خريطة جديدة للمنطقة بعيون كردية

توجد مصلحة قومية مشتركة للأهوازيين والعراقيين العرب في هذا الشأن، فخروج الأكراد من العراق لتأسيس دولة قومية كردية، لربما تكون أكبر حجماً وقدرة من العراق مستقبلاً، فيما لو التحق بها أكراد سورية، وحرب عالمية ثالثة مقيدة الجغرافية، تطرقت لها في مقال سابق، لربما تكون كافية لالتحاق أكراد تركيا وإيران بدولة قومية ناشئة، إذا ما توافرت الظروف الملائمة وتغيرت موازين القوى في المنطقة وتعاطي الموقف الدولي مع قضايا الشرق الاوسط وخارطته الجديدة.

عربي بوست
تم النشر: 2015/11/30 الساعة 03:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/11/30 الساعة 03:57 بتوقيت غرينتش

لا أود الخوض في سرد تاريخي للأحداث والنزاعات المسلحة التي وقعت بين الأنظمة السياسية في بغداد وبين الأكراد في الفترات الزمنية الماضية والحالية، لكن يكفي الإشارة إلى أنه لم تمر حقبة زمنية سياسية لم تقع فيها نزاعات إما مسلحة أو أزمات سياسية بين حكومات بغداد والأكراد، وهذا الملف الأصعب من بين الملفات السياسية لحكومات بغداد المتعاقبة، مهما اختلفت في التوجهات السياسية، فالأكراد كانوا ولا يزالون التحدي الأكبر على حكومات بغداد.

تعتبر المناطق الكردية في شمال العراق النافذة الحدودية الأكبر المطلة على تركيا وإيران. عانى العراق على مر التاريخ من الغزوات والاحتلالات التي وقعت عليه من قبل الإمبراطورية العثمانية السُنية، والإمبراطورية الصفوية الشيعية، وظل العراق طوال تاريخه القديم والحديث ساحة صراع صفوي -عثماني "سُني-شيعي"، حتى جاء الاستعمار البريطاني على العراق وقدم للعراقيين خياراً لم يقدمه لا العثمانيون ولا الصفويون الذين لطالما لعبوا على وتر الطائفية في البلاد لإرضاخها تحت هيمنتهم.

قدم البريطانيون للعراقيين خيار حكم أنفسهم بتنصيب ملك على العراق من الأسرة الهاشمية العربية بعد ثورة العشرين التي اندلعت ضد البريطانيين. وربما تكون من بين جملة الأسباب التي سهلت مهمة تسليم البريطانيين للحكم الى العراقيين هو عدم وجود مشتركات (دينية، قومية، جغرافية، ثقافية) بين العراق وبريطانيا العظمى.

لربما تكون أطماع الأتراك والايرانيين في العراق من أعظم التهديدات التي يتعرض لها كلما ضعفت حكومات بغداد أو تعرضت لاحتلالات خارجية كما حدث بعد العام 2003. فمن المشكلات التي عانى منها العراق بعد احتلاله، حدوده المفتوحة على 6 دول عربية وغير عربية، لربما تكون تلك ميزة اقتصادية جيدة لدولة أخرى تحظى بدبلوماسية متزنة وسياسات هادئة، بينما العراق لم يحظ بذلك منذ قدوم الجمهورية عام 1958.

مقومات الدولة الكردية

في هذا السياق تجدر الإشارة ايضا لمقومات دولة كردية قومية ينادي بها الأكراد بصورة عامة، ولفهم هذا الأمر ينبغي التطرق قليلا للتوزيع السكاني والجيوسياسي للأكراد بالمنطقة. للأكراد في العراق وسورية، تركيا وإيران مناطق جغرافية متلاصقة، ويمتلكون اللغة والثقافة والتأريخ المشترك، وكذلك الحلم القومي المشترك بإقامة دولة كردية ممتدة في مناطق غنية بالثروات النفطية وأراض زراعية خصبة تخترقها مياه الأنهار وطبيعة خلابة مناسبة للاستثمار السياحي.

