تمضي دول مجلس التعاون الخليجي الست الغنية بالنفط، قدماً، نحو تطبيق ضريبة للقيمة المضافة (ضريبة المشتريات) بنسبة 5% بهدف تعزيز الإيرادات التي تراجعت نتيجة هبوط أسعار النفط.
خبراء ومحللون اقتصاديون رأوا أن الموافقة الخليجية مؤخراً على مشروع الضريبة تعتبر خطوة في الطريق الصحيح، لكن يبقى الإقرار النهائي في الربع الثالث من العام الحالي تمهيداً للتطبيق مطلع 2018.
في اجتماع استثنائي لوزراء مالية دول مجلس التعاون في مدينة جدة السعودية نهاية الأسبوع الماضي، اتفقت لجنة التعاون الاقتصادي والمالي، على مشروع الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة.
وقررت اللجنة عقد اجتماع استثنائي آخر في الربع الثالث من العام الحالي (2016)، بين شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول المقبلين، تمهيداً للتوقيع على الاتفاقية ودخولها حيز النفاذ.
وتضم دول الخليج العربية – التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط في تمويل إيرادات موازناتها – كلاً من السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان. وأثّر هبوط أسعار النفط منذ منتصف 2014 سلباً حتى على المالية العامة لدول الخليج، وهو ما دفعها إلى النظر في طرق جديدة لتحصيل الإيرادات.
تعد ضريبة القيمة المضافة، غير مباشرة يدفعها المستهلك وتفرض على الفارق بين سعر التكلفة وسعر المبيع للسلع.
سلع وقطاعات بلا ضرائب
وأقرّ وزراء المالية الخليجيون في اجتماعهم بالعاصمة الإماراتية أبوظبي في يناير/كانون الثاني الماضي، استثناء فرض ضريبة القيمة المضافة على بعض القطاعات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية وأيضاً 94 سلعة غذائية.
وقال عاصم عرب، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود، إن موافقة وزراء المالية بدول الخليج على مشروع ضريبة القيمة المضافة تعتبر خطوة في الطريق الصحيح.
وأضاف عرب في اتصال مع الأناضول من العاصمة السعودية الرياض "رغم أن نسبة الضريبة المطبقة منخفضة مقارنة بدول أخرى، إلا أن تطبيقها في إطار تنويع مصادر الدخل سيسهم في تقليص عجز الموازنة وسيدر إيرادات جيدة يتم من خلالها تمويل مشاريع البنية التحتية وتوفير فرص العمل".
وتبقى معدلات ضريبة القيمة المضافة في الخليج منخفضة مقارنةً بمناطق أخرى، وتصل بين 20% و25% فى بعض بلدان الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تسجل دول مجلس التعاون الخليجي، عجزاً في موازناتها يبلغ نحو 13% في 2016 بواقع 275 مليار دولار، مع توقعات بتراجع إيرادات النفط فيها بنحو 390 مليار دولار للعام الجاري.
إيردات تصل 2%
بحسب بيانات حديثة للصندوق، فإن فرض ضريبة القيمة المضافة في الخليج ربما يدرّ إيرادات تصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي.
وشدد الخبير الاقتصادي السعودي، على ضرورة الاستمرار فى توفير البدائل لتعزيز الإيرادات غير النفطية سواء أكانت ضرائب أو رسوماً، ولكن بشرط ألا يكون إقرارها مرتبطاً بارتفاع أو انخفاض أسعار النفط.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد العون، أن مراجعة السياسات الضريبية للدول الخليجية أمرٌ ملحٌّ ضمن خطوات الإصلاح الاقتصادي التي تبنتها تلك الدول في إطار تفعيل سياسات التنوع في مصادر الدخل، مع استمرار تراجع عوائد النفط.
واتخذت دول مجلس التعاون الست تدابير تقشفية بما في ذلك خفض الدعم على المحروقات والطاقة لسد النقص في العائدات النفطية.
تقليص عجز الموازنات
وأشار العون إلى أن لجوء الدول الخليجية إلى مثل هذا النوع من الضرائب يعود إلى استهدافها تقليص عجز الموازنات وزيادة الموارد غير النفطية علاوة على تعويض تراجع الإيرادات الجمركية في ظل وجود إعفاءات حرمت دول الخليج من التمتع بعوائد من الجمارك.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي الكويتي عدنان الدليمي، إن فرض ضريبة القيمة المضافة المتوقع تطبيقها من جانب دول الخليج، يعد تغيراً في بيئة قطاع الأعمال بالمنطقة رغم تأثيرها على الشركات والمستهلكين وكذلك معدلات التضخم.
وفقاً لتقرير المركز الأحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية صدر الأسبوع الماضي، سجل معدل التضخم الخليجي العام ارتفاعاً إلى 2.1% في أبريل/ نيسان الماضي مقارنة مع نفس الشهر من العام السابق.
وتابع عدنان الدليمي في حديثه مع الأناضول من الكويت "أستبعد أن تؤثر ضريبة القيمة المضافة على النمو الاقتصادي، ولكن هذا مرتبط في الأساس بسعر النفط والأوضاع الاقتصادية وقت تطبيق الضريبة وذلك بعد عام ونصف العام من الآن".
أعباء إضافية
ولفت إلى أن "تطبيق الضريبة الجديدة من شأنه تحميل المواطن الخليجي أعباء مالية إضافية، في ظل ارتفاع أسعار بعض السلع بنسبة تترواح بين 5% إلى 10% فيما قد يؤثر بالسلب على بعض أنماط الاستهلاك مما يؤدي إلى تراجع إيرادات الشركات".
ويناقش مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فكرة ضريبة القيمة المضافة منذ عام 2004، لكنه لم يتخذ أي خطوة، غير أن انخفاض أسعار النفط تسبّب في عجز ميزانيات معظم دول المجلس بفروقات واضحة في الأشهر الأخيرة.