مغالطات الأحزاب حول زيارة رياض حجاب إلى كردستان

أرادت وسائل إعلام الأحزاب الكردية السورية صبغ الزيارة وفقا لرغباتها وتقييمها حسب أهوائها، بل إنها استبقت وصول الزائر في نشر أسباب الزيارة ونتائج المباحثات على شكل تسريبات في منابر صحفية حزبية أو تابعة، منتهجة بذلك سلوكها السابق المفتقر الى الصدقية حتى في نقل الخبر.

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/11 الساعة 03:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/11 الساعة 03:39 بتوقيت غرينتش

لم تكن زيارة د. رياض حجاب، رئيس الهيئة التفاوضية العليا المنبثقة عن مؤتمر الرياض لبعض أطراف المعارضة السورية الى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق في الرابع من الشهر الجاري والاجتماع بالسيد مسعود بارزاني رئيس الإقليم، إلا استمراراً لزيارات سابقة متواصلة منذ 4 أعوام لمسؤولين في معظم أطراف المعارضة السورية وإجراء محادثات حول القضايا ذات الاهتمام المشترك بما فيها ما يتعلق بالوضع في سوريا وكردها والمنطقة عموماً.

ومرة أخرى أرادت وسائل إعلام الأحزاب الكردية السورية صبغ الزيارة وفقا لرغباتها وتقييمها حسب أهوائها، بل إنها استبقت وصول الزائر في نشر أسباب الزيارة ونتائج المباحثات على شكل تسريبات في منابر صحفية حزبية أو تابعة، منتهجة بذلك سلوكها السابق المفتقر الى الصدقية حتى في نقل الخبر.

وإذا كانت منابر جماعات (ب ك ك) ومسمياتها السورية كانت السباقة في تفسيرها التآمري وكيل اتهاماتها المعتادة بخطابها البائس الممل واعتبار الزيارة جزءاً من "المؤامرة الأردوغانية" عليها وعلى إدارتها الذاتية المثيرة للريبة، الى درجة أن أحد أتباعها اعتبر أن الزيارة جاءت لتشديد الحصار على الشيخ مقصود فإن خطاب أحزاب المجلس الكردي الإعلامي بهذا الشأن لم يكن بأفضل حال.

لقد أراد إعلام تلك الأحزاب وتصريحات ناطقيها تصوير الزيارة وكأنها تمت خصيصاً من أجل بحث خلافات الأحزاب الكردية السورية والوقوف على أمراضها وإيجاد العلاج لها، وإعادة الروح لهياكلها المتآكلة وسياساتها الفاشلة، وهو ليس أمر خاطئ فحسب، بل إساءة غير مباشرة الى الضيف والبلد المضيف.

فالزيارة هي لمسؤول معارض الى بلد مجاور لسوريا وإلى رئيس إقليم يحظى باحترام إقليمي ودولي يقف مع الشعب السوري ويؤيد حقه في الحياة الحرة الكريمة يستقبل على أرضه أكثر من 300 ألف سوري بين لاجئ ومقيم غالبيتهم من الكرد ومعنيّ مباشرة بمستقبل سوريا وكردها وكل مكوناتها ومسألة الحرب والسلم فيها والتواصل الإنساني
والحياتي والاقتصادي معها.

من المنطقي ولدى اجتماع طرفين فإن مصادرهما الإعلامية هي المنوطة بإعلان الخبر اليقين عن جوانب الاتفاق والاختلاف، وخارج ذلك ليس إلا دعايات رخيصة لا تقدم ولا تؤخر، وعلى سبيل المثال فقد زعم البعض أن جدول عمل مباحثات الطرفين تناول تقديم د. رياض حجاب الاعتذار للسيد رئيس الإقليم بشأن تصريح العميد أسعد الزعبي، في حين أن ما تطرق اليه الزعبي في تصريحه المثير للجدل يتعلق بالكرد السوريين وليس بكردستان العراق، ويجب وبالضرورة أن يتم تقديمها – إذا صح ذلك – الى كرد سوريا وعبر قنوات المعارضة السورية، وضمن إطار إعلام الثورة السورية وسيكون لذلك وقع أكبر وتأثير أعمق، وهو ما تمناه الأشقاء في الإقليم قبل وخلال الزيارة.

أما الزعم بأن الضيف الزائر أكد أن – المجلس الوطني الكردي – هو الممثل الشرعي الوحيد لكرد سوريا! وهنا نتساءل: هل د. رياض حجاب ممثل شرعي وحيد للشعب السوري حتى يمنح صكوك الشرعية للآخرين؟ وهل بلغ الغباء لدى البعض من أحزاب المجلس الكردي الى درجة انتظار إضفاء شرعية التمثيل من غير الشعب الكردي السوري والجمهور الذي يتحدث باسمه ليل نهار؟
وهل بلغ بهم سوء الحال الى مستوى استجداء صكوك التمثيل كيفما كان؟ وهل هذه الطريقة الأمثل لخدمة القضيتين القومية والوطنية عندما يتم استعارة الشرعية من هنا وهناك؟
ألا يعلم هؤلاء أن الطريق الوحيد هو الاعتراف العلني بالفشل والعودة الى الشعب والارتهان الى إرادته في المؤتمر القومي الجامع المنشود المقترح منذ أعوام والمشار اليه في التحركات الشعبية الوحدوية الأخيرة.

طبعاً لست مخولاً بالتحدث باسم أحد، ولكن أؤكد مرة أخرى أن السيد رئيس إقليم كردستان أعلن مراراً وتكراراً أنه لم ولن يتدخل بشؤون كرد الأجزاء الأخرى ويحترم خياراتهم ويدعمهم على درب النضال والاتفاق والسلام، وبمناسبة زيارة الوفد السوري المعارض صدر عن مكتب رئاسة الإقليم الخبر التالي:

استقبل السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان اليوم الإثنين 4/4/2016م، رئيس الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية رياض حجاب.

أثناء اللقاء تبادل الجانبان الآراء حول الأوضاع السياسية والمستجدات الأخيرة في سوريا، والمفاوضات والاجتماعات الجارية في جنيف حول حل القضية السورية، وتمنى الرئيس بارزاني أن تعود مفاوضات جنيف بالخير على الشعب السوري، وأبدى استعداده للقيام بأية محاولة من شأنها إنهاء آلام الشعب السوري).

كما صدر عن مكتب د. رياض حجاب: (عقد منسق الهيئة العليا للمفاوضات ورئيس الوزراء السوري السابق د. رياض حجاب اجتماعاً مع السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان في مكتبه، وأكد د. حجاب ضرورة تعميق التواصل والتنسيق فيما يتعلق بالقضايا الأمنية المشتركة لمنع امتداد الأزمة إلى دول الجوار، وأهمية تكامل الجهود في المعركة ضد الإرهاب.

كما تناول الحديث ضرورة تحقيق السلم المجتمعي من خلال استيعاب كافة مكونات المجتمع السوري في عملية الانتقال السياسي، والعمل على إدماج سائر مكونات الطيف السياسي الكردي السوري في العملية السياسية وعدم السماح للجهات التي تعمل وفق أجندات خارجية باحتكار التمثيل السياسي لتحقيق أغراض حزبية ضيقة.

وفي تعليقه على سير العملية السياسية، قال د. حجاب: "السوريون وحدهم يقررون مستقبل البلاد وفق صيغة إجماع شعبي وانتخابات حرة نزيهة تتكافأ فيها الفرص، لن نسمح لأية فئة أن تعيد صياغة الهوية الوطنية وفق مفاهيمها الضيقة بقوة السلاح".

لقد استخدمت وسائل اعلام أحزاب المجلسين (الكرديين!) بما فيها إدارات قنوات فضائية ومواقع إلكترونية تتشارك معها بالمنافع المادية كل أنواع التزلف والتحايل على أهداف ونتائج الزيارة بما فيها (ضرب الرمل وقراءة الفنجان)، وهي نفسها ظلت ساكتة مثل صمت القبور أمام ما جاء في لقاء راعي المساعي الحميدة رئيس الاقليم في السادس عشر من الشهر المنصرم على فضائية "سكاي نيوز عربية" بشأن فشل أحزاب المجلسين ومسؤوليتها المباشرة عما وصلت اليهاالأمور، أليس الأولى بها الإقدام على المزيد من التوضيحات والإقرار بالإخفاق والتنحي من المشهد أمام الشعب الكردي السوري وأمام من تابع كل مراحل التوقيع على اتفاقيات لم تر النور في أربيل ودهوك.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد