تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر وصول الداعية الإسلامي ذاكر نايك إلى دولة قطر بالتزامن مع انطلاق بطولة كأس العالم 2022.
أحد الفيديوهات أظهر الداعية الهندي وهو يسير إلى جانب عدد من أفراد الأمن لحظة وصوله إلى قطر، ليثير تساؤلات حول ما إذا كان سيلقي محاضرات دينية في أثناء إقامة المونديال أم لا.
وهو الأمر الذي أثار غضب الهند، التي توجه له تهماً متعددة مثل غسيل الأموال والأنشطة المتعلقة بالإرهاب، متهمةً قطر بمحاولة استفزازها، وفقاً لما قالته صحيفة Hindustan Times الهندية.
فمن هو ذاكر نايك؟ ولماذا شكّل حضوره إلى كأس العالم كل هذا الجدل، ولمَ تلاحقه الهند؟
من هو ذاكر نايك؟
ذاكر نايك هو داعية وواعظ إسلامي هندي مشهور، ومؤسس ورئيس مؤسسة البحوث الإسلامية، وهو أيضاً مؤسس قناة السلام.
وُلد في 18 أكتوبر/تشرين الأول 1965 بمدينة مومباي الهندية، لعائلة مُسلمة، والده هو عبد الكريم محمد نايك وهو طبيب جراح.
أما والدته فهي روشان، حاصلة على بكالوريوس في الآداب، ودرجة الماجستير في الثقافة الإسلامية من جامعة مومباي.
خلال طفولته، كان ذاكر نايك شاباً ذكياً ومتفوقاً في دراسته، ويُقال إنه كان يفوق أقرانه بذاكرته، الأمر الذي جعل والدته تحلم بأن يصبح ابنها طبيب قلب جراحاً، مثل الطبيب كريستيان برنارد الذي كان أول شخص ينجح في إجراء عملية زرع قلب بشري في العالم عام 1967.
وبالفعل لم يخيّب ذاكر نايك أحلام والدته، واستطاع دخول كلية الطب في جامعة مومباي.
والشيخ أحمد ديدات، أيضاً، هو داعية وواعظ ومُحاضر ومُناظر إسلامي هندي، اشتُهِر بمناظراته وكتاباته في مقارنة الأديان وعلى وجه الخصوص بين الإسلام والمسيحية.
تخرّج في كلية الطب لكنه لم يمارس المهنة وتفرغ لدراسة الدين
بعد تخرجه في كلية الطب من جامعة مومباي الهندية، اتجه ذاكر نايك إلى دراسة الدين الإسلامي، فتتلمذ على منهج الشيخ أحمد ديدات، وتعمق في أساليب نشر الدعوة والمنافحة عنها، فحفظ أصول الدين من القرآن والأحاديث النبوية، وأتقن أساليب الجدال المنطقي والخطابة.
وليكون متفوقاً ومؤثراً في مجاله، بدأ دراسة الأديان الأخرى مثل المسيحية واليهودية والهندوسية والبوذية وحفظ نصوصها.
كما تعمق في معرفة نقاط الالتقاء والافتراق بين الإسلام والديانات الأخرى.
وبما أنه كان ذكياً ويتمتع بسرعة البديهة، إضافة إلى معرفته الشاملة بجميع الأديان الأخرى ودراسته للعديد من اللغات، أصبح الداعية الهندي مشهوراً بعد أن استطاع إفحام خصومه في المناظرات.
السؤال الذي سأله مرتين لوالدته!
خلال سنوات دراسته للطب، سأل الداعية ذاكر نايك والدته في أحد الأيام ما إذا كانت تفضّل أن يصبح ولدها مثل الطبيب كريستيان برنارد أو مثل الشيخ أحمد ديدات، فأجابت والدته بأنها تريده أن يصبح مثلهما.
ولكن بعد تخرجه في كلية الطب، وبدئه في إلقاء المحاضرات عن الإسلام، كرر ذاكر نايك سؤاله لوالدته، ولكنها هذه المرة أجابته- وفقاً لما ذكره موقع "الجزيرة نت"- بأن بإمكانها أن تضحي بألف طبيب مثل الدكتور كريستيان برنار من أجل الشيخ أحمد ديدات.
أسباب الشهرة العالمية التي حصل عليها ذاكر نايك
بعد أن اتخذ طريقه بعيداً عن الطب، بدأ الداعية الإسلامي بالتركيز على العديد من المواضيع، مثل التركيز على الشباب لإعادتهم إلى الدين الإسلامي الصحيح، وربط الإسلام بالعلم الحديث، ومقارنة الإسلام بالمسيحية والهندوسية والبوذية والعلمانية.
فألقى أكثر من 1000 محاضرة في دول غربية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا وجنوب إفريقيا وسنغافورة، إضافة إلى عدد من الدول العربية مثل الإمارات وعُمان والبحرين وقطر، والمملكة العربية السعودية التي قرر الإقامة فيها لفترة من الزمن قبل الانتقال إلى ماليزيا.
استطاع نايك خلال محاضراته كسب شريحة كبيرة من الناس، لأسباب عديدة، منها حفظه جميع الكتب السماوية، وأيضاً الكتب المقدسة الأخرى لدى الهندوس والبوذيين وبالعديد من اللغات.
ليس ذلك وحسب، بل أيضاً وبأي مناظرة أو محاضرة يلقيها، كان عندما يذكر أي سورة من القرآن أو الكتب المقدسة الأخرى كان يذكر معها رقم السورة ورقم الآية وأحياناً أرقام الصفحات.
أشهر المناظرات التي ألقاها ذاكر نايك كانت في الأول من أبريل/نيسان 2000، والتي كانت مقابل البروفيسور الأيرلندي والحائز نوبل في الطب ويليام كامبل في مدينة شيكاغو الأمريكية والتي حملت عنوان "القرآن والإنجيل في ضوء العلم".
المناظرة التي استمرت أكثر من 4 ساعات، أظهرت للعالم مدى الذكاء الخارق الذي يتمتع به ذاكر نايك، وأظهرت أيضاً مدى المعرفة الكبيرة التي يتمتع بها.
ففي إحدى فقرات المناظرة حاول كامبل إظهار حقائق خاطئة تشير إلى شكل الأرض من وجهة نظر القرآن، ولكن نايك دحض هذه الادعاءات.
حينها توجهت امرأة بسؤالها للداعية الإسلامي عن سبب عدم شرحه ما يقوله الكتاب المقدس المسيحي عن شكل الأرض، وبكل ذكاء أجاب الداعية الإسلامي بأنه لم يذكر هذه الجوانب بسبب ضيق الوقت، وأنه لو أراد فإن هناك أكثر من 100 نقطة تشير إلى شكل الأرض، وعندما أجابها أعطاها أكثر من 10 أمثلة من الكتب المسيحية المقدسة تشير إلى أنهم كانوا يعتقدون أن الأرض كانت مُسطحة وليست كروية.
في حين أن ما ساعد ذاكر نايك على شهرته الكبيرة ووصوله إلى مئات الآلاف حول العالم، هو الأشرطة المُسجلة لمحاضراته ومناظراته والتي بيعت في كثير من دول العالم وكانت شائعة جداً في بداية الألفية الجديدة.
أما اليوم فإن الداعية الإسلامي يظهر بشكل مُنتظم على العديد من القنوات التلفزيونية على مستوى العالم، من بينها قناة "السلام" التي يمتلكها، وأيضاً من خلال قناته على يوتيوب التي يمتلك فيها أكثر من 3 مليون مشترك أو من خلال فيسبوك الذي يتابعه عليه نحو 22 مليون شخص من حول العالم.
لماذا أصبح ذاكر نايك مطلوباً في الهند؟
في العام 2016، بدأت الهند بتضييق الخناق على الداعية الإسلامي ذاكر نايك، وحرضت القنوات الهندية والبنغلاديشية لاتهامه بالترويج للطائفية.
الأمر الذي جعل نايك يقرر البقاء في المملكة العربية السعودية؛ خوفاً من الاعتقال في بلاده، لاسيما مع وجود معلومات تفيد بقيام السلطات الهندية بمراقبة مكتبه ومقر قناة السلام التي يمتلكها.
وفي العام 2017، أصدرت السلطات الهندية مذكرة اعتقال بحقه موجِّهة له اتهامات متعلقة بغسيل الأموال والتحريض على الإرهاب، ونشر الطائفية عن طريق قنوات فضائية ومحاضرات دينية.
كما تقدمت السلطات الهندية بإصدار مذكرة اعتقال حمراء بحقه لدى الإنتربول، بدعوى أنه هارب دولي من وجه العدالة يتوجب إلقاء القبض عليه في أي مكان وزمان، وتسليمه للهند.
في حين رد الداعية الإسلامي الهندي على التحركات الهندية تجاهه، قائلاً بحسب تقرير لقناة الجزيرة: "إن السلطات الهندية تطاردني لأنني أكثر الدعاة المسلمين شهرة في البلاد؛ ولذلك يودون أن يُوقفوا نشاطاتي، رغم أن أسلوبي الدعوي لم يتغير منذ قرابة ربع قرن".
أبرز إنجازات وأعمال ذاكر نايك
على مدار العديد من الأعوام، اتبع نايك نهج معلمه وشيخه أحمد ديدات، لكنه تفوق عليه بمناظراته مع العلماء الهندوس والبوذيين والسيخ، حتى إن ديدات نفسه أطلق عليه لقب "ديدات الأكبر"، وفي عام 2000 قدم له لوحة نُقش عليها: "يا بني، ما فعلته في 4 سنوات استغرق مني 40 عاماً".
وفي العام 2009 احتل نايك المرتبة الـ82 في قائمة الـ"100 شخص الأكثر نفوذاً في الهند" التي نشرتها شركة "إنديان إكسبريس"، والمرتبة الـ89 في العام 2010، كما تم تصنيفه من بين أفضل 70 شخصاً في قائمة "أكثر 500 شخصية إسلامية تأثيراً في العالم"، التي نشرتها جامعة جورج تاون في آخر 10 طبعات (2011-2020).
كما تعتبر خطبته في منطقة كيشانجاني بيهار بالهند في العام 2012، واحدة من أكبر التجمعات البشرية التي اجتمعت من أجل خطيب واحد، إذ يُعتقد أن أعداد الحضور وصلت إلى مليون شخص.
أما أبرز كتابته فهي:
- أوجه التشابه بين الهندوسية والإسلام
- الإرهاب والجهاد من منظور إسلامي
- مفهوم الإله في الأديان الكبرى
- أجوبة لغير المسلمين لأسئلة شائعة عن الإسلام
فيما نال العديد من الجوائز والأوسمة، أبرزها: لقب "الشخصية الإسلامية المرموقة" للعام 2013، وجائزة الشخصية الدولية المتميزة للعام 2013، وهي أعلى جائزة بماليزيا، وجائزة الشارقة للعمل التطوعي، وشارة قائد الوسام الوطني لجمهورية غامبيا، وجائزة الملك فيصل العالمية.