1
الطفلُ الذي كان يمسكُ لنا المصباحَ
لنسرقَ "كِيزان " الذُرةِ من الغيطانِ
صار "شاعراً"
يُطاردُنا من النوافذِ بمرآةٍ مكسورةٍ
تُزعجُ قُبُلاتِنا المسروقةِ
في الغرَفِ المُظلِمةِ
ثمَّ صار الشاعرُ رسولاً
والرسولُ مِرآةً مكسورةً
في يَدِ الولدِ
الذي كان يرتدي ملابسَ عسكريَّةً مزوّرة
ينظِّم مُرورَ المواشي بين التُّرَعِ
والطينِ
وكُنَّا نُسمِّيهِ "جِنرالُ القَمْحِ"
مَرَّة فاجأََنا الجنرالُ بمصباحٍ مُظْلِمٍ
عليه صوَرُ الذُّّرةِ المسروقةِ والقبلاتِ
التي سقَطَتْ من الشرفاتِ
على حدودِ المرايا المُتكسِّرةِ
صادَرَتْها الفئرانُ في الشوارعِ الجانبيَّةِ
قبل مرورِ الجنرالِ في نَوبتِهِ الصباحيَّةِ
لتَفَقُّدِ القَطيع
2
كان الجنرالُ مَهيباً بِزِيِّهِ المستعارِ
جلبابٌ مُمزَّقٌ ونجومٌ صدِئَت
قبل أن تستقرَّ فوق كتفٍ مُتَهدِّلٍ
والظهرُ المَحْنيُّ يُغري بالضحكِ
لكنّنا كُنَّا نخافُ من جنرالِ القمحِ
وهو يَرفعُ سكّيناً ليمزِّقَ أردِيَةَ الهواءِ
أو يدفعَ بقرةً إلى حتْفِها في التُّرْعَةِ
ليصطادَ فراشةً أزْعَجَت نجمةً بين الكتفِ والحُلمِ
في يومٍ كنَّا نمضي لِتُرابِ اللَّعِبِ
فاجَأَنَا الجنرالُ بضحكتهِ اللَّزِجَة
والوجْه الممزوج بطينِ الرَّهَبوت
فانْحَبَسَتْ في أعْيُنِنا دَمْعة
لكِنَّا أطْلَقْنا صافرةً مرتعشة
نطلبُ نجدةَ أهْلينا
فارْتَعَشَ الخوفُ بِعَيْنِ الجنرالِ
وبكَى فوق المصطبةِ الطينيةِ
وقال: أخافُ الصافرةَ
فهي النَّفْخَةُ في الصُّور
3
الصافِرةُ تُخيفُ النجمات المَرصوصة فوق الكتفين
الصافرةُ هواءٌ يتنفّسُ بَشَرًا في الصّرخاتِ
عَرَفنا أنّ الجنرالَ يخافُ القمحَ
وقطاراتِ الفَجرِ
من يومِ الصافرَةِ المُرتعِشة
صار الجنرالُ صديقًا نتَذكّرُه الآن
وسِكِّينُ الوقتِ يُمزِّقُ أَرديَةَ الصمتِ
ونضحكُ من صافرةٍ ظلَّت محبوسة
في أوراقٍ سريّة تحت الجِلد
ظَلَّ الجنرالُ حَبيس السُّنبلةِ الخَرساء
حتّى إذا فَسدَ القمحُ
خرجَ عليْنا في زينَتِهِ من فُوَّهةِ الطّينِِ
بجُثثٍ كانت مَطمورَة
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.