بعد خمس سنوات على الحرب والدمار، بعد أن تشرد أكثر من نصف شعب البلد، وباتوا لاجئين في العديد من الدول. تنشط اليوم حركة الدبلوماسية العالمية شرقاً وغرباً لتظهر بوادر أمل في حل يلوح في الأفق لأزمة سببت أكبر أزمة نزوح ولجوء منذ الحرب العالمية الثانية. فأوروبا قد أمطرها اللاجئون في السنوات القليلة الفائتة إلى درجة استعدت حلف شمال الأطلسي للتدخل لمنافشة نشر سفن حربية لمنع المهاجرين غير الشرعيين القادمين إلى القارة العجوز..
اليوم وبعد أن طال الانتظار ينتظر العالم هدنة من المفترض أن تكون المقدمة لسلسة "هُدَن" التي يتأمل العديد من الأطراف أنها ستنهي الأزمة السورية من خلال إبرام اتفاق مصالحة يرضي العديد من الأطراف ويقضي -بحسب الولايات المتحدة- بإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة من أجل ضمان الانتقال إلى حكومة انتقالية ذات صلاحيات تضم جميع الأطراف السورية.
من الجدير بالذكر أن الأزمة السورية شهدت منعطفاً خطيراً في الأشهر القليلة الماضية، عندما تدخلت القوات الروسية بشكل علني للدفاع عن حلفائها السوريين المتمثلين بالنظام والميليشات المناصرة له في خطوة اعتُبرت انتهاكاً للسيادة السورية التي لم موجودة أصلاً، في ظل وجود نفوذ كبير للدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) وسيطرة قوات حماية الشعب الكردية على مساحات شاسعة من الشمال السوري ناهيك عن الوجود المتبعثر لقوات المعارضة السورية وجبهة النصرة. وبالإضافة إلى كل ذلك فالتحالف الدولي يشحن العديد من الغارات على التراب السوري من أجل محاربة تنظيم الدولة. وفي خضم هذه الفوضى العارمة.
استطاع النظام السوري تحقيق انتصارات تاريخية على مدار الحرب السورية، مدعوماً بسلاح الطيران الروسي الذي مثل الغطاء الجوي الذي فشلت المعارضة في موازاته قوةً في أغلب الأحيان. فحلب اليوم باتت في خطر السقوط، في ظل المخاوف المتمثلة في مجاعة ستصيب أهلها بسبب انقطاع خطوط الإمداد التي سيطر على النظام. وفي حال سقوط حلب، فنستطيع القول أنه لم يبق للمعارضة سوى القليل من المناطق الحيوية، لكن هذا الكلام مبكر في ظل وجود قوات من العديد من الدول في تركيا والأردن على وشك اجتياح الداخل السوري لمحاربة الإرهاب. كمان الجيش التركي مباشراً في قصف مواقع عديدة لحزب العمال الكردستاني في الداخل السوري الذات بات يسيطر على أغلب المناطق الحدودية مع تركيا بالتعاون مع قوات ما يعرف بالبيادية وبعض الأحزاب الكردية.
وهنا يبقى التساؤل عن إمكانية التوصل إلى حل ينتهى بسوريا موحدة بعد الحرب، أم أن سورية باتت على حافة التقسيم في ظل تصريحات أميركية وإسرائيلية تلوح بالخطة (ب) التي وصفها وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالخيار البديل في حال فشلت المفاوضات في الأشهر القليلة القادمة.
ويبقى المستقبل معلقاً في رهان الواقع.. هل سنصل إلى يوم يقال فيه: كانت سورية موجودة؟ إن وجود هذا البلد سيكون أقوى من الحرب المدمرة التي فتكت بترابها وبأهلها. في النهاية العالم اليوم يقف مشاهدا لما يحدث وسيتذكر التاريخ دوما التفاصيل التي قد ينساها البشر لكن سيبقى يذكرها دوما وحده القدر.