اللاجئون .. و اللإنسانية !!

وبعيداً عن البعد الإيراني والذي يبدو ممـوِّلاً مادياً للتـواجد الروسي، فإن الروس أنفسهم يحاولون الضغط على الغـرب من خـلال زيــادة استهداف المدنيين السوريين بشـكلٍ يومي، الأمر الذي يساهم طرديًّا في تدفق أعـدادٍ كبيرة من اللاجئين السوريين وغير السوريين إلى أوروبا

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/13 الساعة 04:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/13 الساعة 04:34 بتوقيت غرينتش

لا يختلف اثنان على أن التدخل الروسـي في سـوريا له أهــداف استراتيجية روسية بحتة غير الوفاء بالاتفاقيات العسكرية والأمنية بين البلدين كما تزعـم روسـيا، وكذلك غير محاربتها للإرهاب الذي صـار دعاية إعـلامية مفضوحة، وبعيداً عن البعد الإيراني والذي يبدو ممـوِّلاً مادياً للتـواجد الروسي، فإن الروس أنفسهم يحاولون الضغط على الغـرب من خـلال زيــادة استهداف المدنيين السوريين بشـكلٍ يومي، الأمر الذي يساهم طرديًّا في تدفق أعـدادٍ كبيرة من اللاجئين السوريين وغير السوريين إلى أوروبا.
هـذا التفسـير تفسـير منطقي وواضح للجميع، فأوروبا أظهرت عجزاً تامًّا في التعامل مع قضايا اللاجئين في ظل غيابٍ شبه تام لمنظمة الأمـم المتحدة ومنظمات المجتـمع الدولي، التي اكتفت فقط بإبداء قلقها تارة واستنكارها تارة أخرى. ولعل ما قاله السيناتور الأميركي جون ماكين قبل أمس يصب في هـذا المنحى، ويؤكد أن الروس يساومون الغرب مساومة رخيصة تظهر جليّة في إراقـة الدم السوري ونشر الذعر والخوف في المدن والأحياء السكنية جراء استهدافها المباشر بالصواريخ الموجهة، بل إن الضـربات الروسية استهدفت بشكل مقصـود مخيمات اللاجـئين السوريين على مقربة من الحدود التركية السورية.

ولعـل الغـرب أدرك أخيراً أبعاد هذه الخـطة الروسية القـذرة، فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بدت حادة اللفظ في تصريحاتها الأخيـرة ضد الضـربات الروسـية المستهدِفة للمدنيين ولمخيمات اللاجئين، وكذا الحـال في تعليقات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس. وهـذا تحولٌ وإن كـان يبدو إيجابيًّا، إلا أنه من المحزن والمحزن جداً ألا تتـحرك الإنسـانية لدى هــذه الدول الديمقراطية التي عانت الأمرّين في عصور التحرر من الاضطهاد والعبودية، إلا بعد أن أصبحت حشودُ اللاجئين الفارين من الموت خطراً يدق أبوابها وناقوساً يجلجل ثوابت استقرارها واقتصادها.

لا أجدُ تفسـيراً مقبولاً على الأقل من وجهة نظري المحدودة لتراجع الرئيس أوباما عن توجيه ضـربة للأسـد عام 2011م إلا نجاح ضغط اللوبي اليهودي عليه رغبة منهم في استـمرار الاقتتال وانتشـار رقعة الدمار في سـوريا كما كان الوضع في العراق من قبل، وفعلاً قد نجحوا في مسعاهم ومبتغاهم أيما نجـاح، وفي المقابل هذا الوضع ساعد على وجـود وتنامي الحضـور الروسي، الذي زاد من تعقيد الأمور، وربما يوصـل المنطقة لحرب شـاملة لا سمح الله، في اعتقادي أن الأميركان أدركوا خطأ تراجعهم، وبات عليهم إعادة النظر فيما أخفقوا فيه، قبل أن يتفاقم الوضع وتنشب حرب عـالمية ثالثة تعرك الجميع عرك الرحى بثفالها ويعجز النقاد والمحللون عندئذ عن التنبؤ بما تؤول إليه.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد