يَحتدمُ النقاش في البرلمان حول مُشاركة الحشد الشعبي في تحرير الموصل بين الحكومة والقوى السُّنية التي ترفض وتقول إنها تنقل رفض أهالي المحافظة أيضاً، خاصة بعد أن شاهدوا أعمال الحشد الشعبي في مُحافظتَي صلاح الدين والأنبار، فهم لا يريدون استبدال داعش الإرهابي بمجاميع لا يمكن السيطرة على تصرفاتها.
أما الحكومة فتصر على مُشاركة الحشد الشعبي كقوة اقتحام رئيسية رغم أن رئيس الوزراء حيدر العبادي قد ذكر في خطاباته أن هناك تجاوزات للحشد الشعبي، والتي أكدها أبومهدي المهندس وهادي العامري وغيرهما، أيضاً بنية الحشد الشعبي تعتبر سبباً رئيسياً لعدم رغبة القوى السنية وأهالي المحافظة وذلك لسببين:
الأول هو المدنيون الذين تم تدريبهم لأيام أو أسابيع، قد أرسلوا على شكل مجاميع متكونة من عدد من الأفراد تحت قيادة شخص لا يُعرف عن ماضيه شيء إن كان عسكرياً أو مدنياً أو أي شيء آخر، غير مرتبطة بقيادة موحدة قوية تشرف على تحركاتهم، بالتالي من الطبيعي أن تقوم بأعمال مبنية على رأي قادتها، ما يجعلها مجاميع خطرة، السبب الثاني أن هناك جُزءاً من الحشد الشعبي تكون من ميليشيات كان لها تاريخ في تجاوز الأجهزة الأمنية وسلطات الدولة، بل كانت تملك نقاط تفتيش وقامت بحملات اعتقال وقتل واغتيال، هذه الميليشيات تتبع أجندات قادتها الذين أيضاً لا يرتبطون بقيادة موحدة قوية للإشراف عليهم، فهم يتحركون بشكل أخطر من التنظيم المدني، بالتالي هناك ضعف في السيطرة عليها في مناطق القتال وتجاه المدنيين.
إن القاسم المشترك للمجاميع المدنية والميليشيات المقاتلة المنضوية تحت الحشد الشعبي هو أن البعض منهم قام بأعمال إجرامية مثل القتل، والتهجير، وتفجير جوامع، واستهداف طائفي وهو السمة الدارجة والتي يُتهم بها الحشد، أو قاموا بسرقات لممتلكات المواطنين وبيعها في أسواق بغداد، حتى إن هذه السرقات وصلت إلى معدات مصفى بيجي، مع دعم هذه الأعمال بتسجيلات وصور من قِبل مُنفذيها، ولا غرابة في ذلك بسبب عدم وجود عقوبة قانونية أو هيئة مُختصة بمحاربة هذه التجاوزات كما هو موجود في بنية الجيش النظامي، ولذلك تستمر بعض المجاميع برسم صورة ذهنية سيئة لكل الحشد الشعبي، فالمثل يقول إن "التفاحة الفاسدة تفسد كُل التفاح في السلة".
لهذه الأسباب تقدم القوى السنية حلاً أسلم وأفضل يبعد الشبهات ويطمئن أهالي الموصل، وهو الحشد الوطني، الذي يعد أفضل من الحشد الشعبي لمهمة تحرير الموصل، فبنيته الأساسية من أبناء المحافظة، الذين تمت تهيئتهم وتدريبهم، ما يعني أن الإعداد للحشد الوطني أفضل من الحشد الشعبي، الذي لا يعرف مَن قام بتدريب أبنائه ولا يعرف كم من المدة استغرق إعدادهم للمشاركة في القتال، وإضافة إلى ذلك هناك الجانب المعنوي المرتفع للحشد الوطني الذي يجعله في وضع استعداد نفسي للقتال، فهناك دوافع كبيرة لاستعادة المحافظة التي سُلمت إلى داعش بأوامر من المالكي وقادته.
إن النقطة الأبرز في الحشد الوطني هي أنه أسس على شكل تنظيم عسكري يتبع لقيادة موحدة وليس على شكل مجاميع مدنية مُنفصلة، وحتى لم تدمج في داخلة ميليشيات سنية كحال الحشد الشعبي، بالتالي فالسيطرة على أعمال الحشد الوطني تكون أفضل وضمان عدم القيام بأعمال إجرامية أو سرقات هو أعلى، ورغم هذه الاختلافات يمكن مُشاركة الحشد الشعبي؛ لأنهم بالنهاية من أبناء العراق، ولكن كقوة مساندة إضافية بعد الإسناد الأميركي وليست كقوة اقتحام رئيسية، وبالتالي يكون تحرير الموصل أسرع من باقي المحافظات وأكثر أماناً وشفافية، تجاه القوى السنية وأبناء المحافظة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.