ما الذي يمكن أن نفعله في زمن الحرب والدمار؟. سؤال يؤرقنا جميعاً.. هل يمكن أن تكون هذه الحرب وهذا الدمار على الأرض مرآة تعكس ما يدور من حرب ودمار في داخلنا كحضارة وكشعوب.. إذاً لن تتوقف تلك التي على الأرض حتى يتوقف ذلك الذي في دواخلنا.. كفاني فلسفة.. ما نحتاجه ببساطة هو البناء من الداخل أولاً.
هل يمكن أن تكون ممارسة المشي من وسائل البناء.. هكذا بدأت مجموعتنا على الفيسبوك لتشجيع النساء على التواصل مع ذواتهن عن طريق ممارسة المشي.
لم تبدأ المجموعة كرد فعل على ما يدور في العالم، ولكنها بدأت كمحاولة لمساعدة صديقتي التي كانت تمر بمرحلة قاسية وتحتاج أن تمارس المشي طبياً.
المجموعة تضم نساء من كل أنحاء العالم تمشي كل منهن في الوقت والمكان والروتين الذي يناسبها.. كل ما عليها هو أن تشاركنا بنهضتها، إما بنشر صورة فنية أو عفوية عن المكان أو أفكار توحى لها أثناء المشي.. أوليس هذا برائع؟! فما أن يلمس النسيم وجنتيك حتى تسترخي وتدخلي في واحة الإبداع وسكينة الروح.. أما شعاع الشمس فيوقظ فينا كل تكاسل ويهبنا الطاقة على الاستمرار والمواجهة والانتصار.. فلنمشِ في وجه الحرب والدمار… ولننهض!
لقد فوجئت بحجم الرغبة والحاجة لممارسة المشي في مجتمعاتنا.. كل ما ينقصنا هو الحافز والإلهام.. واكتشفت أن هذه الرغبة تكمن في قدرة المشي العجيبة على إنهاض الفرد بنفسه من الداخل وليس بمساعدة الآخرين، فالمشي في أحضان الطبيعة يفتح الروح ويهيئها لاستقبال رسائل الكون ويأخذنا رويداً رويداً بعيداً عن زحمة الحياة، وإذا بنا نسمع صوتنا الداخلي الهامس ونعرف من نحن… صوتنا الداخلي هامس لدرجة أننا لا نقدر على أن نسمعه في ضجيج الحياة.. لا بد أن نبعد أنفسنا قليلاً وننفرد به لنسمعه؛ لذلك لطالما أحببت أن أمارس المشي وحدي بصحبة لا أحد سوى الكون علني أسمع صوتي… التواصل مع ذلك الصوت هو ما نجح في الوصول إليه كل أولئك الكتاب والعظماء والقادة والمبدعين؛ لذلك نهفو إليه، ولا نعرف كيف السبيل.
عندما طرحنا في المجموعة على أنفسنا سؤالاً: ما الذي يلهمنا لنكون أصحاء؟.. كانت الإجابة الغالبة: السعادة.. ممارسة المشي تجعلنا سعداء مثلاً… بالنسبة لي لم تكون الإجابة سهلة.
وبعد تأمل وتفكير، وجدت أن سعادتنا تأتي من تواصلنا مع ذاتنا ومع الكون، مما يؤهلنا لتواصل بشكل أعمق مع الأخرين.. وهذ ما تحققه لنا ممارسة المشي، نسعد عندما نمشي لأننا نتواصل مع أنفسنا، مع جسدنا، ومع الكون وخالقه في ذات الوقت، فنقوى ونتواصل مع الآخرين بسلام شربناه من وحي الطبيعة التي تحمل في لمساتها كل رحمة الخالق، استنتجت في نهاية المطاف أن الخطوة الأولى تجاه الصحة تبدأ بالتواصل مع الذات.
أوليس هنالك مقولة أن الإنسان طبيب نفسه.. وعدو نفسه، عندما تذهب للطبيب دون أن تسمع صوتك أو مشاعرك أو ما يقوله جسدك، بالأغلب ستكون كالشاة تذهب إلى حيث تؤمر، في حين أن تواصلك مع نفسك سيساعد الطبيب؛ لأنك ستقوده إلى فهم ما يجري معك فهماً أدق، أولاً نسمي الطبيب حكيماً، أعتقد أنه الاسم المناسب لهذه المهنة.
لطالما شجعني صوتي الداخلي مدعوماً بالبحث والاطلاع على التمرد على ما يراه الطبيب فيما يتعلق برعاية أبنائي.
الخلاصة: عندما نتواصل نقود.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.