مؤشر (KPI) في برنامج التحوّل السعودي

ولذلك صار هذا المقياس التقني هو السلطة الذي تتجه نحوه أنظار أصحاب الاستراتيجيات ومنفذيها ممن يحرصون على تحقيق أهدافها وجعل التحوّل والتطوير واقع ملموس عملوا له بإخلاص ووفروا لها مبادرات يمكن قياسها باستخدام هذا المؤشر العالمي.

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/23 الساعة 04:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/23 الساعة 04:57 بتوقيت غرينتش

يُعد برنامج التحول الوطني الذي دشنته المملكة العربية السعودية مؤخراً هو أحد أكبر مشروعات التحوّل والتغيير العملاقة ، ليس على المستوى الإقليمي فحسب وإنما حتى المستوى الدولي ، وذلك بالنظر إلى أمرين : أولهما : الثقل الاقتصادي والسياسي للسعودية . وثانيهما : أهداف هذا البرنامج الذي تأتي على رأس أولوياته تنويع مصادر الدخل ومواجهة انكماش أسعار النفط وبلوغها مستويات غير معهودة ليس من المتوقع عودتها إلى سابق عهدها أو قريباً منها ، على الأقل في المنظور القريب .

ومما تمتاز به هذه الخطة أيضاً هو احتوائها على أكثر من (500) مشروع ومبادرة سيجري تنفيذها وفق أعلى مستويات الكفاءة والفعالية وكذلك الجديّة التي ستنقلها من مجرّد أحبار على الأوراق إلى واقع ملموس في حياة المجتمع السعودي . وبالتالي أي مراقب ومتابع لتفاصيل برنامج التحوّل الوطني السعودي يدرك من الوهلة الأولى أنه برنامج عملي مفعم بالحيوية وليس عبارات إنشائية تم تدبيجها تحت مسمى خطة أو استراتيجية تسترق الأضواء وتستجدي الإعلام فيما هي ليست قائمة على أسس واقعية أو نوايا صحية نحو التحوّل والتطوير ، وهو حال مؤسف للكثير من الخطط والاستراتيجيات التي بات يُعلن عنها ، سواء على مستوى الدول أو المؤسسات ثم سرعان مايُكتشف أنها مجرّد فقاعات أو ( شو ) إعلامي ، وفقط .

على أن أكثر ما يميز البرنامج السعودي للتحوّل ويستحق الإشادة به هو اعتماده على مؤشرات قياس الأداء ، بل اعتبارها ركنا أساسياً لهذا البرنامج بحيث أنه تم تخصيص جهاز بمسمى ( المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة ) في خطوة – ربما – هي سابقة على مستوى مراقبة ومتابعة التنفيذ في عموم عالمنا العربي والإسلامي بالذات الذي تكون كثرة من استراتيجياته قائمة على نوع من ( التخبط ) ومبنية على مشروعات ومبادرات مفتوحة الآجال والآماد ، بلا مواعيد ولاميزانيات !

مؤشر قياس الأداء (Key Performance Indicators) واختصاره (KPI) أصبح في عالم اليوم علم قائم بذاته ومرتبط بالمشروعات الحضارية في غالب الدول المتقدّمة ، لايكاد ينفكّ عن استراتيجياتها ، وذلك باعتباره أحد العوامل الحاسمة في معرفة مقدار التقدّم الذي يجري أثناء التنفيذ والوصول إلى نقاط الضعف والقوّة والتغلب على سائر المعوّقات . الـ (KPI) هو مقياس عن طريقه تستطيع الدول أو المؤسسات اتخاذ قرار الاستمرار في الاستراتيجيات أو التوقف .

ولذلك صار هذا المقياس التقني هو السلطة الذي تتجه نحوه أنظار أصحاب الاستراتيجيات ومنفذيها ممن يحرصون على تحقيق أهدافها وجعل التحوّل والتطوير واقع ملموس عملوا له بإخلاص ووفروا لها مبادرات يمكن قياسها باستخدام هذا المؤشر العالمي.

الجهات التي ساهمت في إعداد برنامج التحوّل الوطني السعودي وعددها (24) جهة حكومية ، والإمكانيات والكفاءات التي جرى تخصيصها للبرنامج والرعاية التي يحظى بها من أعلى مستويات القيادة بحيث أن يترأس فريق البرنامج صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي ولي العهد ؛ كل ذلك يجعل أو يدفع بأصحاب القرار في دولنا العربية والإسلامية لأن تحتذي بهذه الاستراتيجية السعودية الطموحة والدقيقة جداً ، بل ويدرسونها بكامل تفاصيلها ، ويركزوا بالذات على مقياس مؤشر الأداء (KPI) باعتباره مصدر الرقابة والمتابعة الذي – بالفعل – نحتاجه لتسيير العديد من الخطط والاستراتيجيات التي ما أن تبدأ حتى تعتريها عوامل التعثر ثم تنهش فيها أسباب الصدأ والبلى ، وتنتهي إلى لاشيء.

سانحة:
مما تعلّمته في حياتي : أنه ترتفع قيمة السفهاء عندما ينشغل بهم العقلاء ..

تحميل المزيد