اعتبر المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأميركية دونالد ترامب أنه يستحق التهاني بتغريدة له على موقع التغريدات القصيرة توتير قال فيها: "أقدر التهاني لي؛ لأنني كنت محقاً بشأن الإرهاب الأصولي الإسلامي.. لا أريد تهاني.. أريد شدة ويقظة.. ينبغي أن نكون أذكياء".
وهذا ليس غريباً فلا نشوة ولا فرح لأحد تعادل فرحته بما حدث، وإن كان على حساب أبناء جلدته وشعبه.. وهو كحال تنظيم الدولة المتطرف، فلا يحب المتطرف إلا متطرفاً مثله، وكما يقولون فعدو عدوي صديقي، ولا عداوة اليوم أكبر من عداوة تنظيم الدولة الإرهابي الشاذ للدين الإسلامي الحنيف وقيمه السمحة من جهة، وكذلك عداوة ترامب للإسلام أيضاً من جهة أخرى.
والقتل الذي حدث في نادٍ ليلي للمثليين -وإن كان لا يقره الإسلام ولا أي دين سماوي آخر بل ولا تقبل به أي قيمة بشرية أو فطرة إنسانية سليمة- فإنه لا يباح مطلقاً قتل هؤلاء ولا إقامة الحد عليهم من منطلق الانتقام الفردي والاشمئزاز الفطري من أفعالهم..
ورغم قلة يقيني وقناعتي بنظرية المؤامرة المفضية إلى (السفر عبر الزمن) في أقصى تجليات الحالمين بها، فإن الأخبار التي أوردتها الـ"سي إن إن" الأميركية وغيرها تدعو للشك والريبة، بتاريخ الثاني من يناير/كانون الثاني لهذا العام، قامت طائرات بكتابة رسائل ضد ترامب في سماء كاليفورنيا، وذكرت الشبكة أن من الرسائل التي خطتها الطائرات "أي شخصية إلا ترامب" و"ترامب يحب الكراهية" و"ترامب منقطع عن الواقع"، وكذلك ظهور نتائج استطلاع أجرته "رويترز" و"مؤسسة إبسوس"، نشرت نتائجه الجمعة، تقدم المرشحة الديمقراطية المفترضة هيلاري كلينتون بفارق 11 نقطة في سباق الانتخابات الأميركية، وغيرها الكثير، وهذا يعكس تضاؤل فرص ترامب بالفوز بالانتخابات الرئاسية، وخسارته لكل ما قام به عبر شهور طويلة.
إلا أن الدماء في فلوريدا ورسائل التأييد لترامب والتهاني المتبادلة بينه وبين التطرف الذي يرفع رايته ويتكلم بالنيابة عنه، كفيلة بإحياء حظوظه ورفع نقاطه وأسهمه بأي استطلاعات قادمة للرأي!!
لا نريد طبعا القول إن ترامب هو من أرسل "متين"، ولكنها ذات لغة الكراهية التي يتكلم بها الاثنان، ولكن "متين" تكلم بها لساعات معدودة وانتهى، وترامب سوف يبقى يتكلم بها لوقت طويل لا نعلم متى ينتهي.
إن فعل "متين" لا يعبر إلا عن نفسه وفكر من بايعهم باللحظات الأخيرة له عبر الهاتف! كما أن خطابات ترامب لا تعبر إلا عن نفسه ومن أرسل له التهاني عند مقتل أبناء جلدته.
إن هذا القتل الذي تقوم به داعش عبر شخص لا يمت للدين بصلة -كما قال والده- لا يختلف عن قتل الطائرات الأميركية والروسية والإيرانية والإسرائيلية وميليشيا الحشد الشعبي وغيرها لأبناء الفلوجة والعراق وسوريا، بحجة مقاتلة داعش ذاتها (فكلهم يقتلون) الفارق بينهم من حيث العدد، فما فعله "متين" ويعتبر أكبر مجزرة ومقتلة بتاريخ أميركا الحديث بقتل 50 شخصاً وإصابة 50 آخرين، هو بالنسبة لأهل العراق وسوريا وفلسطين رقم صغير معتاد من الضحايا لا تاريخ له أصلاً.
إن تهاني ترامب لمتين (السذاجة) تدعو العالم أجمع والمجتمع الأميركي على وجه الخصوص ليس للوقوف دقيقة صمت إلى جانب أسر الضحايا، وإشعال الشموع، ووضع أكاليل الزهور وحسب، بل ووقف آلات القتل في كل مكان، والشعور بالآلام التي يتسبب بها التطرف والإرهاب والقتل أياً كان مصدره حول العالم، وما يلحق من الأضرار الجسيمة للضحايا الأبرياء وأسرهم والمجتمعات بأسرها من حولهم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.