انتشر خبر إعلان اتحاد كرة القدم التابع لنظام الأسد عن تقديمه عرضاً للمدرب البرتغالي الشهير جوزيه مورينيو لتدريب المنتخب "الوطني" بالراتب الذي يريده، بشكل ضخم وغير متوقع، كما امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات خاصة الساخرة والمتهكمة، التي لم تقتصر على معارضي النظام بل امتدت لمواليه أيضاً.
يحمل الخبر في طياته الكثير من السريالية، ففي حين يقبع معظم السوريون (موالون ومعارضون) تحت خط الفقر، ويعانون من الجوع والمرض والعوز، يأتي تفكير صناع القرار في دمشق بدفع مليارات الدولار لمدرب كرة قدم.
واللافت أكثر، كان موعد انتشار الخبر، الذي جاء بالتزامن مع وصول الليرة السورية إلى أدنى معدلاتها عبر التاريخ، حيث سجّل سعر الدولار الواحد (٥٥٠) ليرة سورية، بعد أن كان ٤٥ ليرة فقط في ٢٠١١، ما يعني أعباء إضافية على المواطن السوري الذي يتقاضى وسطياً ٢٥ ألف ليرة سورية شهرياً (لا يتجاوز ٥٠ دولاراً).
مع هذا الواقع، وصلت لا مبالاة الأسد وحكومته باحتياجات المواطن (خاصة الموالين له) إلى أدنى درجاتها، فبعد أن قدّم للجرحى من ميليشياته (المعسّل، والغنم) كترضية وتعويض لـ"تضحياتهم" كما يسميها، جاء خبر إمكانية إنفاق اتحاد كرته ملايين الدولارات على المدرب البرتغالي أو أي مدرب غيره ليكمل الصورة، ويوضح حالة الاستهزاء والاسترخاص وعدم الاكتراث بالمواطن.
أكثر من 50 عاماً من النهب والسلب والسرقة والفساد، في ظل حكم الأسد، ومازال في جعبته المزيد من الارتزاق، ومازال يدوس على دماء وعرق السوريين، لكي يبقى على كرسي لفظه منذ 5 سنوات.
بطبيعة الحال جاء رد (مورينيو) بالرفض "تدريب منتخب سوريا لا يتناسب مع ملفي الشخصي، سيناريو غير واقعي"، ولكن الخبر لم ينته، فالتبعات مستمرة، وكان آخرها حلقة من برنامج (DNA) للإعلامي اللبناني الشهير نديم قطيش الذي يعرض على شاشة "المستقبل" و"العربية الحدث"، استعرض فيه تصريحات مسؤولي الأسد، يندبون ويشكون القلة، ويؤكّدون أنهم غير معزولين من العالم، وسبب عدم سفرهم إلى أوروبا عدم وجود المال لذلك، وغيرها من التصريحات التقشفية والاستجدائية.
التأهل لكأس العالم لرفع اسم الوطن، عائدات الإعلان، كانت (التيمات) الأساسية لأحاديث أعضاء اتحاد الكرة ورئيسه، هذه (التميات) تشابهت بشكل كبير مع المبادئ الأساسية التي قام ويقوم عليها نظام الأسد منذ استلامه السلطة في سبعينيات القرن الماضي.
فالوطن كان الشماعة التي علّق عليها كل شيء، فالممانعة والمقاومة التي صدّع بها رأس السوريين لخمسة عقود لم تكفهِ، وجاء ليصدع رؤوس السوريين مرة أخرى بالوطن، ناسياً، أو متناسياً المواطنين، أما العائدات فهو الأساس الثاني الذي قام عليه نظام الأسد، فعائدات وثروات البلد ومقدراته لخمسة عقود موجودة الآن في جيوب حفنة من المرتزقة التي عاثت وتعيث فساداً في سوريا.
الوضع الكارثي الذي وصلت إليه سوريا مالياً واقتصادياً، مع عرض بملايين الدولارات لمدرب كرة القدم، يحيلنا إلى المثل القائل: (شروال مالو ودكّتو بألف)، ولكن هذه المرة (دكّتو) هي (مورينيو).
شرح المفردات
(شروال مالو ودكتو بألف): مثل دمشقي قديم يعني أنه مفلس ويقوم بأعمال ونشاطات مكلفة جداً
(شروال): لباس شامي قديم
(الدكّة): الحزام الذي يوضع على الشروال
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.