المرحلة القادمة في الشرق الأوسط، تواجه تحديات وتهديدات كبيرة أمام الرئيس الأميركي الجديد، بسبب نمو وتطور دول على حساب السياسة الأميركية التي رسمها الرئيس الأميركي باراك أوباما طيلة فترة حكمه للولايات المتحدة، فالشرق الأوسط مهدد اليوم من قبل القوى الثورية مثل إيران، وما يحدث بسببها الآن في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، ومن قبل دول تسعى لفرض سلطتها على الشعوب الحرة، مثل روسيا وما حدث في جزيرة القرم الأوكرانية وما تسعى له الآن من فرض سيطرتها على الأراضي السورية مقابل دعم بقاء نظام بشار الاسد أطول فترة ممكنة.
ومنذ دخول الرئيس الرابع والأربعون باراك أوباما إلى البيت الأبيض سنة 2009 والسياسات الخارجية للولايات المتحدة الاميركية تجاه الشرق الأوسط معدومة وإن تكن موجودة فهي مشتتة وغير مدروسة، بدليل أن دول الشرق الأوسط اتجهت نحو وضع أكثر فوضوية نتيجة فشل إدارة أوباما لقيادة دولة لها التأثير الاقتصادي والسياسي الأكبر في المنطقة، بسبب استراتيجيته السياسية المبنية على تقييد النفوذ الأميركي المباشر.
وأول مهام الرئيس الاميركي الجديد هي إعادة رسم السياسات الخارجية الأمريكية من خلال إشراك جميع عناصر القوة الأمريكية، وهي الدبلوماسية، القوة الاقتصادية، والقوة العسكرية، والقوة العظمى المتمثلة في " المثل العليا" التي تناور أميركا دوماً بها مثل فرض حقوق الانسان وحرية الرأي والاختيار وتحقيق الازدهار للشعوب المستضعفة، فأميركا هي "آخر أفضل أمل" للبشرية، كما وصفها كل من إبراهام لينكولن ورونالد ريجان، إلى أن الواقع يثبت عكس ذلك تماماً، وما حدث للعراق بسبب أمريكا خير دليل.
ولم يحدث تغيير جذري في السياسة الخارجية الأميركية إلا بتداخل وثيق مع السياسات الاقتصادية المباشرة لدول الشرق الأوسط من خلال إعادة تنظيم إتفاقياتها الاستراتيجية الاقتصادية مع الدول التي فقدت ثقتها بأميركا منذ عام 2009، وأن لا تبنى المبادرات الأميركية التي سيتخذها الرئيس الجديد إلا بعد توقع العواقب بعكس مبادرات أوباما التي تتجاهل الحقائق على الأرض، وسيسجل التاريخ أن الولايات المتحدة في فترة حكم باراك أوباما خسرت مصداقيتها بين الدول الحليفة معها، وخسرت معها القدرة على التأثير في الأحداث الهامة بالنسبة لأزمات الشرق الأوسط، خاصة وإن أوباما لا يهمه كثيراً أن يخسر حلفاء أميركا، إنه يطمح أن يترك البيت الأبيض دون أن يسجل في تاريخه أنه دخل حربا، وسياسته الآن هي جعل الأمور هادئة قدر المستطاع حتى تنتهي فترة حكمه التي بقي منها أقل من عام.
سيتغير باراك أوباما وفق الدستور الأميركي الذي يمنعه من الترشيح لولاية ثالثة، ولكن هل ستتغير السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط؟ لنفترض تغيرت سيكون أمام الرئيس الأميركي خياران لا ثالث لهما أما احتلال مناطق الصراع الدموي في الشرق الأوسط أو ترك العالم ينهار في حرب استنزاف مفتوحة غير محدودة أو محسوبة النتائج أمام جميع أطراف النزاع بما فيها من أنظمة شرعية أو جماعات مسلحة معارضة أو إرهابية.
أما اندلاع الحرب المفتوحة ولا يمكن أن تسمى بالحرب العالمية الثالثة فهي من طموحات قيصر روسيا فلاديمير بوتن الذي تركه أوباما يعيث فساداً ودماراً في أوكرانيا وسوريا ومن قبل في جورجيا.
لكن بالمقابل النفوذ الأميركي الذي قيده أوباما خلال فترة حكمه نابع عن إرادة الشعب الأميركي، بدليل خسارة جورج دبليو بوش للتأييد الجماهيري أثناء حروب أفغانستان والعراق.
تتلخص سياسة أوباما منذ عام 2009 إلى غاية كتابة هذه السطور، إلى خسارة الولايات المتحدة الأميركية للمصداقية والالتزام مع حلفائها، وخسارة لقب ما هو أهم ان أميركا هي القوة العظمى في العالم، إضافة إلى التهديدات الكاذبة لأوباما التي صدع رؤوسنا بها مثل "الخط الأحمر" الخاص بأوباما في سوريا!.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.