من العبث إضاعة الوقت في نقاش الأسانيد الشرعية التي يسوقها تنظيم داعش المجرم عقب كل كارثة يعلن المسؤولية عنها. بل الراجح عندي أنهم يكرسون جهدهم وإمكاناتهم جميعا للبحث عما يشين الإسلام وينفر الناس منه ويتفنون في تصويره ونشره على أوسع نطاق لتحقيق تلك الغاية القذرة.
– لم يعد يعنيني كثيرا إن كانت قيادات داعش مخترقة من قبل جهات استخبارية أم لا. ما يعنيني أن هناك جحافل من المغفلين التحقوا طوعا بهذا التنظيم على عوار منهجه وبشاعة أفعاله وهم على استعداد تام لبذل أرواحهم في تنفيذ أهدافه المنحرفة. ويعنيني أكثر أن أعدادا أكبر من عوام المسلمين صاروا أكثر انفتاحا وتساهلا مع هذا الفكر الضال بحيث أصبح الحد الفاصل بين تشجيع داعش "من منازلهم" والانخراط الفعلي في صفوفه بالغ الدقة!
– صحيح أن دماء المدنيين الفرنسيين ليست أغلى من دماء الأبرياء الذين يقتلون يوميا في مصر أو سوريا أو العراق. لكن ما الرابط أصلا الذي يستدعي الحديث عن مآسينا كلما وقع حادث كهذا؟!! هل لأنني مظلوم في بلادي يجوز لي أن أظلم أو أشمت في المظلومين في بلاد أخرى حتى لو كانت حكوماتها وحكامها عونا وسندا للظالمين في بلادي؟؟!! من كانت هذه المسلمات مشوشة في ذهنه فليراجع دينه وإنسانيته معا!
– طبعا هذا الكلام ليس موجها لمهاويس الوطنية الشامتين في فرنسا بوصفها حلقة في سلسلة المؤامرة الكونية التي تستهدف النيل من طبيب الفلاسفة وإفشال منجزاته الباهرة والقضاء على نمط عيشنا السعيد! فقدت الأمل منذ زمن في هؤلاء "العضاضين" وأتجنب النقاش معهم قدر المستطاع.
– وبالقطع، هذا الكلام أيضا لا يعني الدعوة إلى الاصطفاف وراء عصابات القتلة والمفسدين الذين يحكموننا على أساس أن الخطر المحيط بنا إنما يستهدف الدولة من أساسها وليس شخص هذا الحاكم أو ذاك، فما جرنا إلى هذه الأوضاع الحرجة إلا أولئك السفهاء الذين تسلطوا على رقابنا عقودا. ومن ثم فإن الخلاص منهم هو أول خطوة في رحلة علاج مضنية طويلة.
– ثمة قلق عام يعتري منذ سنوات قطاعا لا بأس به من المثقفين وصناع القرار وكثيرا من العوام في أوروبا جراء تزايد أعداد المسلمين في مجتمعاتهم. هذا القلق تجلى كأوضح ما يكون في أزمة اللاجئين وعبرت عنه في عنصرية تامة ودون مواربة جماعات ضغط بل ومسؤولون وساسة رفضوا صراحة استقبال أي لاجئين مسلمين على أراضيهم. وفي يقيني أن تاريخ الثالث عشر من نوفمبر 2015 سيشكل منعطفا خطيرا في سلوك غالبية الأوروبيين ليس فقط تجاه اللاجئين وإنما كذلك تجاه مواطنيهم المسلمين وستتآكل على الأرجح مساحات التسامح التي كان المسلمون ينعمون بها هناك.
باختصار شديد .. بانتظار المسلمين في العالم كله سنوات عصيبة، الله تعالى وحده عليم بما ستفضي إليه
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.