شهدت الشواطئ المصرية مؤخرًا ظاهرة انحسار مياه البحر التي أثارت موجة من القلق بين السكان، مما استدعى تدخل السلطات للتحقيق في الأمر. وفي ظل انتشار الأنباء المقلقة، تواصل المركز الإعلامي لمجلس الوزراء مع المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية للتحقق من صحة هذه الأنباء.
رد المعهد بتأكيده على عدم صحة الأخبار التي تشير إلى تأثيرات زلازل قد تكون وراء هذا الانحسار، موضحًا أن ما حدث يعد ظاهرة طبيعية مرتبطة بدورات المد والجزر العادية والتغيرات المناخية. وأشار المعهد إلى أن هذه الظواهر لا تنذر بأي كوارث محتملة كالتسونامي أو الأعاصير.
فيما ناشد المعهد الجمهور بعدم الانسياق وراء الشائعات وأهمية الاعتماد على المصادر الرسمية في الحصول على المعلومات. وأكد على أن منسوب المياه من المتوقع أن يعود إلى طبيعته في الأوقات المحددة بشكل طبيعي، مما يجدد الثقة في الاستجابات العلمية للظواهر الطبيعية.
فما هي ظاهرة انحسار مياه البحر؟ وهل حقاً تتسبب في موجات تسونامي؟ وهل سبق وحدثت كارثة طبيعية مشابهة في حوض البحر الأبيض المتوسط؟
ما معنى انحسار مياه البحر؟
انحسار مياه البحر، المعروف أيضًا باسم انحسار المد، هو ظاهرة طبيعية تحدث عندما تنخفض مستويات المياه على طول الشاطئ. يتم التحكم في هذه الظاهرة بشكل أساسي بواسطة الجاذبية بين الأرض والقمر والشمس، والتي تؤثر على حركة المحيطات.
عادةً ما يحدث الانحسار والمد بشكل يومي ويتكون من دورتين، ارتفاع المد عندما ترتفع المياه وانحسار المد عندما تنخفض المياه. هذه الدورة تؤثر على الأنشطة البحرية مثل الصيد والملاحة، ولها تأثيرات مهمة على النظم البيئية الساحلية.
في بعض الأحيان، يمكن أن تكون ظواهر الانحسار الشديد غير العادية مؤشراً لحدوث تسونامي، حيث تنسحب المياه بشكل كبير من الشاطئ قبل أن تعود بقوة في شكل أمواج عالية. هذا النوع من الانحسار يتطلب توخي الحذر والاستعداد للحدث القادم.
هل يتسبب انحسار مياه البحر في التسونامي؟
حسب موقع "national geographic" انحسار مياه البحر يمكن أن يكون مؤشرًا مبكرًا على حدوث تسونامي. تسونامي هو سلسلة من الأمواج العاتية التي تنجم عن اضطرابات كبيرة تحت سطح البحر، مثل الزلازل أو الانفجارات البركانية أو الانهيارات الأرضية تحت الماء.
عندما تحدث هذه الاضطرابات، يمكن أن تتسبب في سحب كميات كبيرة من المياه بعيدًا عن الشاطئ بشكل غير معتاد، مما يؤدي إلى انحسار البحر بشكل كبير وملحوظ.
آلية حدوث تسونامي وانحسار المياه:
- الاضطراب المبدئي: عند حدوث زلزال قوي تحت المحيط، تتولد موجات طاقة ضخمة تنتقل عبر المياه.
- انحسار المياه: في بعض الأحيان، تسحب الموجات الأولى كميات كبيرة من المياه بعيدًا عن الشاطئ، مما يتسبب في انحسار غير معتاد لمياه البحر. هذا الانحسار يمكن أن يكون ملحوظًا بشكل خاص على الشواطئ المسطحة والمنحدرة.
- الاندفاع القوي للمياه: بعد فترة قصيرة من الانحسار، تتبعها أمواج تسونامي العالية التي تضرب الشاطئ بقوة كبيرة.
هذه الظاهرة تجعل من الانحسار المفاجئ وغير المعتاد لمياه البحر إشارة تحذيرية لاقتراب تسونامي، وينبغي على الأشخاص المتواجدين على الشاطئ الانتقال بسرعة إلى مناطق مرتفعة عندما يلاحظون هذا الانحسار.
علامات طبيعية تشير إلى احتمال حدوث تسونامي
الزلازل التي تستمر لفترات طويلة تنذر بشكل كبير بإمكانية حدوث تسونامي. كلما استمرت الهزات لفترة أطول، زادت احتمالية تشكل تسونامي. الاهتزاز قد يكون خفيفًا أو قويًا، لكن العامل الحاسم هو المدة التي يستمر بها الزلزال.
تحول سلوك المحيط بشكل مفاجئ يعتبر أيضًا علامة تحذيرية. عندما يتحول البحر من حالة الهدوء إلى الاضطراب بشكل غير متوقع، يجب اعتبار ذلك إشارة للابتعاد فورًا عن الشاطئ.
بالإضافة إلى ذلك يعد الانحسار غير المعتاد لمياه المحيط دليلاً قوياً آخر على أن المياه قد تعود بقوة أكبر وارتفاع أعلى مما يتوقعه الشخص العادي. ينبغي البدء بالتحرك نحو الداخل أو نحو مناطق مرتفعة فور ملاحظة هذه العلامة.
أصوات عالية أو هدير يأتي من المحيط أو البحر يمكن أن يشير إلى أن الأمواج تزداد حجمًا، وقد يكون تسونامي على وشك الوصول. تسونامي قد يضرب خلال دقائق.
أقوى موجات تسونامي ضربت البحر الأبيض المتوسط
شهد البحر الأبيض المتوسط العديد من موجات التسونامي، والتي كانت الزلازل القوية أو انهيارات أرضية، بالإضافة إلى البراكين النشطة الواقعة على طول الحدود بين القارة الإفريقية والقارة الأوروبية والآسيوية الغربية.
فقاً لموقع "greek reporter" تسببت أكثر موجات التسونامي تدميراً في التاريخ، والتي حدثت قبل حوالي 3500 سنة، في تدمير الحضارة المينوية، إذ كانت الحضارة المينوية من أقدم الحضارات اليونانية، وتعود إلى العصر البرونزي، واستوطنت جزيرة كريت منذ بداية بنائها في الألفية السابعة قبل الميلاد.
كان سبب حدوث هذا التسونامي أحد البراكين النشطة الواقعة في سانتوريني باليونان، وتقول بعض الأساطير أنه كان سبب اختفاء أتلانتس.
أما في عام 365 بعد الميلاد، ضرب زلزال بقوة 8.5 درجة على مقياس ريختر سواحل جزيرة كريت، مما أدى إلى موجة تسونامي في العديد من السواحل في اليونان وإيطاليا ومصر، وأدى ذلك إلى مقتل 5 آلاف شخص في الإسكندرية وحدها.
وخلال القرون الأخيرة، ضربت موجة تسونامي بطول 13 متراً السواحل الأوروبية المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط في عام 1908، نتيجة زلزال في عمق البحر قبالة سواحل صقلية، ما أدى إلى مقتل أكثر من ألفي شخص.
أما آخر تسونامي شهدته منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط غير البعيدة عن حوض البوران كان في عام 2003، حيث بلغ ارتفاع التسونامي حوالي مترين وألحق أضراراً بشواطئ جزر البليار الإسبانية، على بُعد حوالي 300 كيلومتر شمال مركز الزلزال.