نكسة.. كوب شاي.. وزير دفاع.. وتمثال رئيس!

لا شيء مهماً في تلك اللحظات التاريخية أكثر من أن آثارها ما زالت موجودة، يبدو أن سيناء هي الوحيدة التي عادت (منقوصة السيادة)، أما الجولان والضفة والقدس فهي تحت القبضة الإسرائيلية.. أما غزة فعصفور في قفص بين أنياب كثيرة، أقبحها أنياب النظام المصري الحالي، الذي كان رئيسه "السيسي" وزير دفاع!

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/03 الساعة 04:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/03 الساعة 04:54 بتوقيت غرينتش

لا مكان للبكاء، الأمر أبسط من أن نحزن عليه، اصنع كأس شاي، وأطفئ قناة التلفاز، فبيننا حديث قصير..
الحرب مسألة حياة أو موت، اعتدنا، أعني (أنا وأنت)، أن نكون الميتين فيها تحت مسمى "شهادة فداء للوطن".. لا مانع من أن نرحل عن الدنيا كشهداء بالجملة، فرحمة الله تسع الجميع، الجميع هنا يعني (نحن)، من نحن؟، نحن يعني كل الناس ما عدا الرئيس ووزير الدفاع.

مثل قديم يكررونه كثيراً: "تعرف الفاعل عندما تعرف المستفيد"، معلومة قديمة.. ولكنها تحتمل القراءة مرة أخرى، ولا مانع من إلقائها بصوت عال لدقيقتين، فالتكرار يعلمنا نحن الـ… الـ… الشعوب العظيمة والحكام الأوغاد..!

توقف.. لا تشرب الشاي، قبل أن نتساءل معاً، لم لا يموت القادة في مقدمة الصفوف أثناء الحرب؟، أليس من الأجدر بهم استحقاق تلك التماثيل التي نصبناها لهم في قلب عواصمنا؟ أن يكونوا شهداء! ألا يحبون الجنة التي يوزعون غرفها يومياً مع رجالات دينهم على أفراد الجيوش والميليشيات، يقسمون نساءها ونعيمها ويرسلون أعداءهم إلى "جهنم" حيث عقاب الله!

في سوريا لم أكن أحترم شيئاً في الدنيا كما أفعل مع تمثال يوسف العظمة!، لقد مات شهيداً بمنصب وزير دفاع! وهذه المفردات غريبة عن واقعنا؛ لأن وزراء الدفاع عادةً ما يصبحون رؤساء بعد مصائب عظيمة..! مات يوسف العظمة في حرب "ميسلون" ضد الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال غورو سنة 1920 على أبواب دمشق، أليس عجيباً أمر هذا الرجل؟، ألم يعرف أن عام 1967 سيكون عام موت الجيوش وحياة وزراء الدفاع؟

ألا تعرفون أن وزير الدفاع في الحكومة السورية المهزومة بحرب "النكسة" أصبح رئيساً للجمهورية؟! هذه المقولة حقيقية، فلو أن وزير الدفاع بحرب 1967 كان رئيساً.. لانتصر في تلك الحرب، هل اقتنعت؟. ستقنعك هذه المعلومة.. هو من خاض حرب 1973 إلى جانب رئيس جمهورية مصري جديد كان رئيساً لمجلس "الأمة" (الشعب) أثناء حرب 1967.. لقد انتصروا أو هكذا قيل!

عموماً ابدأ شرب الشاي، فنحن في الذكرى 49 للنكسة، 5 يونيو/ حزيران 1967، ستة أيام من الحرب، كانت كفيلة بتدمير معنويات العرب إلى الأبد، 70 – 80% من العتاد الحربي العربي في دول (سوريا، ومصر، والأردن) دُمّر خلال الحرب القصيرة.. و400 ألف مهجر لم يعودوا إلى منازلهم أبداً، منهم 100 ألف سوري، و300 ألف فلسطيني.

ربحت إسرائيل أراضي شاسعة جداً (الضفة الغربية والقدس) المناطق التي كانت تحت السيطرة الأردنية، و(الجولان) المرتفعات الطبيعية السورية التي تطل على نهر الأردن، و(سيناء) شبه الجزيرة المصرية التي تشترك بحدود برية مع قطاع غزة.. إضافة لقطاع غزة.

لا شيء مهماً في تلك اللحظات التاريخية أكثر من أن آثارها ما زالت موجودة، يبدو أن سيناء هي الوحيدة التي عادت (منقوصة السيادة)، أما الجولان والضفة والقدس فهي تحت القبضة الإسرائيلية.. أما غزة فعصفور في قفص بين أنياب كثيرة، أقبحها أنياب النظام المصري الحالي، الذي كان رئيسه "السيسي" وزير دفاع!

ما زلنا إلى اليوم لا نجد في الجيوش العربية من يبحث عن إسرائيل بين مترادفات الكلام، أو ربما هناك من يبحث عنها بصفتها دولة "صديق"، فلماذا تكون عدواً طالما أن مشكلتها ليست مع الحكومات العسكرية في المنطقة؟!

الدولة التي هزمتنا واحتلت أرضنا، هي الأكثر أمناً بين الدول العربية التي فشلت شعوبها في التحرر من الاستبداد، كما فشلت جيوشها تماماً في هزيمة الثورات، والخاسر الأكبر هو الوطن.. والرابح هي "إسرائيل".

هناك مؤامرة؟، نعم بكل تأكيد، الشعوب جزء منها؟، طبعاً هي جزء منها، وبتعبير أكثر دقة، هي موضوع هذه المؤامرة ومحلّها والهدف منها.

من هم المتآمرون؟ هم من واجهوا هذه الشعوب في كل مرة، أو خططوا لهذه المواجهة من وراء ألف جدار.

يونيو لم تكن هزيمة جيوش… لقد كانت هزيمة شعوب، وهذا ما أدركته إسرائيل جيداً.. وتعيد تكراره مرة بعد مرة بعد مرة؛ لأنها تعلم أن سلاح جيش عدو، مهما كان متطوراً، لن يشكل خطراً على الإطلاق، طالما أن هذا الجيش سيعتبر كلمة حرية أو كلمة عيش أو كلمة عدالة اجتماعية، ينطقها مواطن من الطبقة الوسطى، حرباً على الوطن!

تحميل المزيد