يعاني الكثير من الشركاء من اختلاف مواعيد نومهم، ويدركون تماماً أن الأمر ليس مزعجاً فحسب، بل ربما يكون ضاراً للصحة وللعلاقة كذلك.
هنالك الكثير من الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى اختلاف مواعيد نوم الشريكين؛ بما فيها بعض العوامل الخارجية، مثل مواعيد العمل، أو اختلاف عادات ومواعيد النوم لديهم بالأساس.
يقول ديف بانيرغي وهو طبيب متخصص في اضطرابات النوم للنسخة الأسترالية من "هافينغتون بوست"، إنه "في حقيقة الأمر، أغلب الأزواج لا يذهبون للنوم في الوقت ذاته. بالنسبة لي، تذهب زوجتي للنوم قبلي بساعة، ثم ألتحق بها محاولاً عدم إزعاجها. إنها مشكلة موجودة في المجتمع، وفي حالتي الشخصية الفرق هو ساعة واحدة فقط".
يواصل بانيرغي، "الأمر مختلف تماماً عندما يكون دوام الشخص في المساء وحينها يذهب للنوم بينما يكون الطرف الآخر يستعد للاستيقاظ. في هذا الوقت، يريد شخص ما بداية يوم جديد والانطلاق، في حين يكون الآخر قد انتهى يومه بالفعل ويسعى لدورة كاملة من النوم، هنا تصبح كل الأمور معطلة".
من المؤكد أن الحل الأبسط لهذا النوع من مشكلات النوم يكمن في أن ينام الشريكان بشكل منفصل، بيد أن بحثاً أعده درو داوسون من جامعة سنترال كوينزلاند الأسترالية يرى أن هذه الطريقة يجب أن تكون آخر ما يمكن اللجوء إليه، حيث يقول داوسون "النوم في الوقت نفسه للزوجين يحمل الكثير من القيم العاطفية والمعنوية، وقد يكون الأمر مثيراً لأنه أصبح نادراً هذه الأيام".
يضيف داوسون، "قد تكون الأسباب الرئيسية لتلك المشكلة بالنسبة للزوجين هي إصدار أحد الزوجين صوت شخير، أو اختلاف توقيت نومهما المفضل. فقد يحب أحدهما السهر والآخر لا يحب ذلك. بالإضافة لبعض العوامل الخارجية مثل العمل ليلاً أو حتى وجود طفل رضيع".
ويوضح داوسون، "قد يرى البعض أن الحل بسيط للغاية، وهو أن ينام كل من الزوجين في مكان منفصل، وبذلك لا يقاطع أحدهما نوم الآخر، إلا أن فكرة وجود مكانين مختلفين للنوم هي صعبة للغاية بالنسبة لكثيرين. الرجال تحديداً هم الأكثر رفضاً لهذا الأمر، وهو ما قد يخالف اعتقاد الكثيرين؛ فالرجال يغضبون كثيراً في حال نوم الزوجة في غرفة أخرى أكثر من النساء. أعتقد أن تفسير هذا الأمر يمكن أن نجده في علم النفس التطوري، حيث تتزايد الشكوك الداخلية لدى الرجل في حالة عدم وجود زوجته بجانبه. على الرغم من تلك المشاكل، أرى أن هذا الحل يبدو مثالياً".
وفي حال عدم وجود نشاط جنسي في الليل، لا يبدو أن هناك مشكلة في عدم رغبة الزوجين أو عدم تمكنهما من النوم على سرير واحد. إلا أن ما لا يعرفه كثيرون هو أن الأمر يؤثر على جودة نومهما!
يقول بانيرغي، "مدى مقاطعة وإزعاج أحد طرفي العلاقة للطرف الآخر أثناء نومه يعتمد على مدى ثقل وعمق النوم لدى هذا الشخص، يجب أن نعرف أولاً إذا ما كان الشخص يستيقظ حال وجود أي حركة حوله أم لا".
ويضيف، "أغلب الناس يدخلون في مرحلة النوم العميق بعد فترة تتراوح بين 30 إلى 60 دقيقة من بداية النوم. لذلك، إذا كان أحد الزوجين سيذهب للنوم في وقت لاحق بعد الآخر، فسيكون من الأفضل أن ينتظر لمدة تتراوح بين نصف ساعة إلى ساعة قبل أن يتوجه للنوم بجانب شريكه حتى يسمح له بالوصول إلى مرحلة النوم العميق دون إزعاجه".
يواصل بانيرغي، "في حال وجود دوام مسائي، أعتقد أنه من الأفضل بالنسبة للعاملين أن يعملوا بشكل جماعي، فقد يساهم الفريق في لعب دور في هذا الأمر كسلوك جماعي، وقد يساعد في الوصول لحلول توافقية، كما يجب أن يقوموا بتنظيم خططهم مبكراً، وأن يُطلعوا الطرف الآخر عليها ليكون على دراية بما يفعله شريكهم في دوام مسائي واحد، وبناءً على مواعيد العمل في كل ليلة، سيمكنهم تخطيط حياتهم بشكل أفضل".
ويرى الطبيب المتخصص في اضطرابات النوم أن ليس كل الأسباب المؤدية لهذه الحالة تعد عوامل خارجية فقط، فقد يعاني أحد الطرفين من الأرق، وهو ما يسبب اضطرابات النوم بشكل أساسي، وقد تصبح حالته أسوء عندما يكون مضطراً للنوم بهذا النظام المختلف بجانب شخص آخر.
ويشرح بانيرغي قائلاً، "إذا كان أحد الطرفين لا يستطيع النوم، عادة ما سيرغبون في أن يستيقظ شريكهم، ما يسبب الكثير من القلق".
أما فيما يتعلق بشخير أحد الطرفين، فيقترح داوسون استخدام العلاجات المتاحة في السوق، "فثمة كثير من العلاجات المتوفرة، وفي الحالات الشديدة، قد نلجأ للتدخل الجراحي".
ويضيف، "لكن في نهاية المطاف، الأمر يعود بالأساس إلى التفكير الصحيح، واحترام الطرف الآخر، والتفاوض. فإذا كان أحد الطرفين محباً للسهر في حين أن الآخر ليس كذلك، فلا يجب أن تذهب إلى السرير وأن تبدأ بالقراءة في وجود الضوء، أو أن تقوم بفتح هاتفك الذي ستكون إضائته ظاهرة بشكل واضح وتستمر في ذلك لساعات. في حالة وجود رضيع في المنزل، يجب أن يتبادل الزوجان أوقات رعاية الطفل في الليل بحيث يحصل كل منهما على وقت كافي من النوم".
وأضاف الباحث الأسترالي، "أشجع الجميع على إدراك أن الأمر – حتى إن لم ينجح -، فهو ليس شخصياً عندما يتعلق بالتفريق بين المضاجع عند النوم. خاصةً مع تقدم أعمارهم، فالشريكان لا يمارسان الجنس مرات عديدة خلال اليوم. وفي الحقيقة سيعزز هذا الأمر من فكرة ممارسة العلاقة الحميمة في وقت النهار".
ويؤكد بانيرغي أن التفريق في المضاجع ربما يكون حلاً مثالياً للأشخاص الذين لا يفضّلون المشاركة في المضجع.
ويوضح قائلاً، "بكل تأكيد رأيت بعض الحالات التي وجدت حلا لمشكلتهم أياً كانت تلك المشكلة، وهم الآن يمكنهم العودة إلى غرف نومهم كي يقولوا (شكرًا جزيلاً، لا نريد ذلك، إننا سعيدون للغاية في غرف نومنا هكذا)".
أما الأشخاص الذين يعانون لإنجاح ترتيبات المشاركة في المضجع بطريقة مرضية للطرفين، فيرى بانيرغي أن أفضل حل لهؤلاء هو زيارة طبيب متخصص في مشكلات النوم.
ويشرح قائلاً، "إن كان الأمر متعلقاً بالأرق أثناء النوم، فيمكن معالجة الأمر من خلال ذلك، وأعتقد أنه سيكون أمراً رائعاً".
ويضيف بانيرغي، "إن كان الشخص يستيقظ في الليل أو يعاني من متلازمة تأخر مرحلة النوم، فيمكنه علاج ذلك من خلال الميلاتونين، على سبيل المثال، باعتبارها محاولة لممارسة النوم بشكل طبيعي. أما إن كان الأمر متعلق بتوقيت وأماكن النوم، فعلى الشخص أن يزور طبيباً متخصصاً في مشاكل النوم للحصول على نصيحته".
واختتم بانيرغي حديثه قائلاً، "لا بد أن نشير إلى أن تلك الأنواع من مشكلات النوم شائعة للغاية. فعادة ما يزورني زوجان يصدران شخيراً أثناء نومهم، وهما يقضيان وقت الاستشارة بأكمله في الجدال حول من منهما صوت شخيره أعلى. ينبغي علي شخصياً في هذه الحالة محاولة مساعدتهما، وألا أنزلق معهما نحو تقديم استشارات متعلقة بزواجهما، وأن أردّهم للب الموضوع الرئيسي، وهو مشكلات النوم".
هذه المادة مترجمة بتصرف عن النسخة الأسترالية من "هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.