بعيداً عن نظرية المؤامرة الخارجية التي نحاول دائماً أن نعلق عليها أسباب خنوعنا للكسل الذي يتملكنا، ويجد له طريقاً لكي يكون عقبة كبيرة توقفنا عن المسير وتجبرنا على الوقوف في المكان الذي يختاره لنا عنوة، هناك مؤامرة داخلية علينا أن نعي وجودها، نتقبل حقيقة خطرها، نستخدم الحيلة لكي تكشر عن أنيابها المخبأة خلف ابتسامة الصديق الناصح ونكشفها على واقعيتها؛ لكي تُوقف عند الحد الذي لا يتعارض مع سعينا في سبيل النجاة.
في مقالي هذا، لن أخبرك قارئي أن تُعرِض عن الآخرين وتتجنب عباراتهم المحبطة وتقليلهم من شأن أحلامك؛ لأنه قد قيل في هذا الجانب الكثير، ولكني سأخبرك عن عدوٍّ للطموح يكمن داخلنا، يوهمنا بأنّه الناصح الأمين الذي يخشى علينا التعب الذي لا طائل منه ويخاف علينا خيبة الأمل حين لا يتحقق ما نريد، وهي نفسك المحبطة الأمّارة بالكسل والمحبة للخمول.
يخرج الكثيرون منا إلى هذه الحياة وهم يحاولون النجاة عبر ممر ضيق يفرِّق بين عالمين مختلفين، معتمدين على أعضائهم للنجاة، لا يدركون من لهم ومن عليهم ويبقون يحاولون. تمر بك الأحداث قارئي فتحاول أن تبقى كما أنت، ولكن البعض منا يختار الانصياع لنظرته الدونية لقدراته، ويرضى رضا المتكاسل عن عطاء الدنيا له الذي يشبه عطاء زوجة الأب لابن زوجها الذي تكرهه.
سأخبرك قارئي عن مرحلة مرت في حياتي حين حاولت أن أجد عدوًّا أحاربه، أحداً أقتلعه من يومي عساني أكفكف الدمع الذي يلوث الرؤية في عيني، وأمضي في طريق حلمي، استمررت في التخبط بين هذا وذاك، وكلما أقصيت أحداً من يومي أكتشف أنه لم يكن هناك فرق وأنني ما زلت في ذات البقعة من المستنقع إلى أن تجاهلت كل الضوضاء لكي أُميِّز الصوت الذي لا يسكت عن إحباطي، فوعيت حينها أنت صوت من داخلي، صوت شيطان مغلَّف بصوت ملائكي يقنعني أنّه لا يريد سوى راحتي، وأنه لا يريدني أن أتعب فيما لن يعود عليّ بشيء، وأن أرضى بسقوطي من أعلى المنحدر لكي أختبئ في كهف تختبئ معه قدراتي، وأدركت حينها أنّ أشد أعدائي كان من المفترض أن يكون صاحبي الذي يريدني أن أصل، وليس ذلك الذي يريدني أن أبقى حبيسة الرضا بشيء أستطيع فعل ما هو أكثر منه.
تعلمت حينها أنّ أنقّي ما أسمعه من نفسي، آخذ ما يسوء منه لكي أعدّله وأنتقي ما يرفعني منه، لكي أبقى على الطريق دون أن أستسلم لعاصفة تختارين هدفاً، لكي تتخلص مني ومن يومها وعيت أن الطريق للطموح يبدأ من خطوات تختارها داخل نفسك، ابتداءً باقتناع بقدرتك، صقل لمواهبك، تحديد لأهدافك، وصمٍّ لأذنيك عمّا قد يعرقلك دون أن يكون له الأحقية في ذلك ومن بعدها تمضي. وبعد كل هذا، عليك أن تكون واثقاً من نفسك، منتصراً على المؤامرة الداخلية لكي تستطيع الوقوف أمام المؤامرة الخارجية بكل صعوباتها.
لكي أكون عقلانية وأن لا أعطي جرعة حماس في مكان خاطئ، خلال طريقك للنجاح كن صريحاً مع نفسك بشكل بنّاءٍ، أدرك ما هي قدراتك، اعمل لكي تصقلها، اكتسب ما تحتاجه لكي تصل للهدف الذي تريده ولا ترمِ بنفسك في مكان لا يشابهك، فلا يقذف أحدٌ في مجال لا يشابه نفسه لأجل أن ينتصر على تعليق من أحد لا يريد سوى أن ينتقص من مكانته دون رغبة في رؤيته يتميز.
ومن باب الشيء بالشيء يذكر، فأنا لم أناقض نفسي فيما كتبت ولكن أحيي الصراحة مع النفس قبل أن تصارح بأفكارك غيرك؛ لأنك حينها فقط ستحدد ما الذي لك وما الذي عليك، وستعي ما الذي يتطلبه الأمر لكي تصل، وفي طريقك للنجاح لا تنس أن تخلص النية لله فإن وصلت فقد وصلت لله وإن لم تصل لدينا تريدها فقد وصلت لإله خلقك لكي يسعدك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.