ما يحدث الآن في مصر بسبب وجود رئيس يرتكب الخيانة العظمى يوميا كما يتناول قهوة الصباح.. هو ترتيبات لمحاصرة مصر وتعجيزها عن خوض أي حرب، أو إنجاز أي تنمية.
لقد وضعت اتفاقية كامب ديفيد مصر في قفص، ولكنها كانت أسدا في قفص، وفي فترة مبارك بدأ التمهيد لإضعاف هذا الأسد (مع تشديد إجراءات حبسه).
كانت فترة مبارك تعتمد على تجويع الأسد، ومحاولة إطعامه طعاما فاسدا، فأصبح أسدا هزيلا لا يملك أي قدرة على الهجوم، لا يملك أي رغبة في الصراع.
في عهد مبارك تم وضع القفص داخل قفص أكبر، ثم أكبر، ثم أكبر، حتى أصبح الأسد داخل مجموعة أقفاص لا أول لها ولا آخر، وفي جميع الأحوال كان السيد مبارك يقف على باب القفص ومعه المفاتيح، وينفذ سائر ما تريده إسرائيل، ولا يكاد أحد يتخيل أن هذا الأسد يشكل أي خطر على أي أحد، بفضل الكنز الاستراتيجي القابع على الكرسي.
وجاءت المفاجأة ظهيرة يوم الخامس والعشرين من يناير عام 2011، فقد زأر الأسد، وكسر الأقفاص واحدا تلو الآخر، وأثبت أنه ما زال أسدا، وأنه يستطيع أن يفترس، وأن بإمكانه أن ينتج سلالة من الأسود الأصيلة، وبالفعل وخلال عدة شهور أنتج أشبالا رائعة، ولو تُرِكَ سيعود ملكا للغابة كما كان في أغلب مراحل عمره.
ما يحدث الآن هو محاولة نزع مخالب الأسد، وخلع أسنانه وأنيابه، وسمل عيونه، وإفقاده السمع، وقطع لسانه، وأهم من كل ذلك.. خصيه، لا بد أن يصبح هذا الأسد مخصيا، لكي يضمن أعداؤنا أن لا يخرج من صلب هذا الأسد أشبال قادرون على الدفاع عن حقوقهم.
ما يحدث الآن هو محاولة قتل أشبال هذا الأسد.. بزرع اليأس في جيل الثورة، وقتلهم، واعتقالهم، وتشريدهم في أقطار الدنيا.
لقد أظهرت مصر حين ثارت في يناير 2011 أنها ما زالت مصر التي تستطيع أن تكون رقما في معادلات العالم، واليوم لا بد من إخراج مصر من هذه المعادلات.
إن لسان حال أعداء مصر بعد ثورة يناير (أما زلتم بعد كل ما فعلناه بكم قادرين على الثورة؟؟؟ والله لنسلطن عليكم أراذلكم حتى يمحى ذكركم إلى يوم الدين)!
المهمة المطلوبة هي جعل مصر دولة غير قادرة على الحرب، وغير قادرة على التنمية، حتى لو تغيرت القيادة السياسية، أي محاصرة الحاضر بنظام حكم عميل، ومصادرة المستقبل بإجراءات لا تخطر على بال أحد!
إنها محاولات لرسم المستقبل البعيد مصر، وليس مجرد استفادة عابرة من ضعف مؤقت تمر به البلاد.
تخيل أنك في حالة مرض، فجاء عدو من أعدائك وقطع ذراعيك ورجليك، وحكم عليك بالعجز، وصعَّب عليك حياتك اليومية، فما بالك لو أردت أن تخوض معركة، أو أن تحصل على حقوقك!
لقد حوصرت مصر في الشمال بترسيم حدودها البحرية مع قبرص واليونان، فطارت منها ثروة من الغاز تُقدر بأكثر من ثلاثمائة مليار دولار، وها هي إسرائيل تجني ثمار ذلك هنيئا مريئا!
وحوصرت مصر في الجنوب باتفاقية مذلة، ستحرمها من نصيبها في مياه النيل، وستتسول مصر قطرة الماء من دول تنسق مواقفها السياسية مع إسرائيل بشكل كامل.
وحوصرت مصر في الشرق بإسرائيل، ثم بحالة الفوضى التي أصبحت في سيناء.
واليوم.. باع هذا الخائن المدعو "سيسي" جزيرتي "تيران" و"صنافير" للملكة العربية السعودية، بحجج واهية، والحقيقة التي لا يماري فيها أحد أن هذه الجزر مصرية منذ آلاف السنين، وهي داخل حدود جمهورية مصر العربية قطعا.
إن الأهمية العسكرية لهاتين الجزيرتين تجعل من التنازل عنهما عملا غبيا لا يقوم به إلا أحمق، قبل أن يكون خيانة عظمى بكل تأكيد!
لقد احتلت إيران جزرا إماراتية في مدخل الخليج العربي (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى)، لأنها جزر مهمة استراتيجيا وعسكريا، وادعت زورا أنها جزر إيرانية، وهي جزر تتبع إمارة رأس الخيمة قطعا.
احتلت إيران هذه الجزر في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1971 أي بعد خروج القوات البريطانية من الإمارات، وقبل إعلان استقلال الإمارات بيومين فقط.
(ملحوظة: الجزر الإماراتية احتلتها إيران في عهد الشاه، وقبل الثورة الإيرانية، أي أن مصالح الدول الاستراتيجية لا تتغير بتغير الأنظمة).
بمعنى آخر.. لو أن "تيران" و"صنافير" جزر غير مصرية فيجب علينا احتلالها لما لها من خطورة على أمننا القومي، فما بالك بجريمة التنازل عن هذا الموقع الاستراتيجي من أجل حفنة دولارات!!!
هذه الجزر هي مدخل خطوط الملاحة للكيان الصهيوني في البحر الأحمر، وهي مخلب لكل من يريد أن يهاجم سيناء، وفي جميع حروبنا مع الكيان الصهيوني كان لهذه الجزر دورا في المعارك مع العدو، والتفريط فيها يبدو وكأنه هدية مجانية لإسرائيل لتتفوق علينا عسكريا بسبب فقداننا للسيطرة على مدخل خليج العقبة!
لقد ثبت أن وضع الأسد المصري في قفص مثل (كامب ديفيد) لا يجدي، لذلك لا بد من خصي هذا الأسد، وتقطيع جسده، وتشويه حواسه، لكي يصبح أسدا لا يرى، ولا يسمع، لا يشم، ولا يملك مخالب أو أنياب، والأهم من ذلك كله.. قتل أشباله لكي لا يملك الإرادة المستقلة التي تغريه بممارسة دور الأسد هو أو أبناءه من بعده!
إن هذه المهمة القذرة التي يقوم بها أشخاص مصريون وصلوا لسدة الحكم بالحديد والنار لا يمكن أن يقوم بها محتل أجنبي، فالمستعمر لا يملك جرأة أن يفعل ذلك، ووجود أمثال هؤلاء الحثالة في سدة الحكم هو الحل الأمثل وهو الفرصة السانحة لإسرائيل ولسائر قوى الشر المتربصة بمصر لكي يضمنوا أن لا ترفع هذه الأمة رأسها مرة أخرى.
الكارثة القادمة ستكون بتدويل أزمة سيناء (وتذكروا ذلك).
واجب الأمة المصرية الآن أن تقف ضد هذه الخيانات كلها، وأن يتوحد الجميع من أجل منع هؤلاء الخونة من (خصي الأسد)!
لا مجال اليوم للحديث عن خلافاتنا، لأن تمكين هؤلاء من تنفيذ مخططاتهم يعني أن القادم أسود، ويعني أن انتصاراتنا عليهم قد تصبح بلا جدوى!
في الختام، لا بد أن أقول إن كل ما يجري الآن سينتهي قريبا، وإن هذه الأمة العظيمة التي تمكنت بعد ثلاثين عاما من حكم الخائن المدعو مبارك من النهوض والثورة، ستتمكن من التخلص من حكم الخائن التافه المدعو "سيسي" هو ومن معه من العساكر.
كل من ساعد هذا النظام الفاشي الفاشل على إذلال مصر، أو استغل فرصة وجود هؤلاء الخونة من أجل نهش لحم مصر.. سيدفع الثمن غاليا.. وستذكرون ما أقول لكم!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين..
هذه التدوينة نشرت على موقع عربي21 للاطلاع علي النسخة الأصلية اضغط هنا
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.