علمني أن أحيا.. علّمني أن أحب..

في مفهوم أسمى للحياة وللسعادة أن تتحوّل من غاية كونيّة إلى عطاء روحي, أي أن نجد السعادة في تقريبها للآخر وأن نسعى لنشر الخير وغمر هذا الكوكب الحزين تفاءلاً.. أن تلج لعمق الغير وتنير العتمة التي استولت عليه, أن تلتمس القلب الحزين, أن تضمّد جرح الخيانة وخيبة الأمل وتطمئن صاحبهما بأن الزمن كفيل بالنسيان..

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/09 الساعة 08:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/09 الساعة 08:34 بتوقيت غرينتش

قائمة هي على مَبدأ الاختلاف, على التنوع وتباين
الأفكار والآراء, دنيانا التي نعيشها اليوم.. عالمنا
الغامض واسع المجال متعدد الأبعاد.. في خضم الحياة وفي
رحلتنا الأبديّة المدى إثباتا لذواتنا قصد
تحقيق السعادة ثم الرضا, يعترض الفرد منّا صعوبات عدّة,

عراقيل التخاطب واللجوء لمكنون الغير للتعريف بالنفس و
الإقرار بصوابها النسبي.. تصادمنا مع الغير وعدم قبولنا بالاختلاف يجعل من رحلتنا الطويلة لبلوغ النجاح
وخطانا الدقيقة على كثبان الحياة ثقيلة العبء متعبة للنفس و
مجهدة للروح.. فطريق النجاح طريق عام للإنسانية قاطبة و

على ضوء الاختلاف يحدث التصارع والتنازع على أسبقيّة
وأحقيّة الأنا.. غير أن الحياة في الحقيقة مختلفة كل البعد عن ما يروج عادة و إن التنازع والكره مفسد لصاحبه مسيء له لا محالة فالنجاح والرضا لا يفتكان ولا ينتزعان وإن السعادة تمنح وتعطى فالحياة سَلِسَةَ مَرِنة إن أعطيت منحتك و إن كنت غليظ القلب صدّتك عنها..
من ضروريّات الحياة العطاء قبل الأخذ والمنح قبل الطلب والاهتمام قبل السؤال.. أن تعبر نفق التجربة ومضمار المغامرة بزاد قلبيّ عقليّ.. أن تشحن قلبك بالبذل كشحنك لعقلك بالحكمة.. أن تعبر الدروب بنفس واسعة طيّبة رحبة.
وإن اختلفنا آو حتى تصادمنا في الأفكار والمعتقدات يبقى هذا الزاد القلبيّ راسخا في الفكر ليذكرنا بالوحدة الإنسانية وضروريّة التقبّل بل اللحمة و الالتقاء…

في مفهوم أسمى للحياة وللسعادة أن تتحوّل من غاية كونيّة إلى عطاء روحي, أي أن نجد السعادة في تقريبها للآخر وأن نسعى لنشر الخير وغمر هذا الكوكب الحزين تفاءلاً..
أن تلج لعمق الغير وتنير العتمة التي استولت عليه, أن تلتمس القلب الحزين, أن تضمّد جرح الخيانة وخيبة الأمل وتطمئن صاحبهما بأن الزمن كفيل بالنسيان..

فلو عَلم كل منّا ما يحمله معنى العطاء من سعادة روحيّة, وتوازن نفسي و إحساس بالفاعليّة والقدرة على التغيير لتسارع الكلّ وتسابق لنجدة الآخر..
إحساسك أنتَ وقد ساهمت ولو بالقليل في نجاح إنسان, في فرحة كونيّة, في ابتسامة من دواخل الروح, في ضحكة تعالت من أعماق القلب لهو شعور رائع لا تضاهيه ثروات وكنوز العالم..
وفي مسيرتنا الحياتيّة اليوميّة يجب علينا أولاّ أن نتعلم فنون العيش و قواعده.. أي أسس لعبة الحياة المتمثّلة في حياكة نسيج علائقيّ نظيف نقي من كل الشوائب..
فعلمني إذن بأن الكره هو إفساد لكل ما هو إنساني.. وأن الشماتة والحقد يوقعان بصاحبهما وأن السماحة والإيثار فضيلة..
علمني بأن الحماقة في السبّ والشتم والنبالة في التقدير والاحترام.. احترام كل رأي مخالف وكل موقف مضادّ..
علمني أن أحيا بقلب صادق نقيّ منفتح متقبّل للأخر.. علّمني أن النجاح لا يفرض القطيعة والبغض.. وأن الاختلاف رحمة والعطاء نُبل..
علّمني أن امسح الدمعة.. علمنّي أن أخفف عن المحتاج وأن أساعد الصغير.. علمنّي أن أرسم الضحكات.. أن أقرأ الحكايات والنوادر والقصص القصيرة.. علمني آن أربّت على كتف الفقير.. وأن أنشر الدفء على من قست عليه ظلمات السنين… علمني أن أحمل همّ الغير.. وآن أتبنى مشاكل المستضعفين…
علمني البسمة.. والكلمة الطيّبة.. علمني الرقّة واللين… علمني أن أحيا… علمني أن أحب..
اكتب لكل نفس تواقة للنجاح للتغيير الإيجابي لنشر القيم المندثرة.. لكل من سحبته دوّامة التشنّج وعصبيّة الزمن الحاليّ… لكل من ضغط عليه تسارع الأحداث والعجلة المستمرّة لكل من فقد نكهة الحياة البسيطة… عش بسلام روحي.. عش بقلب طفل نقي… عش للخير وإن كان مقدار حبة رمل.. عش للبذل عش للعطاء.. عش للحبّ..

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد