يشكو تجار فلسطينيون من نقص في قمصان المنتخب المغربي في السوق، بسبب الإقبال الشديد على اقتنائها، خصوصاً مع تأهل المغرب إلى الدور نصف النهائي من بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر، التي جعلت الفلسطينيين يشعرون بأن قضيتهم "لم تُدفن".
في كل أنحاء الضفة الغربية المحتلة، في القدس الشرقية، وفي غزة، تنتشر أعلام المغرب وقمصان منتخبه، يرتديها الفلسطينيون فخورين ومسرورين بأن لاعبي المنتخب المغربي كانوا يرفعون العلم الفلسطيني بعد فوزهم في المباريات، وفق تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية.
يشكو سائد الرمحي، الذي يدير محلاً للمستلزمات الرياضية في مدينة رام الله، أنه لم يبقَ في السوق الفلسطيني قميص واحد للمنتخب المغربي، ويباع كل قميص بنحو 20 دولاراً. ويضيف "صدقاً، لو كان لدي 300 ألف قميص لبعتها كلها خلال اليومين الماضيين".
بينما يستعدّ الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة لمتابعة المباراة، التي ستجمع مساء الأربعاء 14 ديسمبر/كانون الأول 2022، المنتخب المغربي مع نظيره الفرنسي في كأس العالم، آملين في التمكّن من الاحتفال، وكأن المتأهل المحتمل هو منتخبهم الوطني.
القضية الفلسطينية "لم تُدفن"
في مدن فلسطينية عدة، تمّ تحضير قاعات عدة لعرض المباراة، كما وُجهت دعوات لمتابعة المباراة في قاعة أحمد الشقيري في مقرّ الرئاسة الفلسطينية في وسط مدينة رام الله.
بالنسبة لرئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب، فإن المونديال "كشف زيف الادعاء المعادي لنا، بأن القضية الفلسطينية دُفنت باتفاقيات وُلدت ميتة أصلاً"، في إشارة إلى اتفاقات تطبيع العلاقات مع إسرائيل، التي أبرمتها دول عربية خلال السنتين الماضيتين.
يشير الرجوب إلى أن ما شهدته فعاليات كأس العالم في قطر "شكّل صفعة لفكرة التطبيع، سواء للإسرائيليين أو للذين تماشوا معها". ويرى رئيس الاتحاد الفلسطيني أن الفلسطينيين "كانوا هناك (في قطر) الفريق رقم 33. كنا حاضرين في كل الفعاليات والمحافل التي واكبت الحدث التاريخي، وعبّرنا عن فرحتنا وسعادتنا بهذا الحدث".
فيما انتشرت الأعلام الفلسطينية بالمدرجات وبين الجماهير في عدد كبير من المباريات في الدوحة، كما رفع لاعبو المنتخب المغربي العلم الفلسطيني في أكثر من مباراة.
تأثيرات سياسية على نجاح المنتخب المغربي
يشير الرجوب، الذي اعتبر فوز المغرب وتأهله إلى الدور نصف النهائي في كأس العالم "ثورة رياضية"، إلى التأثير السياسي لمونديال قطر. ويقول "كل نشاط رياضي له ارتدادات ومضمون سياسي، والرياضة اليوم هي أحد رموز وتجليات الهوية لأي شعب، ونحن أحوج من ينتظر ويتابع مثل هذه الرموز".
الأحد الفائت، نشرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية تحليلاً، أسِفت فيه لأن "الاحتفالات المغربية بكأس العالم أثبتت أن العالم العربي بعيد كل البعد عن التطبيع مع إسرائيل".
قطر هي أول دولة خليجية أقامت علاقات تجارية مع إسرائيل في عام 1996، ولكن في عام 2000، تم إغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة، وانقطعت العلاقات بين البلدين في عام 2009، بسبب الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
حيث تدعم قطر الفلسطينيين، وتقدّم مساعدات مالية لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. وفي 2020، حصلت اتفاقات تطبيع بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان، ثم تلاها المغرب.
بالنسبة لرئيس الاتحاد الفلسطيني، المربّع الذهبي في كرة القدم لم يعد حكراً على أوروبا وأمريكا اللاتينية. وأقيمت احتفالات واسعة في المدن الفلسطينية بعد تأهل المنتخب المغربي إلى نصف النهائي على حساب نظيره الإسباني.
حيث أفادت دراسة للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، نُشرت الثلاثاء، أن "كأس العالم في قطر تساعد على استعادة ثقة الجمهور الفلسطيني في العالم العربي، بعد سنوات من خيبة الأمل".
بحسب الدراسة، "الغالبية العظمى من الفلسطينيين يقولون إنهم استعادوا الكثير أو بعضاً من الثقة التي فقدوها في العرب، نتيجة تدفق التضامن مع فلسطين خلال مباريات كرة القدم".
بينما اعتبر الناطق باسم حركة حماس أن ما عبّر عنه الجمهور في مونديال قطر "يؤكد أن القضية الفلسطينية ما زالت قيمة إنسانية على مستوى العالم، ودليلاً على أن أحرار العالم ما زالوا يعتبرون أن هذه القضية عادلة والشعب الفلسطيني يجب أن يأخذ حقّه".