بينما ينتظر السياسيون من رافضي الانقلاب العسكري في مصر -عجزًا- الحل الإلهي لإزاحة السيسي ومن ورائه الجيش عن الحياة السياسية، يستهوي البعض كل حين أسئلة حول بعض الأشخاص وإمكانية قيام أيهم بدور البديل القادم، ومن ثم السؤال عن من يدعمه محليًّا ودوليًّا وإلى أى مدى قد يستمر دعمه؟
لا ينظر هؤلاء غالبًا إلى سقف الطموح الذي قد يحمله هؤلاء المستدعون إلى أحلامهم كبدائل ومخلّصين، في وقتٍ لا يستطيع "السيسي" فيه أن يذعن إلى رأي عسكره كما أذعن سلفه "مبارك"، وهو الذي فرض نفسه على الغرب المعاون لانقلابه بالقوة، وفي وقت لا يتخيل فيه أن يعيش دون امتيازات الملك المُلهم، الطبيب، الفيلسوف، المحبوب، خفيف الظل، صاحب الإنجازات، والفتاك بأعدائه الأشرار.
في وقت لا يستطيع أن يعيش من دون أن يكون رئيسًا، ولو صنع في كل ساحة مجزرة، من دون أن يوصف بكل آيات الجلال والجمال، من دون أن يغني له شعبه ويرقص.
كما لا يستدعي هؤلاء احتمال الغرق فى مستنقع الفوضى والذبح اللامحسوب لشعب الإخوان المرابط في الشوارع منذ عامين وأكثر، إذا ما اتخذ هؤلاء العاجزون خطوة غير محسوبة لا يدفع ثمنها إلا الإخوان وحدهم.
ما أحاول قوله إننا لسنا في حكم العادة من استعراض الساسة لجاهزيتهم كبدائل أمام الغرب، الذي لا يملك فرض الرأي بدون الجيش، ولا الجيش في وضع مبارك حتى وإن كان في إزاحة "السيسي" طوق النجاة لمملكته الخاصة.
مع الأسف، لا يدرك هذه الحقيقة إلا من يظنهم البعض قافزين من مركب "السيسي" الغارقة، وهم في رأيي لا يسعون إلا لأخذ مواقع اليسار القديمة في دولة عبدالناصر، وهذا هو سقف طموحهم.
أقول لهؤلاء العاجزين، ناظري البديل، إن أمامهم خياراً واحداً، ليس فيه انفراد بالمعارضة أو تمايز، وإنما ثورة شاملة واصطفاف كامل غير مشروط، يتقاسم فيه الجميع دماء "الفوضى" التي سيتقن السيسي صناعتها هذه المرة، والتي بشّر بها آنفًا حين قال: "تذكروا يوم كذا وكذا".
لن يسقط الانقلاب بالتظاهر وإن كان يوفّر زخمه، ولا بالبديل المقتول قبل أن يولد بأمر الشرعية.
ما يُسقط الانقلاب هو اصطفاف الثورة، واستعداد صفّها؛ لخوض عملية سياسية تتحدى الدولة العسكرية وتجبرها على الانحسار، بلا مزايدات رخيصة ولا بيع للأوهام.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.