يعني أنني سأظل مشرداً ولو ملكت القصور والدور لأنك لستَ معي.
يعني أن المدن ستظل مظلمة ولو كانت مدينة النور لأنكِ لستِ معي.
يعني أن الطعام سيكون بلا طعم لأنكِ لستِ معي.
يعني أن شمس الصباح لن تنير حياتي لأنني لأن أتصبح بطلعة وجهك حين أستيقظ.
أنا لستُ أنتِ، لكنني لا يمكن أن أكون أنا بدون أنتِ.
قد لا أحب كل ما تُحبين، ولي أحيانا ذوق مختلف عنكِ، ولست عاطفياً جداً مثلك وأزن الأمور بعقلي كثيراً، بينما تنساقين أنت بسرعة وراء عاطفتك.
أعرف أنك تكرهين هذا فيَّ، وتحبين أن تنطلقي بحرية بلا تفكير عميق، لكنني أستطيع أن أهدّئ من اندفاعكِ قليلاً بينما تستطيعين أن تمنحي أنت لكل خطوة عمقاً وروحاً ومعنى، وتقفزي بحدسك إلى ما قد لا يدركه عقلي حتى يحسبه بمقاييسه الخاصة.
قد لا تهمني كثيراً كل تلك التفاصيل العاطفية والجمالية، وأعرف أنها تهمك ولكنني لا أستطيع أن أكون أنتِ.
أنا لستُ أنتَ، لكنني لا يمكن أن أكون أنا بدون أنت.
أعرف أنني أحياناً أكون مربكة جداً، ولا تعرف ماذا يمكن أن تفعل لي حين تضطرب عواطفي بقوة، وتنهمر دموعي بغزارة، فلا يسعك سوى أن تمسحها بكفك وتحتضنني!
ما أحتاجه أن تعرف أني لست آلة معطلة تحتاج لإصلاح، وأنني فقط بعدما أهدأ سأعرف كيف أتصرف، لكنني فقط أريد أن تكون بجانبي، سكناً يحتويني بالمودة والرحمة أكثر من العقل والقوة والمنطق، سنداً وظهراً وأماناً وثقةً.
أعرف أنك تخاف عليّ وتريدني لك وحدك، ولكنني أيضاً أريد أن أنطلق وأترك بصمتي في الحياة وأنت معي تحميني وتدعمني، فأعيش معك ولَك الحياة التي أريدها، وبالتأكيد ستكون أنت الأول في حياتي.
أنا لست أنت، وأنت لست أنا!
لا يمكننا أن نكون سكناً لبعضنا إذا كنّا نسختين عن بَعضنا!
أنت رجلٌ وأنا امرأة!
أنا رجلٌ وأنتِ امرأة!
فالقلب له شقان أيمن وأيسر، لكنهما عندما يحدبان على بعضهما و ينحنيان ليلتقيا يشكلان قلباً كاملاً!
أنت ناقص بدوني، وأنا ناقص بدونك!
ذلك النقص و الفراغ الذي لا يمكن لكل نجاحات الدنيا وأموالها وأمجادها أن تملأه.
لذلك يغدو اقتلاع نصف القلب كسراً لا يجبر بالكلية، عند الرجل وعند المرأة، على الرغم أنه عند المرأة أشد لشدة رقتها وشفافيتها وخصوصيتها في المجتمع.
برغم ذلك فإن الألم العاطفي الناتج عن الانفصال هو من أشد الآلام التي قد يخوضها الإنسان أثناء حياته، خصوصاً عندما يكون بعد حب قوي لم يستطع أن يصمد أكثر!
لا يمكن أن تخلو علاقة بين زوجين من اختلافات وخلافات، فحتى أفضل البشر عليه السلام، اختلف مع زوجاته، وكانت تغضب أحداهن منه فلا تكلمه طيلة النهار.
إذن فالكلام عن وجود حياة بلا خلافات وبلا مشاكل كلام لا أساس له.
الرجل والمرأة خلقا مختلفين، ولكل منهما مطالب خاصة به وحاجات تهمه بحكم الجنس، فالرجل يهمه كثيراً شعوره بالثقة والجدارة والاهتمام والاحترام والتميز في عين المرأة.
والمرأة يهمها كثيراً الاستماع والاحتواء والاهتمام والعطاء العاطفي و شعورها بجدارة الرجل الذي ترتبط به وقدرتها على الاعتماد على رجل يعرف من هو وما يريد.
وتبقى فروق فردية طفيفة حول تلك المطالَب.
لذلك فحين تقدم المرأة للرجل حاجاتها هي، وليس حاجاته فهو لا يعبأ كثيراً بها، وكذلك الرجل حين يفعل ذلك مع المرأة.
لذلك فإن فهم الاختلافات بين طبيعة الرجل والمرأة، واختلاف حاجاتهما التي تشكل ظاهرة بشرية مشتركة، يسهم كثيرا في التوافق بين الزوجين.
إن مجرد اطلاعنا قليلاً على التجربة الإنسانية بين الرجل والمرأة تجعلنا ندرك مدى التشابه الكبير في التجربة البشرية، وتشابه حاجات البشر، وحتى تشابه الاضطراب الذي خلقته التغييرات الاجتماعية والعولمية في مجتمعاتنا ومجتمعات العالم بشكل عام، من خلافات تدور حول دور الرجل والمرأة في الحياة، وداخل وخارج المنزل، وفي تربية ورعاية الأطفال.
إن التجربة البشرية تقول لنا وبقوة، أننا برغم كل التغييرات التي اعترت مجتمعاتنا والمجتمعات البشرية المعاصرة، مازال الرجل والمرأة يحتاجان بشدة لبعضهما، مهما بدا أن المرأة أمكنها أن تستقل نفسيا وماديا، ولكنها مازالت مهما بلغت ترغب بوجود رجل يحميها ويعتني بها وترمي بأحمالها حين تتعب عليه.
وأنها مهما بلغت من الطموح، الذي قد يزيغ نظرها حيناً إلا أنها لا تريد أن يكون هناك أحد أهم منها في حياة زوجها وأولادها. وأن اختلافاتها مع زوجها مهما بلغت من الشدة، فإن وصولها لدرجة كسر القلب، هو أمر سيصعب عليها وعلى أولادهما التعايش معه لبقية حياتها، وسيبقى كسراً أبدياً مدى الحياة لمستُ هذا الألم العاطفي الناتج عن الانفصال وعايشتُه في قلوب نساء كثيرات، حتى لو تزوجن من جديد وحتى لو واصلن حياتهن، ومهما كان فلا شيء قادر على محو قسوة الذكرى، وإزالة أثر الصدع والحرمان مهما تظاهر ذلك بكبرياء أو صلف أو استغناء أحياناً!
وكذلك الرجل الذي مهما بلغ من القوة والجاه والغنى والاعتبار الاجتماعي، تبقى سعادته داخل منزله المؤثر الأقوى على قلبه وتوازنه في مواجهة الحياة، وأن خلافاته مع زوجته مهما بلغت شدتها.
فإن وصولها لعتبة كسر القلب وانهيار الحياة أمر صعب جداً عليه، ولو أن تعامل المجتمع معه أسهل، وفرصه لبناء الحياة الجديدة أيسر، ولكن ذلك لا ينفي أبداً انكسار القلب والألم العاطفي، الذي رأيتُه بعيني ولمستُه بقلبي في كثير من الرجال، الذين لا يفتأون يذكرون جراحهم وأبناءهم الذين فارقوهم ويعيشون دوماً بالحسرة عليهم.
لذلك فإن العلاقة بين الرجل والمرأة تتجاوز كثيراً في حقيقتها تلك المطالَب الخاصة بالرجل أو بالمرأة كزوجين، لأن كونهما معاً أهم من مطالبه ومطالبها، أهم من حاجاته وحاجاتها، أهم مما تريده وَمِمَّا يريده، وإن فهم حقيقة السكن والمودة والرحمة، وأن تلك العلاقة ليست قائمة على تسجيل النقاط أو المطالبة بالحقوق وتقديم الواجبات، بل على تكامل الوجودين مع بعضهما لتنشأ الحياة الحقيقية، التي تصبح فيها الحقوق والواجبات في الدرجة الثانية، بعد المودة والرحمة والسكن.
لذلك قد يكون الصبر على تغيير الواقع والحكمة في تقبل ما لا يمكن تغييره والحفاظ على كيان الأسرة واستمرارية العلاقة دون ظلم من طرف لطرف، حلاً معقولا جداً للفروق بين شقي القلب!
لأن تلك الاختلافات هي أمر أبدي حتمي لا يمكن إصلاحه أبداً بحكم اختلافهما الفطري، وأننا حتماً سنضطر للتعايش معها أو مع مجموعة غيرها من الخلافات مع شخص آخر.
تقول الإحصاءات العالمية أن ثلاثين بالمئة من الاختلافات بين الأزواج هي اختلافات أبدية لا سبيل لحلها! لذلك قد يكون الحل فقط هو التعايش معها، مالم تكن مهددة للحياة والوجود والكرامة والقيم التي نؤمن بها.
وما قد يغرّكَ أو يغركِ في مقارنة غير عادلة من صفات تراها في شركاء آخرين، لا تعدو كونها قشرة خارجية لا تحاكي حقيقة علاقة تحتوي نقاط ضعفها وقوتها واختلافاتها الخاصة كعلاقتكما أنتما أيضاً.
لذلك، ماذا لو فكرتِ، وفكرتَ أن تكون سكناً حقيقياً،
الأمر فعلاً يستحق.
اسمع صوت قلبك وحاول أن تعرف أكثر وتقرأ أكثر، وتهدأ أكثر بكثير، لتعرف فقط ماذا يعني أن تكون سكناً وجزيرة لسلام الروح.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.