لماذا يقاطع هؤلاء اللاجئين السوريين؟!

الفنانون السوريون والعرب المناصرون للأسد يدركون من خلال تجنبهم القيام بأي نشاط إنساني لدعم اللاجئين، أن هؤلاء اللاجئين هم ضحايا إجرام الأسد، ولم يخرجوا لزيارة أقربائهم في تركيا، كما قالت مديرة التلفزيون السوري السابقة "ريم حداد" في مقابلة تلفزيونية مع "سكاي نيوز" الإنلكيزية في صيف عام 2011.

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/10 الساعة 05:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/10 الساعة 05:26 بتوقيت غرينتش

لم يكن تصريح الممثلة المصرية إلهام شاهين الأخير، خلال حوار لها على قناة "الحياة" المصرية، بأن "بشار الأسد يحارب مجموعات إرهابية تكفيرية تدعمها قطر" التصريح الفني الوحيد، الذي يدعم جرائم بشار الأسد الموصوفة ضد الشعب السوري، ولن يكون الأخير..

فلو كلفت السيدة إلهام أو سواها – ممن سيدعون لاحقاً أنهم لم يكونوا يعلمون الحقيقة – دقيقة بحث على موقع الفيديو الشهير "يوتيوب" لوجدوا بالصور والأدلة الدامغة ما يظهر بكل جلاء من كان يقتل بشار الأسد؟ ومن كان يحارب؟ ولمن البيوت والمدارس والمشافي التي كان يقصفها طيرانه، ليدمرها فوق رؤوس ساكنيها أو نزلائها؟ ولماذا فرّ الملايين من أرضهم وديارهم وسكنوا مخيمات لا ترقى أفضل خدماتها، إلى ما كان يعيشه أفقر واحد من هؤلاء اللاجئين في بيته وعلى أرض وطنه، وبين أهله!

لكن مشكلة معظم الفنانين السوريين أو العرب الذين يناصرون إجرام نظام الأسد، وينكرون أي وجود لثورة شعبية ضد حكمه الذي ورثه عن أبيه في نظام جمهوري، مدعين أن المشكلة فقط هي في المجموعات الإرهابية التكفيرية التي أتت من كافة بقاع الأرض، التي تدعمها مرة قطر، وأخرى تركيا، وثالثة السعودية، والتي تسببت هي بتهجير السوريين وتشريدهم وتدمير وطنهم.. مشكلة هؤلاء الفنانين، أو فضيحتهم الكبرى بالأحرى، تكمن في الموقف من اللاجئين!

فإذا صدقنا أن بشار الأسد يقاتل المجموعات الإرهابية التكفيرية، وأنكم لستم حريصون على الأسد كشخص، بل على سورية وشعب سورية، وأنكم تتعاطفون مع معاناة السوريين ضد هذه المؤامرة الكونية التي تستهدف وطنهم، وتدمر مدنهم وقراهم وبيوتهم، وتسرق نفطهم، وتتاجر بآثارهم.. كما تقولون فأين هذا التعبير عن التعاطف مع الشعب السوري؟!

هل هناك – في حالات كهذه – أجلى من زيارة هؤلاء الفنانين لمخيمات اللاجئين السوريين، ومحاولة جمع التبرعات لهم، والمشاركة في حملات إنسانية لتسليط الضوء على معاناتهم، خصوصاً مع الأخبار التي كانت تتواتر على مدى الأعوام الماضية، عن موت أطفال في تلك المخيمات من جراء موجات الحر صيفاً أو البرد شتاءً، أو عن الظروف القاسية التي واجهها هؤلاء اللاجئين في مواجهة عواصف ثلجية، كان آخرها العاصفة القطبية (هدى) التي ضربت منطقة الشرق الأوسط مطلع العام 2015 وأودت بحياة العشرات من اللاجئين وأطفالهم ونسائهم الذين ماتوا متجمدين، في مواجهة الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، وغياب وسائل التدفئة لديهم!

أحرجت زيارات الفنانة الأمريكية أنجلينا جولي لمخيم الزعتري للاجئين السوريين في محافظة (المفرق) شمال الأردن، ثم زياراتها الأخيرة لمخيمات اللاجئين السوريين في تركيا في شهر رمضان الماضي، الكثير من الفنانين السوريين والعرب.. وجاءت زيارات كل من الممثل الأمريكي جون ستيورات، والمطرب والملحن البريطاني سامي يوسف والممثلة البريطانية ميشيل دوكري، والممثلة التركية توبا بويوكستون، نجمة مسلسل (سنوات الضياع) لتكشف كذلك حجم النفاق في مواقف الفنانين السوريين الممالئين لاستبداد الأسد وجرائمه.

وتذكر السوريون كيف زار دريد لحام غزة تحت الحصار، في حين لم تعتّب قدماه أي مخيم سوري لا خارج سورية ولا داخلها.. وعندما أعلن في شتاء عام 2015 أنه سيبيع سروال شخصيته الشهيرة (غوار الطوشة) في مزاد خيري، ويتربع فيه للأطفال السوريين الذين يعانون من البرد، سخر السوريين من موقفه المتواطئ، تجاه الأطفال الذي قضوا بجريمة الكيماوي في أغسطس/آب من عام 2013 وبعضهم في بلدة معضمية الشام المحاصرة، على بعد كيلومترات قليلة من فيلته الفاخرة في منطقة مزة فيلات على أطراف دمشق.. ومع ذلك لم يخرج بكلمة ليدين من قتلهم.. خصوصاً أن نظام الأسد لم يعلن أي حداد رسمي على هؤلاء!

الفنانون السوريون والعرب المناصرون للأسد يدركون من خلال تجنبهم القيام بأي نشاط إنساني لدعم اللاجئين، أن هؤلاء اللاجئين هم ضحايا إجرام الأسد، ولم يخرجوا لزيارة أقربائهم في تركيا، كما قالت مديرة التلفزيون السوري السابقة "ريم حداد" في مقابلة تلفزيونية مع "سكاي نيوز" الإنلكيزية في صيف عام 2011.

فالملايين خرجوا بعد انتشار جيش الأسد في المدن لقمع التظاهرات واعتقال الشبان والناشطين، وزاد تدفقهم بعد استخدام سلاح الطيران في قصف المدن والبلدات السورية عام 2012، وصمت العالم عن هذا الاستخدام بقوته التدميرية والتهجيرية الهائلة.. وهم يدركون أن اللاجئين لن يستقبلونهم استقبالاً يرضيهم، ولن يجاملونهم في الأكاذيب التي يرددونها في مقابلاتهم التلفزيونية، ولن يتحدثوا معهم أمام الكاميرات عن الإرهابيين الذين تدعمهم قطر وتركيا، وسيقولون لهم بالفم الملآن من الذي هجرهم؟ ومن الذي قصف بيوتهم بالمدفعية والصواريخ والطائرات؟ ومن الذي قتل أولادهم في المعتقلات تعذيبا وتجويعاً لأنهم يعرفونه جيداً.

ولذلك استعاض بعض الفنانين الذين يعرفون هذه الحقائق عن زيارة مخيمات اللاجئين بزيارة مراكز ومعسكرات جيش الأسد، والتقاط الصور التذكارية مع الضباط الذين ارتكبوا أبشع الجرائم في حملاتهم العسكرية الانتقامية ضد المدنيين العزل.. كما فعلت الممثلة السورية رغدة والممثل زهير عبدالكريم، الذي ظهر وهو يقبل الحذاء العسكري، والممثل دريد لحام الذي اعترف في اتصال هاتفي منشور بأنه زار أحد مراكز جيش الأسد في عيد تأسيس الجيش السوري العام المنصرم.

سيذكر التاريخ جيداً هذا الموقف العقابي من قضية اللاجئين السوريين، الذي اتخذه الفنانون الذين كانوا يدعون على الدوام تعاطفهم مع السوريين ضد "الإرهاب"، وسيكشف هذا الموقف حقيقة أنهم كانوا يعلمون الحقيقة.. وأن مواقفهم المخزية إنسانياً وثقافياً لم تكن ناتجة عن جهل.. بل عن تجاهل لحقيقة يدركونها، ولحقيقة وقفوا ضدها عن علم ووعي.. لأنهم اختاروا أن يقفوا في المكان الخطأ من حرية شعب عانى الظلم والاضطهاد على يد جلاديه طويلاً، وخرج يقدم أبهظ الأثمان من أجل حريته.. في زمن خان فيه الكثير من الفنانين ضمائرهم، وقيَم فنهم أيضاً!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد