الاتحاد الأوروبي والاتحاد العربي

أما في عالمنا العربي فالفكرة بالعكس تَماماً، فنحن من العراق شرقاً الى المملكة المغربية غرباً مُتشابهون في اللغة والعادات والتقاليد والتاريخ والقضايا السياسية حتى العُملة مُتشابهة في الكثير من الدول فالدينار والليرة والجنيه والريال والدرهم مُستخدمة في دولتين أو أكثر، ومع ذلك ما زالت كلمة اتحاد مُضحكة ومن يتحدث بها يُسمى ثورياً أو قومياً أو صاحب فكرة مُستحيلة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/04 الساعة 06:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/04 الساعة 06:35 بتوقيت غرينتش

ما زال خبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يُذهل العالم؛ حيث فاجأ أوروبا والشعب البريطاني قبل الجميع، وقد سادت حالة حزن كبيرة بين الدول الأعضاء، كيف لبريطانيا أن تخرج لا يُمكن تصور ذلك.

إن حَجم الخَسائر الاقتصادية والسياسية الناتجة عن الانفصال كبير؛ حيث إن الجميع أمام حالة ضبابية لا يعرفون ما هي نهايتها، الصدمة الكبرى كانت في كيف يُمكن لدولة في الاتحاد الذي جمع الكثير من الدول الأوروبية أن تنفصل، البعض من البريطانيين طالبوا بإعادة الاستفتاء، أما المُفوض البريطاني في الاتحاد الأوروبي فَقد أجهشَ بالبكاء؛ لأنه لم يتصور حالة الخروج فهي نَتيجة تُعتبر مُتخلفة وغَريبة في نَظرهم.

لقد جَمع الاتحاد الأوروبي الكثير من الدول غير المتشابهة في اللغات والعادات والتقاليد تَحت علم يُمثلها وعُمله تُوحدها، مع تقريب وتَوحيد الاقتصاد والسياسة والقوانين، بالتالي فَتح فُرص هائلة في كل المجالات للتطور والتقدم، فمن يقرأ كيف تم تَحقيق فكرة الاتحاد الأوروبي سَيكتشف حَجم الوقت الكثير والجهد الكبير للوصول الى مرحلتهِ الحالية؛ لأنهم آمنوا بفكرة الاتحاد لتعزيز مَكانتهم وقُوتهم.

أما في عالمنا العربي فالفكرة بالعكس تَماماً، فنحن من العراق شرقاً الى المملكة المغربية غرباً مُتشابهون في اللغة والعادات والتقاليد والتاريخ والقضايا السياسية حتى العُملة مُتشابهة في الكثير من الدول فالدينار والليرة والجنيه والريال والدرهم مُستخدمة في دولتين أو أكثر، ومع ذلك ما زالت كلمة اتحاد مُضحكة ومن يتحدث بها يُسمى ثورياً أو قومياً أو صاحب فكرة مُستحيلة.

ورغم تجارب الاتحاد الفاشلة التي حدثت سابقاً مثل "الجمهورية العربية المتحدة" بين مصر وسوريا، والاتحاد العربي الهاشمي بين مملكة العراق والمملكة الأردنية، واتحاد الولايات العربية المتحدة بين الجمهورية العربية المتحدة والمملكة المتوكلية اليمنية، ولكن في نفس الوقت هناك تَجارب ناجحة للدول العربية مثل تأسيس جامعة الدول العربية التي رغم ضعف فاعليتها فإنها خطوة جيدة، كذلك مجلس التعاون الخليجي الذي نجح في تحقيق مَكاسب أمنية واقتصادية وسياسية، فكلاهما لم يأخذ وقتاً وجهداً بسبب التشابُه الكبير بين الدول العربية.

ولو تَمت مُقارنته مع الاتحاد الأوروبي لظهر فرق شاسع في حجم الوقت والجهد، إن فكرة الاتحاد العربي الجديدة هي ليست بجعل كل الدول تحت عَلم وعاصمة وحاكم واحد وقانون يَسري على الجميع، فلا يُمكن تَحقيق ذلك، ولكن في أخذ تجربة الاتحاد الأوروبي مثالاً، فهو استطاع تقريب وتوحيد الاقتصاد والسياسة والقوانين لدول مختلفة بناء على تنازلات مقدمة من الجميع مع دراسة الظروف الخاصة لكل دولة وشعب، وهذا يُؤهل لفتح فرص هائلة في كل المجالات للتطور والتقدم في جميع المجالات؛ لتكون فوائد الاتحاد كبيرة للجميع لتعزيز مَكانتهم وقُوتهم.

إن الهدف من هذا الطرح هو ليس لانتقاد الحال العربي، خصوصاً أنه يمر بوقت عصيب مليء بالتخبطات السياسية والتدخلات الخارجية، ولكن في إعادة بناء فكرة الاتحاد بشكل مُختلف، خاصة أن الفرصة أصبحت أكبر لمشاريع كهذه، ففي السابق كان وجود الديكتاتوريات عائقاً أمام أي محاولة إصلاح أو تغيير في الوضع العام للبلاد.

الخلاصة في هذا الطرح هو كيف للشعوب المُختلفة في كل شيء تسعى إلى الوحدة وتُناضل في سبيل التوحد في كيان كبير وفي نفس الوقت تنبذ الانفصال رغم أنهم يتنازلون عن جزء من سلطاتهم على البلاد لتنفيذ قوانين الوحدة؟ في المقابل كيف لشعب موحد مُنذ القدم يُحافظ على التفرقة ولا يمكنه التفكير بالوحدة أبداً؟!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد