تركيا، مساء 15 وليلة 16 يوليو/تموز 2016 هو انقلاب للشعوب على انقلابٍ أفرزته مؤامرات الدولة العميقة التي تحكم العالم فعلياً.

ما جرى في تركيا هو نسفٌ للمخطط بكل تفاصيله، فهو ليس إسقاطاً لمحاولة انقلابية فحسب، بل هو تأكيد على أن الشعوب قادرة على حماية قياداتها، عندما تكون هذه القيادات من الشعب، وفي خدمة الشعب والوطن.

ما جرى في تركيا هو ضربة موجعة جداً تجلت من خلال ردود الفعل، ما بين بداية عملية الانقلاب الدنيئة الفاشلة وإعلان انتهائها، خيبة أمل كبيرة، دفعت بالبعض لتوجيه الأسئلة لتركيا إن كانت جادة في حربها على داعش، في حين أن المقام يستوجب مقالاً يتخذ موقفاً من الدولة الصديقة الحليفة، خاصة في ظل قيام هذه الجهات بإغلاق بعثات دبلوماسية لها في تركيا قبيل الانقلاب بيوم!

أن يحكم تركيا حزبٌ إسلامي ولمدة 13 عاماً ستزيد أربعاً حتى عام 2019، هو إقرارٌ لكون الإسلام قادراً على قيادة العملية السياسية وتطوير البلاد، سواء تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا، الذي بلغ عدد أعضائه 9.399.633 عضواً في عام 2015، تقلق الدولة العميقة التي تتحكم بسياسات العالم وموارده، فالمارد العثماني لم يمت، إنما كان في فترة سبات داخل جلباب العدالة والتنمية، بدأ يصحو رويداً رويداً، من خلال التغييرات التي طالت بشكل أساسي النظام التعليمي في تركيا.

إعادة العمل بالمدارس الوسطى التي تؤهل الطلاب في تركيا لدراسة علوم الدين، وإدراج اللغة العثمانية في مناهج التعليم الابتدائي، وإضافة اللغة العربية كلغة اختيارية في التعليم الابتدائي، وتصريح الرئيس رجب طيب أردوغان بقوله: سأنشئ جيلاً متديناً، يلخص ما ينتظر تركيا في المستقبل القريب بعد 15 – 20 عاماً.

"أنتم جيش محمد"، هذه الجملة التي خاطب بها أردوغان الجيش التركي خلال خطابة الحي الأول من مطار إسطنبول ليلة العملية الانقلابية الفاشلة تنسف المؤامرة وتهدم أركانها.

أسقطت الثورة الشعبية السورية كل الأقنعة، وجاءت الثورة الشعبية التركية لتكمل ما قامت به شقيقتها السورية، فنسفت المتسترين بتلك الأقنعة.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد