لمن ناموا الساعة العاشرة واستيقظوا الساعة الثامنة ما حدث في تركيا.. ثورة أم انقلاب؟

نزلت الشارع... كنت أبكي.. بين جموع من الناس، قالوا: "نريد سقوط التمرّد المسلّح وعودة الحكومة المنتخبة".. يا الله.. إنها ساحة رابعة، التي قتل فيها الآلاف.. إنها ساحة الساعة في حمص.. إنه ميدان التحرير.. إنها ساحة البوعزيزي... إنها بنغازي.. إنها صنعاء ومأرب وعدن... الله أكبر... الله أكبر... إنني في حج غفير.. تكبيرات... نساء ورجال... كلهم أتراك.. لكن معظمهم غير متدينين.. ربما غير مسلمين أصلاً... لا حجاب... ولا رايات لداعش... إنها فقط تكبيرات... تنطقها حناجر لنساء لبسوا حجاب الديموقراطية.. وخلعوا خمار الذل... قالوا الله أكبر...وهل هنالك أقوى من الله ليواجه المتمردين على إرادة الشعب؟..

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/16 الساعة 17:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/16 الساعة 17:52 بتوقيت غرينتش

لا لا.. لا لإطالة الكلام.. بعض المسائل واضحة كوضوح الشمس.. أي شمس؟.. شمس الله التي نعرفها جميعاً..
إن كنت من مؤيدي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.. فألف ألف ألف مبروك.. ما حدث في تركيا هو ثورة
وإن كنت من مؤيدي ثورات الربيع العربي.. فألف مليون مبروك.. ما حدث في تركيا هو انقلاب..
كلام مجانين أليس كذلك؟..
كلا، أنا لا أمزح، وحاشاك أخي العربي أن أستهتر بعقلك.. وهل يجرؤ أحدٌ في هذا العالم على الاستهتار بعقولنا غير الزعيم المناضل؟، لا أحد.. لا أحد أبداً

كنت مستقلاً الميترو، وهو نوعٌ من وسائل المواصلات التي لا نجدها بكثافة في معظم البلاد العربية، وإن صدف ووجدناها، فستكون على إحدى حالتين: إما مزدحمة بالناس درجة الاختناق.. أو مزدحمة بصور الزعيم.. درجة الاختناق..

الميترو توقف فجأة.. قال باللغة التركية: نعتذر لكم جميعاً… لن نستطيع المتابعة، الطرق مغلقة..

كان الموقف مفاجأً.. ليست المفاجأة في توقف الميترو.. لا لا.. هذه أمور نعتاد عليها… المفاجأة في الاعتذار.. لقد اعتذر مني سائق الميترو.. سأكتب على الفيسبوك.. سأحتفل.. وسأخبر أصدقائي.. إنها الحياة.. إنها الحرية…
لكن لحظة.. لماذا توقف الميترو؟

إنه انقلاب عسكري (لمؤيدي الربيع العربي)… إنه ثورة (لمؤيد الرئيس السيسي).. ماذا أفعل؟.. أنا أجنبي.. وحتماً سيسحقونني بالدبابة.. لأنني سوري.. واحد من 3 ملايين.. وواحد أجنبي بلا حقوق مدنية.. لا مانع من سحقه تحت الدبابة… أليس رئيس بلادي من بدأ بسحقنا بالدبابات؟.. أليس هو القائد العام للقوات المسلحة في سوريا؟.. وهل قائدنا العسكري أحسن من القائد العسكري للتمرّد… حاشا وكلّا… فليسحقني… سيعزيني على الأقل أني سأموت على نفس خارطة الطريق التي رسمها أولئك الذين ماتوا تحت جنازير الدبابات في بلدي الأم..
أسرح قليلاً… هي طبيعتي البشرية.. اعذروني..

نزلت الشارع… كنت أبكي.. بين جموع من الناس، قالوا: "نريد سقوط التمرّد المسلّح وعودة الحكومة المنتخبة".. يا الله.. إنها ساحة رابعة، التي قتل فيها الآلاف.. إنها ساحة الساعة في حمص.. إنه ميدان التحرير.. إنها ساحة البوعزيزي… إنها بنغازي.. إنها صنعاء ومأرب وعدن… الله أكبر… الله أكبر… إنني في حج غفير.. تكبيرات… نساء ورجال… كلهم أتراك.. لكن معظمهم غير متدينين.. ربما غير مسلمين أصلاً… لا حجاب… ولا رايات لداعش… إنها فقط تكبيرات… تنطقها حناجر لنساء لبسوا حجاب الديموقراطية.. وخلعوا خمار الذل… قالوا الله أكبر…وهل هنالك أقوى من الله ليواجه المتمردين على إرادة الشعب؟..

على الأرجح انتظرت رصاصة… لكنها لم تأت.. ما أتى فعلاً هو حشود من الناس… ملأت الشوارع.. وجرّت الدبابات من فوهاتها.. هيا بنا إلى ثكناتكم… نحن انتخبنا هذه الحكومة.. وأنتم لا تريدونها… ونحن لا نريدكم… إنه واقع الحال… أليس الشعب أقوى من الطائرات؟

10 ساعات كانت كافية لحسم الموقف نهائياً.. تمرّد عسكري.. ثم تمرّد مدني على التمرّد العسكري، ثم عودة الأمور إلى نصابها..
عادت الحكومة.. وعاد الرئيس.. وعاد الشعب إلى المساجد والمقاهي والحانات وملاعب كرة القدم.. وقاعات السينما…

إنه انقلاب.. عندما خرج الجيش ليكسر إرادة الشعب وصوته الانتخابي…
إنها ثورة… عندما خرج الشعب.. ليكسر إرادة حفنة من جنود الجيش "الانقلابيين".. وأعاد الأمور إلى نصابها..
إنها إرادة الله…

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد