قبل أن يأخذك التنسيق إلى جنة الخلد

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/26 الساعة 05:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/26 الساعة 05:27 بتوقيت غرينتش

ستعلم أن كل ما مضى كان كطرقة أولى في طريق يمتد بك نحو العديد من النجاحات وأخرى من الفشل، ولم يكن درس اللغة العربية والإنجليزية واللغة الثانية هو الأصعب، ولم تكن نظريات الفيزياء والكيمياء هي الأشد تعقيدا، وليست مواد التاريخ وعلم النفس والفلسفة هي الأكثر حفظا والأغرب فهما، وستدرك أن المواد الرياضية مجرد نقطة في بحر علوم الرياضيات، لذلك عليك أن تبتسم وتستجمع قوى التفاؤل الإنسانية والبشرية من كل حدب وصوب داخل قلبك الصغير كي تتمكن من إكمال المسيرة.

ليس القادم بكل حال هو الأسوأ، وأيضا ليس هو الأفضل، لذلك فإليك هذه الكلمات التي استجمعت شتاتها من مكنون خبرة عملية وحياتية من تجارب مماثلة منها الذاتية وأخرى عاينتها عن قرب لآخرين، لعلها تكون لك كبصيص ضوء تهتدي إليه بصيرتك فتفتح أمامك الطريق نحو ذلك القادم الذي ستحدده ورقة رغباتك ومعها أشياء أخرى.

يمكنك قراءة هذا المقال وأنت ترتشف فنجانا من القهوة على إيقاع الموسيقى التي تحبها في جو من الهدوء والصفاء النفسي، بعيدا عن رنات الماسنجر والواتساب وإشعارات الفيسبوك وتضع بذهنك صورة لذاتك التي تطمح لرؤيتها بعد عدة سنوات.


1
هدم الأفكار المعتادة ..

– لا تستمع لتلك الأصوات اليائسة المُحبِطة (كن متفائلا) فمستقبلك لن تصنعه أصواتهم وإنما لكل إنسان قدره الذي كتبه الله له.
– لا يوجد كليات قمة وأخرى كليات شعب، ولكن يوجد بجميع الكليات من هم في القمة، ومجموعة لا تريد سوى التخرج بمقبول.
– الكلية لا تصنع لك مجال عملك، فما يصنع مجالك في سوق العمل هي مجموعة الخبرات التي تجمعها خلال سنوات الدراسة بمجهودك من دورات تدريبية وممارسة فعلية للعمل الذي تريده.
– المال لا يجلبه لك سوق العمل، وإنما يجلبه اجتهادك وكفاءتك وحبك للعمل وتميزك عن غيرك، وبجميع المهن والأعمال، مجموعة مميزة ولها أهميتها بعملها، ومجموعة عادية، وهذا ما يحدد الفوارق بين الناس، فكن من الموهوبين ولا تكن من الموظفين (أصحاب الروتين).

2
الاختيار يبدأ بمعرفة قدراتك ..

– عندما خلق الله جميع البشر جعل لكل إنسان ما يتميز به عن غيره، فلو أن جميع البشر أصبحوا أطباء ومهندسين سيختل نظام الكون، فالاختلاف سنة كونية وضعها الله بين الناس ليتكاملوا فيما بينهم، وليس ليستغنى كل فرد عن الآخر.
– لا تختار ما يفرضه عليك من حولك، ولا تسمع لمن يقول لك بأن هذه الكلية أفضل من غيرها، ولكن عليك الاستماع فقط لهذا الصوت النابع من داخلك والذي يرشدك إلى ما تحبه وتتقنه.
– خلال ما مضى من عمرك ظهر لك ما تحبه وما تميل إليه نفسك ولديك القدرة على فعله، حدد مجموعة من تلك المهارات التي تحب فعلها ثم انظر إلى أي الكليات هي الأنسب لمهاراتك، ولا تغتر بمجموعك وتجعله يتحكم باختيارك، فكثير دخلوا الكلية التي حددها مجموعهم، ثم فشلوا بها فأضاعوا سنة أو أكثر من أعمارهم وبالنهاية قاموا بتحويل طريقهم إلى الكلية التي تناسبهم.

3
فزاعة تنسيق الجامعات ..

لن يأخذك تنسيق الجامعات إلى جنة الخلد، ولا إلى جحيم جهنم، فليحدد لك التنسيق ما يشاء وكن على يقين بأن الله هو من يقدر لك ما يشاء، فلا تضق صدرا بأن التنسيق جعلك مقيدا فيما لا ترغب، على العكس تماما، كن على قدر كبير من الثقة بقدراتك وإمكانياتك ومواهبك التي ستجعل منك إنسانا ذي قيمة وشأن.
كما ذكرت لك بأن الذي يحدد مجالك هو أنت وليس الكلية وليس التنسيق وليس كلام المثبطين من حولك، فحقيقة التنسيق تكمن في لعبة الأرقام التي تذهب بشخص إلى جامعات الأقاليم، وبآخر إلى كلية لا يرغبها، وستنغلق أمامك الخيارات، ولكن سيفتح لك عقلك أفقا عديدة تسير بها بمجهودك ورغبتك حيث تخلق لنفسك المجال الذي تحبه وتريده، وتأخذ من الجامعة مسمى "خريج جامعي"، وتحصل على ورقة لطيفة تجعلك من أصحاب المؤهلات العليا (على الورق)، بينما أنت على طريق آخر تبني قواعد مجالك الصحيح، وتصنع مؤهلاتك العليا الحقيقية فالشخص المؤهل تأهيلا عاليا هو صاحب القدرات العليا وليس صاحب شهادة المؤهل العالي، ومن ثمَّ تضع قدميك على الطريق الذي تختاره، والذي قدره الله لك.

4
الحياة فرص ..

– إن لم تجد الفرصة المناسبة، اصنعها.
– الفرص غالية، إذا أتتك اغتنمها.
– الفرصة التي تفوتك، ستذهب لغيرك.
القادم من حياتك هو مجموعة من الفرص ستبدأ بدخولك بوابة الجامعة، وكل يوم جديد سيأتي بحياتك عبارة عن فرصة، وقد يقدر الله لك أن تكون بمجتمع يجيد قتل الفرص، وإعدام الأحلام والمواهب فوق تلال التخويف والإحباط والأحقاد والنفوس المريضة، وصلب عزائمك وأهدافك على خشبة الفشل السياسي والإداري والقمع والوساطة والرشاوى بالدولة التي تستوطنها، وستعبر بأحلامك من سم الخياط، وعلى قدر المصاعب التي ستواجهك، على قدر ما ستجد لنجاحك قيمة وسعادة وفخر.

5
وأخيرا ..
الحياة ليست بالسواد القاتم، وليست بالوردية الحالمة، فلا تذهب بأحلامك بعيدا عن سطح الأرض والواقع، ولا تسجنها داخل الانهزام المبكر دون محاولات وتجارب، وامسك بخيط أحلامك كما يمسك الطفل بطيارته الورقية، يراها في السماء بينما خيطها بيده، فلا تفلت الخيط من يدك.

فإن كان الفشل هو السائد، فكيف حقق هؤلاء الناجحون في حياتهم العملية والمادية تلك النجاحات التي وصلوا إليها ؟! فليس النجاح بمضمون، كما أن الفشل ليس بقاعدة، والحياة بكل ما فيها هي مجرد دار اختبار تجتازه بحسن أعمالك التي ستأخذك إلى جنة الخلد، وليس طريقك الذي سيحدده لك التنسيق.

علامات:
تحميل المزيد