شاهد على سقوط الموصل “3”

تجاوزنا طريق الموت وأخيراً وصلنا إلى كركوك" بداية حدود اقليم كردستان" بعد مغيب الشمس، دخلنا بعد معاناة شديدة وتوجهنا باتجاه السليمانية حيث استقررنا هناك، ولم يتوقع أحد أن هؤلاء المسلحين سوف يعلنون خلافة كذبا وزوراً باسم الإسلام.

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/27 الساعة 06:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/27 الساعة 06:33 بتوقيت غرينتش

للاطلاع على الجزء الاول والثاني من التدوينة اضغط هنا "1"، "2"

بعد أن غادرنا آخر نقطة تفتيش لداعش تفاجئنا بأن أجزاء كبيرة من الطريق كانت مدمرة لكي تعيق وصول الإمدادات للموصل كما أن اغلب الطرق الترابية كانت عبارة عن حقل من الألغام.

"حجي تعرف هم وين" كان هذا سؤال أحد الجنود المنتشرين في المعسكرات على طول الطريق، كان الخوف باديٍ على وجوهم وكانوا متسلحين بالسلاح الثقيل والمتوسط ومنتشرين على طول الطريق، اتمنى لو اعرف ماذا حدث لهم!

"الخوف" هو السمة الابرز التي كانت تسود الموقف في تلك اللحظة وبعد عناء طويل وصلنا الى بيجي" 180كم شمال بغداد" بعد مجازفة الطرق الترابية التي كانت حقول الألغام، وصلت أنباء تقول ان داعش سيطرت على جميع المناطق التي تجاوزناها.

"سقوط تكريت بيد داعش" كان هذا ثاني صدمة نتلقاها إذ كيف لمجموعة من المسلحين أن تحكم سيطرتها على محافظتين خلال 24 ساعة فقط؟. استكملنا طريقنا الى ان وصلنا الى احدى المناطق القريبة من سامراء، حيث كان اغلب أقرباء والدي يسكنون هناك.

"كل هذه المحافظات سوف تسقط" كان هذا ما يتوقعه الجميع، وبعد جلوسنا في بيت اقربائي بدأت ترد الأنباء أن الجيش بدأ ينسحب من هذه المدن، لذلك قررنا أن اقليم كردستان هو وجهتنا القادمة، رغم إلحاح عمتي على قدومنا إلى سامراء إلا أن والدي رفض هذا الامر.

الطريق إلى اقليم كردستان كان خطراً إذ كانت هناك أنباء غير مؤكدة أن داعش تحضر لاقتحام الثكنات العسكرية على الطريق، كنا نتداول أطراف الحديث وفجأة مجموعة من المسلحين بدأوا بالهجوم على الثكنة صرنا بين داعش وثكنة الجيش، وبدأ إطلاق النار بينهما ولك ان تتخيل هول الموقف، بدأ الصراخ ورددنا الشهادة واقولها صدقاً، كنت اتوقع أن تلك اللحظة هي النهاية..

تجاوزنا طريق الموت وأخيراً وصلنا إلى كركوك" بداية حدود اقليم كردستان" بعد مغيب الشمس، دخلنا بعد معاناة شديدة وتوجهنا باتجاه السليمانية حيث استقررنا هناك، ولم يتوقع أحد أن هؤلاء المسلحين سوف يعلنون خلافة كذبا وزوراً باسم الإسلام.

وجدنا في نقطة التفتيش لدخول مدينة السليمانية عشرات الجنود الذين فروا من الموصل وتوجهوا بحثاً عن الأمان، توجهت الى أحدهم وسألته أين هو جبروتكم الذي كنتم تظهرونه على المدنيين العزل فأجابني " جاءتنا أوامر بالانسحاب وترك المدينة" وكانت العبرة تخنق اغلب الجنود الموجودين هناك، وحالتهم يرثى لها، ولكن هذا لا يشفع لهم خذلان واجبهم العسكري وترك المدينة للمجهول.

" المواطنون حالتهم يرثى لها" أجابني صديقي الذي يسكن الموصل عندما سألته عن أوضاعهم ، وكيف يعيش الناس هناك ولكن السؤال الأهم الذي كان يدور في أذهان الجميع متى يتم التحرير؟! مضت أكثر من سنتين ولا زلنا ننتظر متى تتحرر الموصل من هؤلاء العصابات، ولكن إن شاء الله قريباً ستعود الموصل إلى اهلها.

في الوقت الذي اكتب هذه الكلمات القوات العراقية تستعيد السيطرة على أغلب المناطق التي كانت تسيطر عليها داعش ولكن هذه الحرب سببت دمار كبير في البنى التحتية ولكن بسواعد أبنائها ستعود مثل ما كانت وهنا تنتهي رحلتي مع سقوط الموصل.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد