سيدي الرئيس ؛؛نناديكم

الانتخابات ستحررنا جميعاً وتخرجنا من حالة الاحتقان الخانقة التي ستتفجر فينا قريباً لا محالة. الحل المطلوب يا سيادة الرئيس ليس حل دولة أو دولتين. الحل المطلوب هو حل السيادة الحالية من خلال انتخابات تسمح بضخ الدماء الجديدة والأفكار وتغيير النهج ولو من خلال حراك طفيف.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/01 الساعة 08:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/01 الساعة 08:35 بتوقيت غرينتش

منذ مدة وعلى بالي أن أكتب رسالة أوجهها للرئيس… غيابه. صمته. قراراته المفاجئة المفزعة. ما يجري من حمام الدم والهدوء الصارخ من جهته. وددت سؤاله لو كان على علم بما يجري خلف المقاطعة.. الكثير من الأمور التي تشغلني كإنسانة فلسطينية. لدي شعور ما، بأنه لا يعرف ما يجري. أحدهم مغيبه عن الواقع الذي نعيشه.

أحياناً من الافضل الظن أن هناك من يحيط به من مستشارين سيئين يدلون عليه بمعلومات محدودة ومنقوصة وملعوب بها ومضللة. ولكني أعاود التفكير وأسأل نفسي: دولة رام الله القط فيها نمر. وما تتكلم فيه بغرفة نومك يسمعه الجار. والمقاطعة على بعد خطوات من حواجز الاحتلال. وما سمعته عن الرئيس أنه يتابع التلفزيون مع أم مازن. من غير المعقول أنه لا يتابع بعض الأخبار.

يجري بيني وبينه برأسي الكثير من الأحاديث. أسأله الكثير من الأسئلة. أتساءل وبجدية مطلقة إن كان فعلاً حاضراً أم أنه مغيب أم أنه اختار كل ما يحدث.

بلحظة تراه حاضراً ويلاحق أدق التفاصيل. فنسمع عن قرارات من الغريب أن تؤرق رئيس دولة عتيدة. ولكنه يتدخل بها. وأقول لنفسي المتسائلة: مش غلط أنه متابع. بغض النظر عن غرابة ما يحدث.

ثم يختفي كثيراً وكثيراً جداً. ثم نسمع فجأة أنه سيلقي خطاباً تاريخياً.

كل خطابات الرئيس تاريخية، لقلتها ربما. ولكنها مع الأسف الشديد لا تحتوي أبداً على أي أمور سيتم حفظها للتاريخ.

وفي كل مرة يخرج الرئيس تسبقه التوقعات التي تبدأ من احتمال استقالته وتنتهي باحتمال إعلانه حل السلطة. ثم ينتهي الخطاب وننظر طويلاً مطولاً أمام الشاشة منتظرين الحدث التاريخي الذي صنعه الخطاب. فنحرك رؤوسنا مندهشين.

هذه المرة أكد الرئيس أمرين: أنه غير مستقيل. وأن السلطة إنجاز وأبداً لن تحل.

بشكل عام أنا لست مع أو ضد رحيل الرئيس. فرئيس باليد خير من عشرة على الشجرة. ولكن هناك خلل لا يمكن تجاوزه. ويبدو أن الوقت يمر من خلال الرئيس ولم يعد هو أيضاً يعيه. تمسكه بالرئاسة وبالسلطة بات كالمريض على فراش الموت ويفاوض عزرائيل. هناك حالة من الانهيار التي صارت واضحة ولم يبق من سقوطها المدوي إلا لحظات. قد تأخذ أياماً أو أشهراً أو سنين. ولكنها بلا شك قادمة.

ولقد يكون من أصعب ما يدور حولنا أن بقاء الرئيس على قيد الحياة هو طوق نجاتنا الوحيد قبل ابتلاعنا في هذا الهيجان العاتي.

يبدو أنه بصحة جيدة وهذا أمر محمود، إلا أنه بالفعل كبير بالعمر. وأعي تماماً أن مسألة الحياة والموت ليست بالضرورة مرتبطة بالعمر، والحمد لله أنه يبدو بأنه بصحة جيدة. إلا أنه قد بلغ من العمر ما يستدعي القلق.

ما يحدث اليوم من استعار بالحال الفلسطيني الداخلي والمحاصر من قبل إسرائيل لا يبشر بأي خير إن توفي الرئيس غداً. فسيترك رحيله المفاجئ هجوماً شرساً من قبل كل أولئك المتجمهرين حوله منتظرين اللحظة المواتية ليكون الواحد فيهم الرئيس القادم.. وهم كثر ولو لم يتجرأ أحد أو صرح ألف مرة بأنه ليس معنيّاً بالرئاسة. فعيون المسترئسين تذرف شرها انتظاراً لتلك اللحظة.

