في شؤون وشجون الثورة

ليس أمام المناضلين والثوار في الحالة هذه إلا الأقدام على خيار إنجاز البديل المناسب من خارج كل الأطر المتآكلة القائمة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/05 الساعة 03:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/05 الساعة 03:41 بتوقيت غرينتش

نتفهم حيثيات استقالة السيد علوش كبير المفاوضين في (الهيئة العليا التفاوضية) بل نشاطره الرأي فيها، خاصة وأن منشأ الهيئة لم يكن يستند إلى شروط الشرعية الثورية وتركيبتها لم تكن تدل على التزامها بأهداف الثورة ومسار أدائها العملي المرتبك لم يكن إلا جزءاً من تكتيكات بعض النظام العربي الرسمي وبحكم معرفتي بالرجل وببعض كوادر فصيل (جيش الإسلام) أقول له: خطوتك ستكون فاعلة إذا اقترنت بعدة مهام مثل العمل على تعميق التعاون ووحدة الصف والعمل الميداني مع تشكيلات الجيش الحر وسائر قوى الثورة والاتفاق على الهدف الأهم الوحيد وبدون شروط ومسوغات ودعوات فئوية جانبية وهو إسقاط نظام الاستبداد عبر تضييق الخناق على حكام العاصمة دمشق بالدرجة الأولى.

بحسب فهمي لمسألة الدعم التسليحي الأميركي للثوار ومواكبتها، لم يكن الموقف الأميركي في ظل الإدارة الحالية مطابقاً لهدف الجيش الحر والثوار عموماً بإسقاط النظام وتفكيك مؤسساته السلطوية؛ لذلك لم يتقرر دعمه بالأسلحة المتطورة الكفيلة بتحقيق ذلك الهدف وتقاطع الموقف الأميركي مع موقف جزء كبير من -المعارضة- وبينها القسم الأكبر من (المجلس والائتلاف والوافدين الجدد) و(أصدقاء الشعب السوري) الدوليين والإقليميين، وخصوصاً النظام العربي الرسمي، وهنا أعيد إلى الأذهان كيف أن مسؤولي المجلس السوري والائتلاف صرحوا مراراً برفض المساعدة الخارجية وحتى التدخل الإنساني على أساس أنهم حريصون على (السيادة الوطنية!)

والآن تأكد استعداد الائتلاف ومؤتمر الرياض بعد المشاركة في جنيف والموافقة على فيينا 2 على قبول النظام بمؤسساته من دون إسقاط تماماً مثل الموقف الأميركي والعربي الرسمي؛ لذلك لا حاجة إلى التسليح بعد الآن، أما قصة مدة بقاء الأسد فما هي إلا لعبة مكشوفة وستار لحفظ ماء وجه (الهيئة التفاوضية العليا) علماً أن كل مياه بردى والعاصي وحتى جقجق تعجز عن تنظيف وجوه المتورطين.

كما يظهر فإن قيادة -الائتلاف ومؤتمر الرياض- والمجلس الكردي وآخرين، وبالرغم من كل الإخفاقات وإلحاق الضرر بالثورة وبالقضية السورية عموماً والكردية بينها، "يطنشون" ويتجاهلون ما يقال بحقهم من جانب الثوار ومختلف الأطياف الوطنية السورية من ملاحظات ونقد إلى حدود التوبيخ والإدانة، ومصرون على البقاء كما هم عليه من دون تبديل أو مراجعة أو إصلاح، فإنهم بذلك يحذون حذو نهج النظام ومن في خندقه من جماعات "بي كا كا- وغيرها في تحدي إرادة الشعب، بل المضي في إذلاله بقوة السلاح وسلاح المال، وبالمقابل فإن صمود شعبنا الأسطوري والبحث المتواصل بدون توقف من جانب الشباب والمناضلين المستقلين والمثقفين والأطياف الوطنية من العرب والكرد والآخرين عن سبيل الخلاص وتعميق النقاش والحوار وتوسيع التواصل يجعلنا نتفاءل خيراً بقادم الأيام، وما أقوله ليس تنبؤاً فحسب بل يستند إلى وقائع ملموسة.

بالرغم من كل الإخفاقات والانتقال من فشل سياسي إلى آخر ما زالت المعارضة التي نميزها قليلاً عن (المعارضة المدجنة التابعة للنظام) وأخص بالذكر هنا -الائتلاف والهيئة التفاوضية المنبثقة من مؤتمر الرياض- وملحقها -المجلس الوطني الحزبي الكردي- سائرة في الانحدار المتدرج بإرادة الخارج غير آبهة بمصير الوطن والشعب والثورة، ولو توفر لديها الحد الأدنى من الشعور بالمسؤولية، لعادت إلى الشعب وشرعية جماهير الثورة والمدافعين عنها لإنقاذها من سقطتها واستعانت بالطاقات الغنية الهائلة من خلال اللقاءات والمؤتمرات والبرنامج السياسي المدروس، ولكن كما يظهر فإنها ماضية في غيها والوقت يمر لمصلحة النظام وليس أمام المناضلين والثوار في الحالة هذه إلا الأقدام على خيار إنجاز البديل المناسب من خارج كل الأطر المتآكلة القائمة.

آخر إحصائية تشير إلى وقوع 700 ضحية حصيلة مواجهات (جيش الإسلام وفيلق الرحمن) في الغوطة وجلهم من المدنيين، والتي سهلت عودة جيش النظام وميليشياته المذهبية، لقد حذرنا منذ اليوم الأول من تسلط الإخوان المسلمين على (المجلس الوطني) أن جماعات الإسلام السياسي ستؤسس للثورة المضادة عبر إضعاف الجيش الحر والثوار العلمانيين وإبعاد الوطنيين الديمقراطيين وتفريخ المزيد من الفصائل المسلحة تحت غطاء الإسلام أي أسلمة الثورة، ومن ثم أخونتها وقد تساهل الوطنيون السوريون مع ظاهرة (جيش الإسلام وأحرار الشام) باعتبارهما يحاربان النظام ولا يشترطان قيام دولة دينية مثل إرهابيي داعش والنصرة ويحتكمان لصناديق الاقتراع ويشكلان تهديداً لسيطرة النظام على العاصمة، والآن وبعد انتفاء السبب الأخير لا يهم أن يبيد هؤلاء بعضهم بعضاً غير مأسوف عليهم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد