يبدأ أعضاء حزب العمال البريطاني التصويت اعتباراً من الاثنين 22 أغسطس/آب 2016 لاختيار زعيم لحزبهم من بين مرشحين هما جيريمي كوربن وأوين سميث، في أجواء مسمومة تهدد الحزب الذي تأسس عام 1900 في وجوده نفسه.
أمضى الحزب الرئيسي المعارض الغارق في أزمة عميقة منذ الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو/حزيران، صيفاً سيئاً تبادل فيه المعسكران الهجمات أمام أعين المحافظين الذين كانوا يراقبون الوضع بهدوء.
ومع بدء التصويت بالمراسلة، الاثنين، أمام الناشطين حتى 21 سبتمبر/أيلول لحسم الحرب على القيادة. وستعلن النتيجة بعد 3 أيام على هذا الموعد في مؤتمر استثنائي في ليفربول.
ويبقى كوربن الذي حقق فوزاً ساحقاً في انتخابات سبتمبر 2015 التي حصل فيها على 59.5% من الأصوات، المرشح الأوفر حظاً لقيادة الحزب مقابل النائب عن ويلز أوين سميث (46 عاماً) الصحفي السابق في شبكة "بي بي سي".
ويتمتع داعية السلام القيادي القديم في الجناح اليساري للحزب بدعم النقابات وغالبية الناشطين الذين ارتفع عددهم بشكل كبير في عهده وتجاوز عتبة النصف مليون.
إلا أن أكثر من ثلاثة أرباع نواب الحزب البالغ عددهم 230، لا يزالون يعارضونه. وغداة التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي قام 172 منهم بتوقيع مذكرة بحجب الثقة عن زعيمهم الذي يتهمونه بالتقصير في الدفاع عن بقاء المملكة المتحدة في الكتلة الأوروبية.
أجواء مسمومة
دعا رئيس بلدية لندن صادق خان، أمس الأحد، الى إسقاط كوربن. وقال خان إن "جيريمي أثبت أنه غير قادر على كسب ثقة واحترام الشعب البريطاني، وشعبيته في أدنى مستوى تاريخي لزعيم للمعارضة"، مشيراً الى أنه "خسر دعم أكثر من 80% من النواب العماليين". وتابع خان: "لا يمكننا ببساطة الاستمرار بهذا الشكل".
والشرخ بين جيريمي كوربن وجهاز الحزب كبير الى درجة أن ردمه يبدو شبه مستحيل.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوين ماري في صحيفة "إيفنينغ ستاندارد"، تيم بيل: "لا أرى بديلاً عن انشقاق في الحزب إذا فاز مرة ثانية".
وأصبحت الأجواء داخل حزب العمال مسمومة والمناظرات بين المرشحين جرت في مناخ متوتر جداً. وقال نواب إنهم تلقوا رسائل تتضمن شتائم أو عبارات ترهيب.
وألقي حجر من الآجر كسر زجاج نافذة المقر السياسي لأنجيلا إيغل التي كانت مرشحة للمنصب لفترة من قبل، بينما أرسلت صورة الى برلمانية أخرى هي جيسي فيليبس تبدو فيها وقد اخترقها سهم.
وقالت إنه إذا لم يتم تغيير زعيم الحزب، فستغادره.
"ثورة اشتراكية"
ويبدو الحزب على وشك الانفجار من الداخل لأن قوتين لا يمكن الجمع بينهما ظاهرياً، تتواجهان فيه. فمن جهة هناك البرلمانيون الذين لم يؤمنوا يوماً بأن الزعيم اليساري الراديكالي يمكن أن يفوز في انتخابات تشكل هدف أي حزب سياسي.
وفي الجهة الثانية هناك الناشطون ومعهم النقابات الذين يرون أنه الرجل الوحيد القادر على ممارسة قيادة سياسية يسارية حقيقية واستعادة دعم ملايين الناخبين المستائين في شمال إنكلترا معقله التقليدي.
وحزب العمال أسسته النقابات عام 1900 وتطور باتجاه عقيدة وسطية بين 1997 و2010 بقيادة رئيس الوزراء الأسبق توني بلير الذي فاز في الانتخابات 3 مرات متتالية.
ومنذ أن عاد المحافظون الى السلطة في 2010، يبحث الحزب عن هويته بين هذا الخط الوسطي وتيار يميل الى اليسار دفع به قدماً أيد ميليباند وسرعه جيريمي كوربن.
وأوين سميث خبير الترويج السابق غير المعروف خارج البرلمان، ينتمي هو نفسه الى الجناح اليساري للحزب. وهو يعد بـ"ثورة اشتراكية" لكنه يقول إنها ستكون "براغماتية" وليس "صيغة رومانسية تطيح الرأسمالية وتعود الى نيرفانا اشتراكية".
لكن يبدو أن هوة تفصله عن كوربن. وحتى محاولته استخدام الحجج السلمية لخصمه عندما قال إنه سيتحتم في وقت ما بدء محادثات مع جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية، لم تسمح بتحقيق أي تقارب بينهما. ورد جيريمي كوربن بوصفه بـ"المتسرع والمتهور".