تعرف أجسامنا خلال فصل الصيف العديد من التغيرات الملحوظة، والتي تظهر بشكل كبير من خلال عادات الأكل والشرب.
إذ يميل الكثيرون إلى تقليل كميات الطعام وزيادة استهلاك السوائل، إذ يكون السبب الرئيسي وراء ذلك هو تأثير الحرارة المرتفعة على الجسم، وحاجته للترطيب بشكل كبير.
لكن الغريب أن حاجة البعض إلى الأكل تقل كذلك، وتصبح غير كبيرة، أي أن الشعور بالجوع يصبح قليلاً مقارنة بفصل الشتاء.
وهنا يمكن طرح مجموعة من الأسئلة، وهي كالتالي: ما الذي يدفعنا إلى هذا التغيير السلوكي؟ وما علاقة فصل الصيف وقلة الحاجة إلى الطعام واختفاء الشعور بالجوع حتى وإن كان البطن خالياً من الطعام؟
طبيعة الأكل وتأثيره في فصل الصيف
هناك العديد من الأسباب التي تكشف السبب وراء عدم الحاجة إلى تناول الطعام في فصل الصيف بشكل متكرر، ولعل أول سبب هو أن الأطباق الساخنة المقدمة خلال وجبة الغذاء أو العشاء لا تكون مغرية، في ظل ارتفاع درجة حرارة الجو.
ولهذا يصبح من الرائج التعامل مع الطعام في فصل الصيف بطريقة مختلفة، سواء من خلال تناول القليل منه، مقارنة بالكميات المعتادة في بقية فصول السنة، أو تناول السلطات الباردة، التي تحتوي على كميات عالية من الخضار، وعادة تكون عبارة عن طبق مكمل وليس طبقاً رئيسياً.
لماذا تقل حاجتنا لتناول الطعام في فصل الصيف؟
هناك مجموعة من النظريات العلمية التي تكشف السبب وراء عدم الرغبة في تناول الطعام، وقلة الشعور بالجوع خلال شهور فصل الصيف.
وتعتبر زيادة نسبة التعرق بسبب الحرارة من بين أهم هذه الأسباب، وذلك بسبب تبخر الماء في الجسم بشكل مستمر، مما يعطي إحساساً مستمراً في شرب السوائل، والترطيب، وهي التي تعطي شعوراً بالشبع بعد ذلك، لتقل الرغبة في تناول الطعام الصلب.
وحسب ما نشرته مجلة "food-drinks"، نقلاً عن خبير التغذية وعالم وظائف الأعضاء الأمريكي، ريتيش بوري، فقد أشار إلى أن هناك عدة نظريات حول سبب شعورنا بجوع أقل في الصيف وأكثر في الشتاء.
وتشير إحدى النظريات إلى أن كمية الضوء تحفز الجوع، وإنه عندما يكون هناك ضوء أقل، يبدأ جسمنا بشكل طبيعي في الرغبة في تناول الطعام لتخزينه، ويخشى الجسم أنه قد لا يحصل على المزيد منه، وتشير نظرية أخرى إلى أن جسمنا يجب أن يعمل بجد أكبر لمحاربة البرد، وبالتالي، يزداد الشعور بالجوع.
وبهذا، فإن الجسم في فصل الصيف لا يكون بحاجة إلى كل هذا، فلا يطلب تخزين الطعام، أو تحويله إلى مصدر طاقة للتدفئة، مما يعطي شعوراً أقل بالجوع.
هل الطقس الحار هو سبب فقدان الشهية؟
بشكل عام، خلال فصل الصيف، تميل الحرارة إلى تبخر محتوى الماء من الجسم، وذلك لأن الجسم يحاول تنظيم درجة الحرارة عن طريق طرد الماء على شكل عرق.
يُعرف الجزء من الجسم الذي ينظم درجة الحرارة باسم منطقة ما تحت المهاد، وهذا الجزء من الجسم له وظيفتان، الأولى هي الحفاظ على برودة الجسم، والثانية هي التعرف على الجوع وتعزيز الشعور بالشبع.
الآن، عندما يحاول الجسم التخلص من العرق، تميل منطقة ما تحت المهاد إلى إيلاء اهتمام أقل لجوعك. تولد عملية الهضم أيضاً كمية معينة من الحرارة، والتي يتم قمعها بواسطة منطقة ما تحت المهاد من أجل التحكم في طاقة الجسم.
وقد يكون هذا أحد الأسباب التي تجعلنا نشعر بالجوع بشكل أقل وعدم الحاجة كثيرا لتاول الطعام في فصل الصيف؛ وهي أيضاً وسيلة للتشجيع على شرب المزيد من الماء؛ بفضل الحرارة الشديدة.
يقول ريتيش بوري: "إن مؤشر كتلة جسمك (BMR) هو الذي يتغير بين الشتاء والصيف، أي أن جسم الإنسان يجب أن يعمل بجهد أكبر لإبقائه على قيد الحياة. لذلك، قد تبدو التغييرات الطفيفة في متطلبات BMR الخاصة بالانسان وكأنها تكون زيادة أو نقصاناً كبيراً في مستويات الجوع".
على سبيل المثال، سوف تجبرك مستويات الصوديوم أو البوتاسيوم المنخفضة على تناول الطعام، وأفضل طريقة لضمان التغذية الكافية هي فهم السعرات الحرارية الموجودة في الطعام وكذلك ما يتكون منه النظام الغذائي المتوازن.
لذلك يصبح كل ما علينا فعله خلال فصل الصيف وأوقات ارتفاع درجات الحرارة هو الانتباه إلى ما يتم أكله ليكون متوازناً وقادراً على تقديم ما يحتاجه الجسم لتوليد الطاقة اللازمة طوال اليوم.
إذ يمكن تناول بعض الأطعمة الخفيفة والباردة، لكنها في نفس الوقت تحمل السعرات الحرارية اللازمة، ولا تشعر بالحرارة، أو الشبع الزائد الذي قد يؤدي إلى الخمول في بعض الأحيان.