استثمرت إيران علاقتها بالسياسيين العراقيين الموالين لها منذ أبريل/نيسان عام 2003 في إشباع السوق العراقية بالبضائع والسلع الإيرانية منخفضة الجودة والكلفة، بحيث لا تستطيع أي صناعة عراقية منافستها بسبب المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها العراق، وسعياً منها إلى منع العراق من إنشاء المعامل والمصانع التي تسهم بتوفير فرص العمل لشريحة كبيرة من العراقيين العاطلين عن العمل، الذين بلغت نسبتهم أكثر من 25% نهاية عام 2015، بحسب آخر إحصائية لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق.
إن معظم المشاريع الاستثمارية في العراق تنفذها شركات إيرانية وبأسعار خيالية وبمواصفات رديئة جداً تصل إلى دون الصفر، إن وجدت مشاريع فعلاً على أرض الواقع؛ لأن أغلب المشاريع في العراق عبارة عن حبر على ورق!
شهد التبادل التجاري بين العراق وإيران تصاعداً ملحوظاً خلال العقد الماضي، فبعد أن كان في أدنى مستوياته قبل احتلال العراق في 2003، بلغ ما يقارب مليار دولار سنوياً عامَي 2004 و2005، ثم ما لبث أن ارتفع إلى 4 مليارات دولار عام 2008، ولكنه ارتفع بصورة كبيرة عام 2013 ليبلغ ما يقارب 12 مليار دولار، ثم 18 ملياراً في عام 2015 ارتفعت وتيرة التبادل بين البلدين بالرغم من تهاوي أسعار النفط لمستويات متدنية، والعجز الكبير في موازنة الدولة العراقية، مع وجود تحذيرات أطلقتها مؤسسات ومنظمات دولية من احتمال إفلاس الخزينة العراقية قبل نهاية عام 2017، في حين تطمح طهران إلى أن تصل بالتبادل التجاري مع العراق إلى نحو 20 مليار دولار نهاية 2016، إضافة الى أن 80% من الخدمات التقنية والهندسية في العراق تقوم بها شركات إيرانية، وأن قيمة تلك الخدمات تجاوز الـ4.5 مليار دولار، هذه الأرقام رسمية وعلى لسان الملحق التجاري الإيراني في العراق، محمد رضا زادة.
أما الجانب الأهم بالنسبة لإيران الذي أضر العراق كثيراً، هو استحواذ إيران على السياحة الدينية في العراق، التي يعتمد الكثير من أهالي محافظتَي كربلاء والنجف ومدينة الكاظمية في بغداد، وسامراء بمحافظة صلاح الدين "وهي مدن مقدسة لدى المسلمين الشيعة لوجود مراقد الأئمة فيها" على السياحة الدينية كونها مدناً تستقبل أسبوعياً آلاف الزائرين الإيرانيين والخليجيين والآسيويين، حيث عملت إيران على استثمار هذا الجانب السياحي المهم منذ أبريل عام 2003 إلى غاية اللحظة، عن طريق "شركة شمس الإيرانية" وهي شركة تسيطر على السياحة الدينية في العراق منذ سقوط النظام العراقي السابق، وتتمتع بامتيازات لا تتمتع بها أي شركة عراقية، وأن هذه الشركة الإيرانية تفرض على أصحاب الفنادق في كربلاء والنجف وبغداد وسامراء تلقّي مبالغ زهيدة لقاء إسكان الزائرين الإيرانيين وغيرهم ممن يأتون عن طريقها، كما أنشأت شركة شمس مطابخ في مدينتَي النجف وكربلاء للتحكم بإطعام الزائرين وجبتَي الغداء والعشاء، بينما تفرض على الفنادق وجبة الإفطار، كما تكون في الفندق أكلات محددة وألبان جميعها يجب أن تكون إيرانية المنشأ.
الحقول النفطية المشتركة بين العراق وإيران، حيث تعترف إيران عبر تصريحات يطلقها مسؤولوها النفطيون أن إنتاجها من الحقول النفطية المشتركة مع العراق يبلغ حالياً أكثر من 130 ألف برميل يومياً، وتؤكد أن 68 ألفاً منها يتم إنتاجها في حقول لم يتمكن العراق من تطويرها حتى الآن، وتلفت إلى أنها تستعد لتنفيذ المزيد من أعمال الحفر في تلك الآبار خلال الفترة القليلة المقبلة.
وقعت إيران مع العراق في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، اتفاقاً لبيع أسلحة وذخائر قيمتها 195 مليون دولار، وهي خطوة تخالف الحظر الدولي لمبيعات السلاح الإيرانية، وفي مارس/آذار 2015، تم عقد صفقة لبيع أسلحة إيرانية للعراق بقيمة 10 مليارات دولار، وفقاً لـ"أسوشييتد برس" التي نقلت عن مسؤول عراقي: "إن الأسلحة والمعدات العسكرية غالبيتها أسلحة لحرب المدن، مثل البنادق الهجومية والرشاشات وقاذفات الصواريخ"، إضافة الى شراء تسع طائرات سوخوي "روسية الصنع" بقيمة 14 مليون دولار لكل طائرة بمجموع 126 مليون دولار، قبل أن يتبيّن فيما بعد أن تلك الطائرات لم تكن سوى الطائرات العراقية التي تحتجزها إيران لديها منذ عام 1991.
إن الحكومة العراقية منذ عام 2003 متسامحة مع جميع التدخلات والتجاوزات الإيرانية في العراق وعلى جميع الأصعدة.
ولدى إيران سجل حافل بالممارسات المضرة بمصلحة الاقتصاد العراقي، وإن مثل هذه الممارسات التسامحية تجزم للجميع بأن من حكم العراق ويحكم الآن منذ عام 2003 كلاهما غير مؤهل لبناء الدولة العراقية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.