فجأة ودون سابق إنذار"غرقت" مواقع التواصل الاجتماعي مع أبطال ثلاثية "موطني"، التي تندرج ضمن خانة مسلسل "مدرسة الحب" الذي صاحبته دعاية إعلامية مكثفة، وقُدم لنا تحت "إطار الحب والرومانسية".
لكن الثلاثية المذكورة التي "زاغت" عن السكة متخذة من "الحب على الطريقة السورية" محوراً رئيسياً لها، أحكمت قبضتها بعد العرض "المشفر" وهزت "الإعلام الجديد" الذي سارع لنقل مقاطع فيديو قصيرة المدة من العمل أو التركيز على مشاهد مؤثرة مؤلمة داخله.
لكن للأمانة ما صاحب ثلاثية "موطني" من ردود فعل صاخبة واهتمام منقطع النظير – وبالأخص أننا نتحدث عن قوارب للهجرة ومأساة السوريين في البحار – جعلنا نقف أمام حقيقة جديدة يأبى البعض النظر اليها أو طرحها، وهي أن "التغريبة السورية" والتركيز بالأساس على الشق الإنساني وقصص النازحين المكلومين تستحق الاهتمام والمواكبة بشكل أكبر، دون النظر للمقولة "الجاهزة" من لدن صُناع الدراما العربية إجمالاً وهي "تقاعس" الفضائيات عن الإقبال على هذه المواضيع خوفاً من "الأجندة السياسية".
بعد ما تلى عرض "موطني" وعبر قناة مشفرة يكسر هذا "الحاجز المزعوم"، ويفيد بأن "المسؤولية" مشتركة بين صُناع الدراما التلفزيونية الذين "يتهربون" من النهل من هذا الواقع الكارثي الذي يحاصرنا بمشاهده القاسية الجارحة، فلماذا إذن لا ينخرط الجميع في لفت الأنظار وتسليط الضوء بشكل مكثف على هذه المأساة التي يندى لها الجبين؟
في نفس السياق سعى الكثيرون "للانتقاص" من قيمة العمل عبر رصد ما سمّوه "نقاط ضعف" في النص الذي كتبه مازن طه ونور شيشكلي، وإخراج صفوان نعمو، عبر التركيز على جوانب هي بالأساس مسؤولية إنتاجية تتطلب بذخاً كبيراً في الإنفاق، وهي ثقافة لازالت بعيدة عنا كعرب لحدود اللحظة، غير أن الأداء التمثيلي الكبير للنجوم الحاضرين، وعلى رأسهم أمل عرفة، غطى على هذا الجانب.
ويكفي القول إنها المرة الأولى التي نرى فيها فنانين معروفين مصطفّين في قوارب للهجرة، ما يعني في نفس الوقت "تقصيراً" كبيراً في هذا الجانب، و"تغييباً" متعمداً للواقع العربي الراهن الذي يظل هاجس اللاجئين مخيماً عليه.
فيكفي أن نشاهد وسائل إعلام غربية عريقة سعت بشتى الوسائل لتغطية هذا الجانب المظلم، في حين أن الإعلام والفن في العالم العربي المعنيين بشكل مباشر يشيحان بإمكانياتهما عن الموضوع، فهذا سؤال خطير ينبغي التوقف عنده واستحضاره بقوة، لماذا انتظرنا هذه السنوات حتى نقدم عملاً فنياً ومن 3 حلقات فقط لتغطية هذا الملف الشائك؟
ولماذا بعد أن عُرض نستل كلماتنا كي نهاجم المشرفين عليه، وهم غير مُلامين على الإطلاق في أي "ثغرات" يمكن الخروج بها من العمل؟ وإلى متى ستظل همومنا ومآسينا مجرد "استثناء" في الطرح سواء في الفن أو حتى الإعلام؟ لماذا ليست "القاعدة" ونحن نتحدث عن استخدام "شعارات" من وحي واقعنا المتأزم في "انفصام فاضح"؟
ختاماً أتمنى شخصياً أن تكون "موطني" بداية "لتصالح" الدراما العربية مع ملفاتنا الدامية النازفة مثل "التغريبة السورية"، وأن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.