لم أستطع أن أجد شيئاً في خطاب الرئيس يعطي أي أمل. بل على العكس كان خطاباً يؤكد هوان الحال. تأكيده على دعمه لتحالف السعودية.. لا يوجد كلمة أرد بها.

تمسكه بحل الدولتين على حدود ٦٧. أين الحدود يا سيادة الرئيس؟ أين القدس التي تتكلم عنها؟ ما المقدس في الأرض الفلسطينية؟ ما الوقف بها؟ فأنت من قلت إنك لا تريد العودة؟ أي وقف وأي مقدس؟ وهل بقي من الأرض شيء؟

أي دعوة لحل تريدها من المجتمع الدولي. ما حل سوريا وليبيا والعراق؟ ما الحماية التي تطلبها من المجتمع الدولي؟ أليست سلطتك الوطنية إنجازاً؟ أين الأمن الذي تم تخصيص أكثر من ثلث ميزانية السلطة له منذ قيام دولة أوسلو. أليس من المطلوب منه حمايتنا؟

ما الذي تريده من الدولة؟ وما تعريفك لها يا سيادة الرئيس؟ فأنا مواطنة بسيطة كان لي حلم وطن في دولة يرفع عليها العلم الفلسطيني. أنظر حولي اليوم ولا أعرف أين الدولة؟ وأين الوطن؟ وما هو العلم؟

ما المبادرة العربية؟ وما السلام؟ ما شأن داعش والقضية الفلسطينية وحلها؟

سيدي الرئيس..
داعش الذي يحارب في سوريا والعراق لا يختلف عن داعش الذي يعيش في خطاباتنا. لا يكفي أن أقول إنني ضد داعش لأكون غير متطرفة. التطرف يا سيدي بالإقصاء. ونحن شعب تم إقصاؤه وتقطيع أوصاله ولا زلت يا سيادة الرئيس تردد أنك لا تمانع المصالحة.
الشعب يا سيادة الرئيس تمزقه التفرقة والقبلية والداعشية التي تتغلغل فينا كل يوم تحت الكبت وانعدام الأمل.

داعش خيار المضطهدين قبل أن يصبحوا متطرفين.

سيدي الرئيس..
قبل فترة تمنيت رحيلك..
ولكني اليوم لا أتمناه.
لأن برحيلك سنمزق بعضنا إربا. فلقد انقسمنا على أنفسنا من أجل دبكة. صارت الدبكة يا سيادة الرئيس في وطننا خلاعة..

لا زال بداخلي فسحة من الأمل بأن الحل معك. فما دمنا ننتظر لهذه اللحظة خطابك ونترقبه. فهذا يعني أنك مهم عندنا.

مد يدك لنا يا سيادة الرئيس.

مد يدك للشعب أيها الرئيس قبل أن يأتي يوم سيأتي لا محالة لن ينفع بها الحلول.
لا أعرف إن كان الوقت قد فات.. ولكنك تستطيع الدعوة لانتخابات غداً.. بمن حضر. بمن يريد. أرجع الوطن الى أهله. لم تكن فلسطين أبداً من قبل دولة الحزب هذا أو ذاك.

إذا ما كان هناك مجال لتعديلات وإقالات وتعيينات.. فلابد أن هناك مجالاً لإجراء انتخابات.

الانتخابات ستحررنا جميعاً وتخرجنا من حالة الاحتقان الخانقة التي ستتفجر فينا قريباً لا محالة.

الحل المطلوب يا سيادة الرئيس ليس حل دولة أو دولتين. الحل المطلوب هو حل السيادة الحالية من خلال انتخابات تسمح بضخ الدماء الجديدة والأفكار وتغيير النهج ولو من خلال حراك طفيف.

الشعب يا سيادة الرئيس تهالك من كثر الفساد وانعدام الأفق.

الشعب يا سيادة الرئيس محتقن يصب جماح احتقانه مؤقتاً بوجه الاحتلال.

الشعب يا سيادة الرئيس يحتاج رئيساً حاضراً.

الشعب يا سيادة الرئيس يريدك رئيساً لكل الشعب لا رئيس فصيل.

الشعب يا سيادة الرئيس بحاجة لانتخابات فورية قبل أن تفوت بنا المرحلة الى غيابات التاريخ.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد