لماذا انتصرت تونس وانهزم البقية؟

تعيش تونس في الأيّام الأخيرة على وقع الانتصارات الأمنية الكبيرة التي وضعتها وجهًا لوجه مع "الفيروس" الداعشي الفتّاك الذي ضرب معظم الجيران، والذي نَخَر جميع الأماكن التي وصل إليها أتباعه بدْءًا من بلدان المغرب العربي وصولاً للشرق الأوسط وبقية العالم..

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/18 الساعة 03:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/18 الساعة 03:23 بتوقيت غرينتش

تعيش تونس في الأيّام الأخيرة على وقع الانتصارات الأمنية الكبيرة التي وضعتها وجهًا لوجه مع "الفيروس" الداعشي الفتّاك الذي ضرب معظم الجيران، والذي نَخَر جميع الأماكن التي وصل إليها أتباعه بدْءًا من بلدان المغرب العربي وصولاً للشرق الأوسط وبقية العالم..

أمام هذا الانتصار الساحق الحاصل على الحدود الجنوبية التونسية يقف العالم احترامًا وإجلالاً للقوات العسكرية والأمنية هناك متسائلين عن سرّ النَّجاح التونسي وسبب فشل البقية في مثل هذه الامتحانات العسيرة!

تونس وأسرار النجاح: الأسباب المباشرة

الإجابة على هذا السؤال لا تتطلب بحثاً كبيراً بقدر ما تحتاج لمعرفة تاريخية دقيقة بطبيعة الشعب التونسي وتركيبته الاجتماعية الفريدة من نوعها من حيث التعامل مع جُلِّ الأزمات التي مرّت على البلاد منذ الاستعمار الفرنسي إلى حدود هروب أحد كبار جلاّديه في 2011، حيث كانت ردود الفعل دائماً تجتمع على الوحدة والتكاتف أمام الأزمات رغم ما يشوبها أحيانًا من اختلافات سياسيّة وفكريّة كبيرة وصلت أوْجها في أولى سنوات الثورة، حيث كان الصدام على أشٌدّه بين اليمين واليسار بعد جفاف وتصحّر سياسي كبير قارب الربع قرن..

لكن ورغم ذلك وكل ما حدث في تلك الفترة، فإن الوحدة التي جمعتهم كانت هي السبيل لاحقاً في تحقيق الانتصارات المتعاقبة على الأزمات التي هزّت البلد بدءًا من الاغتيالات وصُولاً للصراع المجتمعي لأجل قضايا الفقر والتهميش، والتي انتهت بهم لاحِقًا إلى طاولة الحوار بعد أن توافَقُوا على الوحدة والتفاهم على نمط الحكم بُعَيْدَ اختلافات متعاقبة كادت تعصف بالوطن إلى ما لا تُحمد عقباه..

الأسباب غير المباشرة

تتميز تونس عن باقي الدول العربية التي نخرها سوس الإرهاب بأنّها بلد تغلب عليه روح المواطنة ويغيب فيه منطق العشيرة، وهو ما يمنع في غالب الأحيان فرص تغلغل تنظيمات مثل داعش وغيرها من الجماعات المتطرّفة على أراضيها، حيث من المعلوم أنَّه حيثما وُجِدت العشائرية وُجِدت الفتنة، وحصلت القطيعة، على غرار ما يحدث في اليمن والعراق وفي ليبيا، وهو السبب الذي جنّب تونس في عديد المناسبات انزلاقات خطيرة كادت تؤدّي بها إلى المجهول.. هذا إضافةً لموقعها الإستراتيجي الذي جعلها في مأمن من مخاطر بؤر التوتّر التي كادت تجعل منها حمّامًا للدم بسبب الفوضى الحاصلة في تلك المناطق التي وصلت فيها الحرب أشواطًا متقدمة على غرار الأراضي السورية التي صارت مرتعًا وصِراعًا لجميع القوى الاستخباراتية الدولية.

استخلاصات عملية بن قردان

عملية بن قردان كانت امتحاناً عسيراً وتحدّياً كبيراً للجيش والأمن التونسيّين لمعرفة مدى الجاهزية الحقيقة للقوات العسكرية الحدودية المرابطة هناك، امتحان نجح فيه الجيش التونسي بامتياز، لكن وبالرغم من هذا التفوّق الأمني الكبير، فإن نقطة الاستفهام التي رافقت الأحداث تتمثّل أساسًا في العدد الحقيقي للإرهابيين المتواجدين على الأراضي التونسية، والذين لم يشاركوا في الأحداث والذين يوصفون غالبًا "بالخلايا النائمة"، إضافة لحقيقة التهديدات التي قد يمثّلها تواجدهم على الأراضي التونسية،.. كما عرّت الأحداث الأخيرة "البروبغندا" الزائفة لداعش التي حوّلها الإعلام إلى غول متوحش، رغم معرفة جميع الخبراء بحقيقتها الاستخبراتية التي لعبت على الجانب الديني أساسًا.. ويبقى الاستخلاص الأهم لحادثة بن قردان هو الاكتشاف الجديد القديم لأحفاد الفلاڨة الجدد في الحدود الجنوبية ومدى شراستهم في الذود عن الوطن رغم ضعف الحال واستهتار حٌكومات البلد المتعاقبة بهم وبمطالبهم

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد