(1)
نحن بحاجة ماسة إلى الدكتور عكاشة
في واقعة هي الأغرب في تاريخ الإعلام المصــري تبادل الضيفان الكابتن أحمد شوبير الرياضي والإعلامي المعروف اللكمات مع الكابتن أحمد الطيب المعلق الرياضي المعروف أيضاً، كان ذلك على هامش لقاء تلفزيوني جمع الرجلين مع الإعلامي وائل الإبراشي، نقل على أثرها أحمد شوبير إلى المستشفى مصابات بكدمات.
القصة لم تبدأ من هنا، وبالطبع لن تنتهي عند هذه النقطة؛
(2)
العنف كما يعرف في النظريات المختلفة: هو كل تصرف يؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، يعد إحدى أخطر الظواهر التي تهدد المجتمع المصـري، فمن أنواع العنف المنتشـرة في مصـر العنف غير المباشر" أو ما يسمى بالعدوان السلبي مثل اللامبالاة والتراخي والكسل وتعطيل المصالح والصمت والسلبية.
بالإضافة إلى العنف المباشـر بصورتيه اللفظي والجسدي، فاللفظي مثل استخدام ألفاظ بذيئة أو جارحة في التعامل مع الغير، كذلك علو الصوت، وحدة النبرة، فحدث عنه ولا حرج، فبمجرد أن تسير مسالما في أي شارع من شوارع مصـر سيلحقك الأذى، فكل مواطن بالغه نصيبه من الأذى لا محالة، أما الجسدي فمنه الخشونة في التعامل مع الدفع في الشوارع ووسائل المواصلات، بل قد يصل الأمر إلى التشابك بالأيدي وتبادل اللكمات كما في الحالة سالفة الذكر.
(3)
تنقسم الأسباب المؤدية إلى انتشار الغضب والعنف، كما يقول علماء النفس، إلى عدة أسباب، منها أسباب نفسية مثل "الإحباط وفقدان الأمل في التغيير، والتلوث السمعي والبصـري والأخلاقي، والإحساس المؤلم بالدونية والتهميش، وانسداد قنوات التعبير، مما أدى إلى فقد الثقة في المستقبل".
المشاكل النفسية التي يعالجها المواطن المصـري تدعونا، وبكل قوة إلى الاستعانة بالأستاذ الدكتور أحمد عكاشة -خبير الطب النفسـي- الذي صدرت المقالة معلناً عن حاجتنا الماسة إلى وجوده ووجود أمثاله من خبراء الطب النفسي.
كذلك تعود ظاهرة العنف في تفاقمها إلى أسباب أخرى سياسية مثل "الجمود السياسي وعدم الاستماع للآراء المطالبة بالتطوير، والعناد السلطوي وعدم الاستجابة للمطالب الشعبية والقهر السلطوي لكافة ألوان المعارضة (باستثناء المستأنس والمنتفع منها)، كذلك انتشار الفساد بشكل وبائي ومستفز ومتجاوز لما هو مقبول في المجتمعات البشـرية، ومع ضعف المحاولات للسيطرة عليه بما يوحي بقبوله أو التورط فيه على كافة المستويات أضف إلى البيروقراطية الحكومية, وما تؤدي إليه من معاناة وعذابات يومية يعيشها المواطن المصري بحثاً عن حقوقه، ولا ننس الإحساس بالظلم لدى قطاعات عريضة من الناس مع عدم وجود آلية شرعية لدفع هذا الظلم.
وأخيراً من أسباب تفاقم هذه الظاهرة أسباب اجتماعية، مثل "تقلص المساحة الحضارية بسبب الزحام وسوء التوزيع والاختناقات المرورية وتفشى العشوائيات، وشيوع وغلبة عدد كبير من القيم السلبية، بالإضافة إلى غياب دور الأسرة والمدرسة في تربية النشء تربية سليمة قائمة على أسس المحبة والسلام ونفع الناس والأخلاق الحميدة".
(4)
علينا أن نعترف أن مواجهة العنف مسؤولية الجميع بلا استثناء، وأن هذه الظاهرة لو استمرت في نموها بنفس الوتيرة التي تسير عليها الآن ستحرق الأخضـر واليابس؛ لذلك يجب علينا أن نكف عن اتهام بعضنا البعض، وأن نبدأ العمل فوراً بلا انتظار وبلا تسويف في معالجة هذه الظاهرة، وأننا بحاجة إلى علاج نفـسي لجبر ما كسـر من سلوكياتنا وأخلاقنا، وعلى السلطة السياسية أن تبدأ فوراً في معالجة الفساد وسد الفجوة بينها وبين المواطن، مع الالتزام الكامل بالقوانين وبحقوق الإنسان في التعامل معه، وعلى المدرسة أن تغرس في نفوس الطلاب القيم الحميدة والأخلاق السامية الفاضلة، وأن تقوم الأسرة بدورها التكاملي مع المدرسة في إعداد أجيال سوية لنخلص من هذا الكابوس المفزع، وعلى أجهزة الإعلام القيام بدورها في نشر الفضيلة والحث عليها بدلاً من إشاعة الفتن وتصدير صور العنف والإرهاب كنماذج يقتدى بها فالمسؤولية كبيرة والأمانة غالية.
(5)
كرسالة أخيرة أوجه نداءين، أحدهما إلى المواطنين: يا أيها المواطنون إن المجتمعات القائمة على الحوار والتفاهم وحدها فقط تستحق الحياة.
والآخر إلى الدكتور أحمد عكاشة وزملائه من الباحثين والمتخصصين في الطب النفسي: ضعوا حلاً لأمراض الوطن النفسية قبل أن تتفاقم الأمراض أكثر، وحينها لا ينفع العلاج.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.