تولى بيل كلينتون حكم أميركا عام 1993 وبعد ثلاث سنوات من حكمه، ظهرت حركة طالبان عام 1996، ثم تولى الحكم من بعده جورج دبليو بوش عام 2001 حيث كانت ذروة عمل تنظيم القاعدة خلال فترة تولي بوش الحكم، وخاصة عام 2004 وفي العراق تحديداً، بالرغم من ظهورها الأول عام 1988 خلال فترة تولي رونالد ريغان حكم أميركا، والذي ينحدر مع بوش الابن من الحزب الجمهوري، وقد تولى حاكم أميركا الحالي باراك أوباما الحكم بعد بوش مباشرة عام 2009 وسيغادر في يناير العام القادم 2017 وقد ظهر في عهده أخطر التنظيمات على الإطلاق ألا وهو تنظيم الدولة الإسلامية -داعش- تحديداً في عام 2011 وتم إعلان الخلافة عام 2014 أي بعد عامين من حكم أوباما.
بعد كل هذه المصادفات التي لا تقبل الشك أو القسمة على أثنين، ماذا سيصنع الرئيس الأميركي القادم للعالم؟! الغريب في الأمر أن جميع هذه التنظيمات المتطرفة تدعي أنها سنية الفكر والمنهج والعقيدة، لكن السنة منهم براء وأكثر من تضرر من هذه الجماعات المتطرفة هم أهل السنة، حيث عانوا من القتل والتهجير والفقر إضافة إلى ضياع مستقبل أولادهم وأجيالهم القادمة وغير ذلك من الأمراض القيمية والمجتمعية التي أصابت المجتمع السني.
المثير للاهتمام هو بدء كشف الإعلام الدولي على -استحياء- عن دور الأجهزة الاستخباراتية الغربية في صناعة "فرانكشتاين" "أميركا" بعد أحداث أورلاندو التي نفذها المسلم الأفغاني الأصل الأميركي الجنسية والمنشأ عمر متين، والتي راح ضحيتها أكثر من 110 أميركيين بين قتيل وجريح، تزايدت فوراً شعبية دونالد ترامب المرشح المتطرف للرئاسة الأميركية عن الجمهوريين بدليل الخطاب الذي ظهر فيه باراك أوباما عقب حادثة أورلاندو، والذي وجه فيه انتقاداً لاذعاً على تعليقات ترامب المناهضة للمسلمين عامة والمسلمين الأميركيين بصورة خاصة حيث صور أوباما نفسه للمسلمين أنه المدافع والمخلص لهم والعكس صحيح.
تنظيم.. حركة.. جيش.. مجموعة.. "الوهابية"، هذا ما سيتم إظهاره للعالم هذه المرة ليتم الانتقام من أكبر عدد من المسلمين تحت هذا المسمى، بعد أن تم استهلاك جميع المسميات التي تم صناعتها وفق ما كانت تتطلبه أجندات قادة البيت الأبيض كل حسب حاجته، ووفق المخططات الاستخابراتية فهي تطبخ على نار هادئة والمستهدف الحقيقي والعلني هذه المرة إذا تولى ترامب مفاتيح البيت الأبيض هو محاربة دول الخليج عامة والمملكة العربية السعودية خاصة تحت حجة محاربة الفكر الوهابي.
يحترم المثقف الغربي العادات والتقاليد والأديان للشعوب الأخرى لكنه يعاني من حساسية غريبة تجاه الإسلام السني! إن عداء ترامب للسعودية يتعدى مسميات حقوق الإنسان وحقوق المرأة والتطرف وغيرها، بل هو ضد الإسلام السني بالتحديد، لكن في المقابل جميع هذه الأمور مرتبطة ببعضها، فهم يكرهون فكرة التطرف في مبادئ الفكر الوهابي على حد قولهم ووضع المرأة وحرية الرأي، أثبتت ذلك لهم وأعطتهم الحجة الكافية، فالحكومة الأميركية تدعي احترامها لمن يطبق قوانين حقوق الإنسان والمرأة والحريات الشخصية، وتعتبر الولايات المتحدة من أكثر دول العالم صخباً وضجيجاً بالحديث عن حقوق الإنسان وشعاراته، كما أنها الدولة الأكثر استخداماً لورقة حقوق الإنسان في سياستها الخارجية، إلا أنها على صعيد الممارسة الفعلية تعد الدولة الأخطر على مر التاريخ التي انتهكت وتنتهك حقوق الإنسان، أما كل هذا الضجيج والصخب -الأميركي- حول حقوق الإنسان لم يكن سوى ستار، أخفى خلفه نزعة التوسع والسيطرة التي طبعت الإمبراطورية الأميركية منذ نشأتها وقيامها فوق تلال من جماجم عشرات الملايين من الهنود الحمر، وما خلفته في العراق وأفغانستان من جرائم ترتقي إلى أن تكون جرائم حرب كبرى وهكذا فإن حقوق الإنسان كانت هي اللافتة التي اتخذتها الولايات المتحدة ستاراً لارتكاب أبشع ممارسات انتهاكات الإنسان في تاريخ البشرية، فممارساتها لا تختلف عن ممارسات التنظيمات المتطرفة التي صنعتها أميركا وساعدت على ظهورها وروجت لها المخابرات الغربية.
تنظيم داعش سيختفي ويخفت ضوؤه خلال الفترة القليلة القادمة بحسب الخطة المخابراتية الأميركية، لكن نهاية داعش لا تتم إلا بنهاية الفكر الوهابي الذي تأسست السعودية عليه كما هو مدون في أجندة الرئيس الأميركي الأوفر حظاً دونالد ترامب، بهذه الذريعة ستتغير أحداث المنطقة والتحالفات الدولية، في حين يعلم الجميع أنها لعبة مخابراتية كبيرة لكنها واضحة المعالم ومكتملة الأركان.. إنها تتبنى تشويه سمعة الإسلام السني دون غيره.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.