تجربة الحكم الكردية في العراق

نجاح التجربة الكردية في العراق أعطت دافعا قويا لعموم الأكراد في المنطقة بالتحرك سياسيا نحو خيار الدولة القومية أو الحكم الذاتي على الأقل، فأصبحت أربيل عاصمة إقليم كردستان بوصلة للقوى السياسية والاجتماعية الكردية في الدول المجاورة، حيث تمكنت القوى الكردية في العراق خلال العقود الماضية من التأسيس لنموذج دولة مصغر حظي بقبول دولي واسع لا يُنكر الدور الإسرائيلي في التأسيس لهذا القبول، إذ للقوى الكردية النافذة علاقات استراتيجية مشتركة منذ القدم مع الإسرائيليين.

والجميع يعلم أن الإسرائيليين لا يتحركون في القضايا الاستراتيجية من خلال الدولة الإسرائيلية بقدر تحركهم من خلال اللوبيات اليهودية المنتشرة في العالم وهي الأكثر قوة ونفوذ، وهذا يحسب لهم لا عليهم، فقد استطاع الاسرائيليون تسويق القضية الكردية عالميا، وبناء رأي عام دولي داعم للكرد وقضية الدولة القومية، وللإسرائيليين مصلحة استراتيجية مشتركة مع الكرد؛ لأن قبول المجتمع الدولي بدولة قومية للكرد في الشرق الأوسط يعني القبول بدولة قومية أخرى، وهذا ما يسعى الإسرائيليون لتحقيقه.

الدليل على أن المجتمع الدولي والرأي العام العالمي صار جاهزا لقبول أمر الدولة الكردية، تجسد تماماً في الحرب على داعش، فالمجتمع الدولي والقوى الكبرى وحلف شمال الأطلسي "الناتو" فضل إقامة تحالف استراتيجي مع الأكراد في قتال داعش على إقامة تحالف بنفس المستوى مع الأطراف الأخرى ومنها حكومة بغداد، وحظي الأكراد بدعم سياسي وعسكري وإعلامي غربي عال المستوى، وصار الإعلام الغربي وصناع القرار السياسي في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية يتحدثون صراحة عن الأكراد بأنهم الشريك الاستراتيجي الحقيقي لهم في هذه الحرب. وهم لا يتخوفون من تزويد الأكراد بأسلحة استراتيجية متطورة للحرب ضد داعش بينما يواجهون مخاوف جدية تجاه حكومة بغداد! التي لا تزال مترنحة بين الدعم الغربي والدعم الروسي -الإيراني.

العراق العربي.. الدولة والهوية

منذ قدوم الجمهورية الى العراق عام 1958 بعد الإطاحة بالتجربة الملكية لحكم العراق وبداية صعود التيار القومي وصولا لإسقاطه للشيوعية واستلامه دفة الحكم، استمرت الانظمة القومية العربية الحاكمة في ازدواجية الهوية والترنح بين خطاب قومي وآخر وطني غير منسجم، فالأكراد ليسوا عرباً، الأمر الذي أدخلها في مزيد من الصراعات مع الأكراد كونها قدمت العراق بالشكل الذي عليه كأنه عربياً صرف، وبذلك أسقطت ملايين الأكراد من الحساب السياسي للدولة العراقية، بل أصبح الأكراد عبئا حقيقيا محرجا على الخطاب القومي للدولة العراقية، وذهبت الحكومات العراقية خلال فترات زمنية ماضية نحو تطبيق سياسة التعريب على الأكراد. الأمر الذي زاد من حدة الخلافات واستفز الأكراد وساهم في تقوية الخطاب العنصري لديهم وصولا لحصولهم على حكم ذاتي شمال العراق "المناطق الكردية" وتأسيس التجربة المذكورة أعلاه.

ازدواجية الهوية من المشاكل التي ضلت ملازمة لعقلية السياسي العراقي العربي، دون فهم وإدراك لخطورة وصعوبة الأمر على هوية الدولة العراقية، أهل هي وطنية بمعنى أن الأكراد جزء رئيسي منها بالتالي لا يصح القول إنها دولة عربية، أم أنها دولة عربية لا يصح القول إن الأكراد جزء منها؟! لأن هذا الخطاب شكل معضلة أساسية بالنسبة للأكراد أنفسهم، استثمرتها القوى الكردية الانفصالية بالقول إن الحكومات العراقية العربية أسقطت الشعب الكردي من حسابات المواطنة باعتبارها أن العراق عراقاً عربياً!

لذا ينبغي أن نذهب لتصنيف أنفسنا كسياسيين عرب عراقيين لإيجاد صيغة حل والخروج من إشكالية الهوية الوطنية للدولة وشكل النظام الحاكم، كما يفعل الساسة الأكراد، فهم يسوقون أنفسهم على أنهم ساسة أكراد يبحثون عن مصالحهم القومية ويتحركون ضمن إطار الدولة العراقية بشكلها الحالي فقط لأن مصالحهم القومية الكردية تقتضي ذلك في الوقت الراهن. نعم. فالذهاب بالتفكير بالمصلحة القومية لعرب العراق سيفتح أمامنا أبواب للحلول موصدة.

ما هي مصلحة عرب العراق بانفصال الكرد وإقامة دولتهم المنشودة؟ تحدثنا في بداية المقال عن أن المناطق الشمالية للعراق هي النافذة الأكبر المطلة على تركيا وإيران، فإقامة دولة كردية في تلك المناطق يعتبر بمثابة جدار عازل بين حدود العراق العربي وتلك الدول التي لطالما كانت سببا في تصدير الأزمات والمشكلات للعراق أو على الأقل تقليل حجم الخطر القادم من خارج الحدود الى العراق من تلك الدول؛ لأن للعراق منافذ حدودية أخرى مع ايران من جهة جنوب العراق وشط العرب.

فمن المشكلات التي عانى منها العراق منذ احتلاله عام 2003 حدوده المفتوحة على 6 دول محيطة به، وبسبب أن سياسات الحكومات السابقة كانت عدائية تجاه دول الجوار، فقد كانت الفوضى التي ساهمت بها بعض الدول المحيطة بالعراق، وخاصة إيران وتركيا فرصة ذهبية لتحطيم العراق، كي لا ينهض كقوة ضاربة من جديد ويشكل تهديداً على جيرانه بمن فيهم العرب، فعودة العراق كدولة قوية يحكمها نظام ديمقراطي، لا يكفي لزرع الطمأنينة في نفوس الدول المجاورة، فربما يتمكن بعض العدائيين مستقبلا من الوصول لسدة الحكم وتعود الأزمات بين العراق وجيرانه للواجهة! لذا كان إضعاف العراق من الخيارات التي عملت عليها أغلب دول الجوار، إضافة لذلك الأطماع التاريخية لإيران وتركيا في العراق، فعودة الخطاب الطائفي الموجه للعراق من قبل ايران وتركيا من أبرز المشكلات الحديثة القديمة التي عادت الى الواجهة من جديد!

لذا فإن الدولة الكردية لربما توصد نافذة حدودية عريضة مطلة على ايران وتركيا، رغم ان للعراق منافذ اخرى عليهما، لكن الخلاص من ملف داخلي شكل معضلة للدولة العراقية وهويتها "الأكراد" وإغلاق نافذة كبيرة على جيرانه العدائيين من الأمور التي تستحق التعمق بالتفكير. لكن، هذا لا يعني إعطاء ضوء أخضر للأكراد بالموافقة على إقامة دولة قومية دون مراعاة بعض الأمور الأساسية ومنها:

أولاً: ينبغي قبل ذلك إعادة النظر في شكل النظام السياسي الحاكم للعراق العربي، بمعنى آخر أن النظام الجمهوري قاد العراق طوال العقود الماضية ولا يزال نحو أزمات وحروب ومشاكل داخلية حطمت البنى التحتية للدولة وفككت المجتمع واستنزفت ثروات البلاد، وإعادة البلاد للحكم الملكي المناسب هو الخيار الأسلم لوضع العراق العربي ونظامه الجديد على جادة الطريق، وهذا سيضمن أن ينعم العراق العربي بعد خروج الأكراد من مسؤوليته بأمان واستقرار لبناء الدولة العربية الحديثة، فالدول الناشئة بحاجة لفترات طويلة من الاستقرار الداخلي والسياسات الهادئة داخليا وخارجيا من أجل بناء قدرات الدولة.

فالسياسات المتوترة سابقا قادت العراق بأن يسخر موارده على قضايا التسليح وتقوية الجيش، لأن المشاكل والتحديات الداخلية والخارجية للعراق كانت تتطلب ذلك الأمر، لكن بعد ان تعزل المناطق الساخنة عن العراق العربي "ايران تركيا" بالدولة الكردية، ويقام للعراق نظام ملكي يضمن أمن وسلامة العراق وصياغة سياسات هادئة ودبلوماسية متزنة مع الجوار والعالم لن يكون بحاجة لتسخير موارده على بناء قدرات عسكرية عابرة للحدود وإنما سيتجه نحو معركة من نوع آخر ببناء اقتصاد متين وبنى تحتية حديثة وتطوير للمجتمع.

ثانياً: يتطلب الأمر بناء علاقات استراتيجية وأمنية متينة بين العراق العربي والأكراد تضمن سلامة الدولتين وعدم التجاوز على حدودهما مستقبلا، وعدم الإخلال بأي من الاتفاقات المبرمة سلفا بينهما، ولا ضير أن تبرم معاهدات بإشراف ورقابة دولية مباشرة تضمن عدم حصول أي خلل في ذلك.

كذلك لا ينبغي على العراق العربي أن يخطو هكذا خطوة دون إعادة النظر في سياساته تجاه إسرائيل وحل المشاكل التاريخية العالقة معها، فالعلاقات بين الأمم والشعوب لا تقوم على العواطف وإنما على المصالح المتبادلة وقراءة الواقع المحيط بنا بشكل جيد وتغليب المصلحة على العاطفة، فنحن نتحدث عن بلد دفع ثمنا باهظ ولا يزال في نزيف مستمر لابد من إيقافه. إذ لا يمكن إقامة دولة كردية على حدود العراق العربي وتبرم بينهما علاقات استراتيجية وفي نفس الوقت يكون للعراق العربي مشاكل كبيرة مع أهم وأبرز حلفاء الأكراد بالمنطقة ألا وهم الاسرائيليون. فهذا سيكون خطأ استراتيجيا سياسيا فادحا.

الأهواز والعراق "هوية قومية مشتركة – تسوية دولية عادلة"

ظلت مناطق الأهواز العربية الغنية بالموارد الطبيعية "النفط والغاز" والمستعمرة من قبل الإيرانيين منطقة صراع إيراني عراقي، وعربي إيراني، رغم ثراء المنطقة بالنفط لكن حرم شعبها وهم من القبائل العربية الأصيلة من أبسط حقوقهم كبشر، ومارست الحكومات الإيرانية ضدهم سياسات "التفريس" محاولة لإلغاء هوية المنطقة التاريخية.

تتشكل الأهواز من قبائل عربية أصيلة وأغلبها قبائل ممتدة الى العراق والخليج العربي، بقي الأهوازيون يناضلون حتى يومنا هذا من أجل إيصال قضيتهم للرأي العام الدولي بهدف حصولهم على الاستقلال عن الدولة الإيرانية، بقي هذا الحق القومي للأهوازيين مغيبا طويلا وبعيدا عن أروقة السياسة الدولية ولم توضع ورقة عمل واحدة لمناقشة هذه القضية على طاولة صناع القرار في العالم.

اللافت للنظر ان المستوى السياسي الأهوازي تطور كثيرا في السنوات القليلة الماضية، انتقل النضال الأهوازي من أجل الاستقلال لطرق مسامع وأذهان الإعلام العربي والغربي بقوة، وصارت نشاطات السياسيين الأهوازيين واضحة في المحافل الدولية رغم ضعفها بسبب عدم وجود رأي عام دولي تجاه قضية الأهواز.

توجد مصلحة قومية مشتركة للأهوازيين والعراقيين العرب في هذا الشأن، فخروج الأكراد من العراق لتأسيس دولة قومية كردية، لربما تكون أكبر حجماً وقدرة من العراق مستقبلاً، فيما لو التحق بها أكراد سورية، وحرب عالمية ثالثة مقيدة الجغرافية، تطرقت لها في مقال سابق، لربما تكون كافية لالتحاق أكراد تركيا وإيران بدولة قومية ناشئة، إذا ما توافرت الظروف الملائمة وتغيرت موازين القوى في المنطقة وتعاطي الموقف الدولي مع قضايا الشرق الاوسط وخارطته الجديدة.

لذا ليس من المصلحة العربية عموما والعراقية العربية خصوصا عدم وجود توازن في القوى بين الدول الناشئة حديثا، وإذا تمكن الأهوازيون لسبب او لآخر من الخروج عن الهيمنة الايرانية فليس من مصلحتهم إنشاء دولة مستقلة بالحجم الذي سيكونون عليه، عندها سيواجهون نفس التحديات التي ستواجه العراق العربي، لذا فإن المصلحة المشتركة بين الأهوازيين والعراقيين العرب تقتضي الذهاب نحو تطوير مستوى التفكير بالمستقبل وتناول المصالح القومية بشكل أعمق من السابق ليفضي الى الانصهار في بوتقة واحدة لتشكيل دولة عربية كبيرة تضمن بقاءهم بقوة في المنطقة وتضمن للعرب قيام دولة قوية من جهة ايران وتركيا ايضاً.

هذا الملف لا ينبغي ان يفصل أو يعزل عن تناول ملف الدولة الكردية بل ينبغي ان يكون حاضراً على مستوى الحراك السياسي الواعي لدى الأهوازيين والعراقيين العرب، وهذا يتطلب قوى سياسية مؤمنة بهذا التوجه الجديد، وكذلك على مستوى السياسة الدولية والعربية عموما لدعم هكذا توجه مستقبلاً.

محيط العراق العربي الجيوسياسي

للعراق حدود عميقة مع دول عربية مثل سورية والأردن، السعودية والكويت، عانت تلك الدول طوال العقود الماضية ولا تزال من الأزمات التي صدرتها الأنظمة العراقية إليها، لذلك يتطلب على العراق العربي الجديد، "المسمى الافتراضي"، بناء سياسة خارجية متزنة مع جيرانه وأكثر قربا منهم، خاصة وأن الحديث عن الهوية القومية للعراق ونظام ملكي للحكم سيلقي مزيدا من الطمأنينة في نفوس تلك الدول.

فيما يتعلق بسورية تحديدا، تلك من البلدان الفقيرة اقتصادياً، لذا فإن الخوف من استلام المتعصبين للحكم فيها طويلا من الأمور المستبعدة، فالمجتمع الدولي والمحيط العربي لن يقدم دعمه لأي نظام متطرف فيها، بالتالي سورية ليست ليبيا الغنية بالنفط قادرة بالاعتماد على نفسها، فمهما قوت شوكة القوى المتطرفة في سوريا لن تتمكن من الاعتماد على نفسها بالكامل، بالتالي لن تشكل تهديدا كبيرا في المستقبل على هكذا مشروع، مع الأخذ بنظر الاعتبار عدم حساب النظام السوري الحاكم حاليا كونه قائماً بوجود النظام الايراني ودعم روسيا، فزوال الدعم الروسي ولربما انهيار النظام الايراني سيغير ميزان القوى بالكامل.

أما فيما يتعلق بالسعودية والكويت، فهما ينتميان لمنظومة خليجية واحدة، وقيام دولة عربية في العراق بنظام ملكي سيكون محل ترحيب على الأغلب، خاصة أن الأنظمة الحاكمة فيهما ملكية، كذلك الأردن فهو ينتمي لنفس المنظومة السياسية الخليجية ونظامه ملكي عربي، سيجد في النموذج المطروح للعراق والأهواز معا أكثر عقلانية.

الفرص الزمنية وطاولة العمل

يبقى كل ما طرح في هذا المقال أو أجزاء منه معلقا على جدار الآمال، طالما لا يتوفر القرار السياسي الاستراتيجي على المستوى العربي والدولي الداعم هكذا تحول جيوسياسي كبير بالشرق الأوسط، كذلك ينبغي وجود قوى سياسية واجتماعية بين الأوساط "العربية العراقية والأهوازية". خصوصا، تعتقد بالانصهار ضمن دولة عربية موحدة، فذلك الأمر يتطلب تسويق طويل على المستوى المحلي والدولي-الاقليمي، أما الفوضى الجارية في العراق والتحولات الحاصلة بالمنطقة والحروب المستمرة فهي بيئة مناسبة للتحرك نحو تسويق مشروع بهذا الحجم، خاصة أن العملية السياسية في العراق فشلت بشكل كبير في بناء الدولة ويصح وصفها "بالرجل المريض" الراقد على فراش الموت.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد