حلم كل سوري سَويّ، ليس من مصاصي دماء الشعوب، أو مدمني شربها حتى الثمالة، هو حتماً وقف الحرب!
وقف الحرب وحقن ما تبقى من دماء وعودة الحياة الطبيعية، أن نعود جميعاً إلى مدننا وقرانا وحاراتنا،
أو ما بقي منها.. أن نعود إلى دمشق وحلب و حماة وحمص ودرعا.. ولو كانت دماراً، ولكن نحن قادرون أن نعيد إعمارها بأيدينا، لنجعلها أحلى مما كانت عليه، ونجدد ذكرياتنا الحلوة، وليس المُرَّة فيها ولكن نريد فقط قبلها كلمة من ثلاثة أحرف، اجتمع العالم كله على أن يمنعنا إياها "عدل".. نريد عدلاً فقط!
من العدل: ألا يبقى السفّاح الذي سفح دم نصف مليون سوري، يحكم سوريا!
بل ويتبجح بكل صفاقة بأنه بعد قتل وتهجير وتشويه وتقطيع أوصال ملايين السوريين:
بأنه من أنقذ سوريا!
ذنب الكلب كما يقول الروس، يتجرأ بكل عته على أن يقول هذا!
بعد أن صرخ أصغر طفل في سوريا وحتى أكبر شيخ: "ما منحبك، ما منريدك، يلعن روحك" منذ خمسة سنوات وحتى اليوم!
من العدل: ألا تبقى أجهزته القمعية التي اعتَقلت، واغتَصبت، وخوزقت، وشَوِّهت، وجَوِّعت، وقُتلت تحت التعذيب مئات الآلاف من السوريين، ألا تبقى موجودة حرة بلا محاسبة!
من العدل: أن يخرج الأحرار، من بقي منهم حيًّا من السجون، رجالاً ونساءً وأطفالاً!
هؤلاء المنسيون هم أشدنا عذاباً، وقد انتهكت أرواحهم وأجسادهم، وحوش أعجز أن يتخيل إجرامهم عقل بشري!
من العدل: ألا يبقى على أرض سوريا أي جندي من خارجها مهما كان.. روسيًّا، إيرانيًّا، عراقيًّا، أفغانيًّا، أو حتى مريخيًّا!
يكفي ما تسبب به هؤلاء الغرباء من دمار، فليعودوا جميعاً من حيث أتوا، ويتركوا سوريا فقط للسوريين من العدل أن يتوقف القصف والقتل والتهجير..
كل القصف والقتل والتهجير.. وأن يضع الجميع سلاحهم، ثم نحتكم جميعاً كسوريين إلى صندوق انتخابات يقرر من يحكم سوريا، وقبلها يجب أن يَمْثُلَ القتلة، كل القتلة أمام قضاء مستقل عادل ونزيه.
جميعنا نحلم بذلك اليوم الذي تنتهي فيه الحرب، وتنتصر فيه إرادة الشعب.. ولكننا جميعاً نريد عدلاً.. نريد وقف إطلاق نار حقيقيا، لا وهميًّا!
ما زلت أذكر تماماً عندما قررت الأمم المتحدة والوسيط العربي وقتها: الأخضر الإبراهيمي وقفاً لإطلاق النار في عيد الأضحى قبل ثلاثة سنوات ونصف، وقتها كان ذلك بمثابة إعلان لإطلاق النار!
كان عيداً مروعاً جدًّا، وليس سعيداً أبداً.. قضينا ذلك العيد ونحن مختبئون في الممرات والأماكن التي ظنناها الأكثر أمناً، نقرأ الشهادة على أرواحنا، قبل أن تطير منا الرؤوس أو الأقدام!
قصف الطيران والهاون، وصواريخ السكود، والقناصات والقنابل والاشتباكات لم يتوقف قط.. كان قبراً لم يسقط سقفه على رؤوسنا بعد.. كان ذلك وقفاً معلناً لإطلاق النار.. وإعلانا معلقاً لوفاتنا!
واستمرت الحرب، بلا أية عدالة أو رحمة..
وهُجِّرنا بعدها من جديد!
إن كان هذا ما تنوون فعله، في السابع والعشرين من هذا الشهر..
فأرجوكم!
لا توقفوا إطلاق النار!
نريد العدل في سوريا، نريد الرحمة في سوريا، نريد سلاماً وعدلاً يا مصاصي الدماء!
ألم تشبعوا من دمائنا بعد!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.