توجه الناخبون اللبنانيون لمراكز الاقتراع في بيروت والبقاع اليوم الأحد 8 مايو/ أيار 2016، في المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية اللبنانية.
انطلقت عملية الاقتراع عند السّاعة السابعة من صباح اليوم، وسط إجراءاتٍ أمنيّة تقوم بها عناصر من قوى الأمن الداخلي، وعناصر من الجيش اللبناني على الطرق العامة وخارج أقلام الاقتراع.
وقد فتحت صناديق الاقتراع أمام الناخبين، الذين بلغ عددهم 467 ألفاً و21 ناخباً، لانتخاب 24 عضواً في مجلس البلدية من أصل 95 مرشّحاً.
وتجرى الانتخابات في ثلاثة أسابيع بدءاً من اليوم الأحد، حيث يجرى التصويت على 24 مقعداً في بيروت.
وأدلى رئيس الوزراء تمام سلام، بصوته في العاصمة، وقال إنه يأمل أن يتم فتح الباب للانتخابات الرئاسية في لبنان.
وقال "الانتخابات البلدية والاختيارية هي مطلب شعبي بامتياز، وهي من صلب نظامنا الديمقراطي وممارساتنا الديمقراطية التي نعمل على أن تنعكس أيضاً على ممارسات أخرى واستحقاقات أخرى ونكرر ونقول في كل مناسبة وأبرزها هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية."
منذ 6 أعوام
وهذه هي أول انتخابات تجرى في لبنان منذ ستة أعوام، بعد تأجيل إجراء الانتخابات البرلمانية في عام 2013 مرتين، وما زال لبنان بدون رئيس منذ عامين في أزمة سياسية عقّدتها الحرب السورية.
وأعرب أحد المواطنين عن أمله في التزام المرشحين بوعودهم الانتخابية بعد الفوز.
وقال المواطن الذي يدعى حسن كرديل "يعني بنتمنى نحنا اللي عم بيحكوا هلا قبل ما يطلعوا بيحكوا بضمير نحنا مع الشعب نحن بدنا نحسن بدنا كذا كذا يضلوهن على نفس كلمتهم.. بنتمنى من قلبنا يطلعوا أحسن من اللي قبلهم".
وتأمل حركة لبنانية جديدة في الفوز في الانتخابات البلدية، مستفيدة من حالة الاستياء من الحكم الفاشل في محاولة غير مسبوقة لإضعاف قبضة الأحزاب الطائفية.
وتتطلع لائحة "بيروت مدينتي" لجذب الناخبين الغاضبين من تدهور عاصمة كانت تعرف بباريس الشرق، ولكن الآن تهيمن عليها رائحة النفايات إلى جانب مشاكل أخرى.
وتتنافس هذه اللائحة مع جماعات أخرى مثل لائحة "البيارتة" التي يدعمها تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري وحركة أمل الشيعية بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري والتيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون.
وبحسب وزارة الداخلية اللبنانية وحتى الساعة 16،00 (13,00 ت. غ)، بلغت نسبة الاقتراع في بيروت 16,37% في حين تراوحت بين 33 و45% في محافظتي البقاع وبعلبك -الهرمل.
المنافسة في بيروت
في بيروت، تنافست لائحتان كاملتان للفوز بـ24 مقعداً في المجلس البلدي، موزعينِ مناصفة بين المسيحيين والمسلمين.
وللمرة الأولى تواجه لائحة تحمل تسمية "بيروت مدينتي" ممثلة للمجتمع المدني وغير مدعومة من أي جهة سياسية، لائحة "البيارتة" المدعومة بشكل رئيسي من تيار المستقبل، أبرز أركان فريق 14 آذار القريب من السعودية، والتي تضم كذلك ممثلين عن فريق 8 آذار المدعوم من إيران والنظام السوري، علماً أن حزب الله لم يرشح أي ممثل رسمي عنه في بيروت.
ومع انخفاض نسبة الإقبال في العاصمة، وجهت الأحزاب التقليدية الكبرى دعوات إلى محازبيها ومناصريها للاقتراع بكثافة، وكذلك فعل أعضاء لائحة "بيروت مدينتي".
وفي بيان نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي، توجهت لائحة "بيروت مدينتي" إلى الناخبين بالقول "أمامنا اليوم فرصة تاريخية لتغيير واقع المدينة للأفضل.. ولإيصال مجلس بلدي مستقل".
وتعد هذه اللائحة نموذجاً جديداً من نوعه في لبنان يتحدى الاصطفافات السياسية والطائفية.
سئمنا من السياسيين
وتخوض هذه اللائحة الانتخابات على أساس برنامج مستوحى من حركة الاحتجاج المدنية التي شهدتها بيروت الصيف الماضي، على خلفية أزمة النفايات التي أغرقت شوارع العاصمة وضواحيها.
وتجري الانتخابات البلدية في لبنان كل 6 سنوات، ويطغى عليها في المدن الكبيرة نفوذ الأحزاب وزعماء الطوائف. أما في البلدات والقرى الصغيرة، يتداخل هذا النفوذ مع الصراعات العائلية.
وقال إيلي (43 عاماً) وهو موظف لوكالة الصحافة الفرنسية بعد اقتراعه في محلة الأشرفية في بيروت "حتى لو فاز مرشح واحد من لائحة بيروت مدينتي، فذلك سيعد انتصاراً للمجتمع المدني. لقد سئمنا من هذه الطبقة السياسية الفاسدة المسؤولة عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والديون والنفايات".
وفي محلة المزرعة في بيروت، قالت مريم (40 عاماً) وهي موظفة في مدرسة بعد إدلائها بصوتها "انتخبت للائحة البيارتة ولأهل بيروت والشيخ سعد (الحريري)" مشددة على أن اللائحة "تضم وجوهاً جديدة وأصحاب خبرة".
وفي مواجهة اللائحتين المكتملتين في بيروت، ثمة لائحة ثالثة غير مكتملة تحت تسمية "مواطنون ومواطنات في دولة" تضم أربعة مرشحين أبرزهم الوزير السابق شربل نحاس الذي يعد من أبرز الاقتصاديين المنتقدين للسياسات الاقتصادية والمالية المتبعة في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990).
وتخوض المجموعة ذاتها الانتخابات في محافظتي البقاع وبعلبك – الهرمل، بستة مرشحين آخرين.
واقترع عدد من المسؤولين في بيروت صباحاً، أبرزهم رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي عبر عن أمله بان "تفتح هذه الانتخابات الباب للانتخابات الأخرى الرئاسية والنيابية في المستقبل".
تزكية في البقاع
وفي شرق البلاد، يتمتع حزب الله، الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري، بنفوذ قوي في محافظتي بعلبك والهرمل، ويغلب الطابع العائلي على الانتخابات في البلدات ذات الانتماء السياسي الواحد.
وأعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في مؤتمر صحفي عقده الأحد في مدينة بعلبك حول الانتخابات البلدية والاختيارية "نرعى تشكيل اللوائح في 57 بلدة في البقاع من خلال لوائح التنمية والوفاء" مضيفاً أن "19 بلدية من البلديات التي نتابعها فازت بالتزكية".
وتشهد مدينة زحلة ذات الغالبية المسيحية في البقاع المعركة الانتخابية الأبرز، إذ تتنافس بشكل رئيسي لائحة يتراسها مرشح من آل سكاف، أبرز العائلات السياسية في المدينة، مدعومة من تيار المستقبل، ضد لائحة ثانية مدعومة من الأحزاب المسيحية التقليدية بالإضافة إلى لائحة ثالثة مدعومة من عائلة فتوش المعروفة في المدينة.
وشهدت زحلة شجارات محدودة بين مناصري اللائحتين الأساسيتين على خلفية اتهامات بشراء الأصوات لحث الناخبين على الاقتراع.
يذكر أن العملية الانتخابية انطلقت في مرحلتها الأولى الأحد، على أن تجرى الانتخابات أيام الآحاد المقبلة حتى 29 أيار/مايو في المحافظات الخمس الأخرى في لبنان.