هل خطر ببالك من قبل أن المرض النفسي مثل القلق أو الاكتئاب يمكن أن يؤثر على قدرة الشخص على قيادة السيارة بأمان؟ نعم هذا ممكن، فقد خلصت دراسة علمية أجراها باحثون من جامعة ريغنسبورغ ونشرها موقع "DAILYMAIL" أن طريقة الشخص في قيادة سيارته يُمكن أن تكون دليلاً على إصابته بمرض نفسي، كما يمكن من خلال طريقة القيادة تحديد المرض الذي يُعاني منه.
استخدام الهاتف المحمول أثناء قيادة السيارة
خلال فترات الذروة في حركة المرور، قد يبدو أحياناً أن الطرق مكتظة بالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية، وهو ما أثبته الباحثون في الدراسة المذكورة، حيثُ وجدوا أنّ هناك علاقة بين استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة وبين سمات شخصية معينة تعكس السمات السيكوباتية.
شملت الدراسة 989 سائقاً ألمانياً تم تقييمهم من خلال مسوحات لاختبار السمات الشخصية، وأظهرت النتائج أن 61% من المشاركين يستخدمون هواتفهم أثناء القيادة بانتظام، ووجد الباحثون أن الأشخاص ذوو السمات السيكوباتية يميلون إلى استخدام هواتفهم بشكل أكبر أثناء القيادة.
كما تبيّن أن السائقين الذين تم اختبارهم أثناء قيادة السيارة ويظهرون سمات شخصية الثالوث المظلم، مثل النرجسية والمكيافيلية والاعتلال النفسي، كانوا أكثر عرضة لاستخدام هواتفهم أثناء القيادة وأنّهم يشعرون بالذنب إذا ما كفّوا عن استخدامه.
المرضى النفسيون أكثر عرضة لارتكاب المخالفات المرورية
كما كشفت الدراسة أيضاً أن السائقين الذين يسعون لإخفاء استخدامهم للهواتف أثناء قيادة السيارة، كانوا أكثر عرضة لارتكاب مخالفات مرورية، وهم الأشخاص الذين حصلوا على درجات عالية في سمة الميكيافيلية، التي ترتبط عادة بالتلاعب.
وبالنسبة لشخص لديه الحد الأدنى من درجة الاعتلال النفسي وهو واحد، يتوقع الباحثون أن يكون هناك احتمال بنسبة 9.89% لارتكابهم مخالفة قيادة خلال الأشهر الـ 12 الماضية.
أما فيما يتعلّق بأولئك الذين يعانون من مستوى متوسط من الاعتلال النفسي، يصل احتمال ارتكاب مخالفة القيادة بالنسبة إليهم إلى 24%، وترتفع هذه النسبة إلى 56% للأشخاص الذين يعانون من اعتلال نفسي بدرجة 4.33، وهي أعلى درجة تم قياسها من قبل الباحثين.
كما تم اختبار المشاركين أيضاً فيما يتعلق باستخدام الهواتف الذكية بمقياس PSU، والذي يقيس الاستخدام المفرط للهواتف إلى الحد الذي يؤثر فيه سلباً على مجالات حياتهم الأخرى.
ويشير الباحثون إلى أن هذه الظاهرة قد تكون شائعة بشكل مدهش، حيث أفاد 50% من المشاركين في أحد الاستطلاعات أنهم لا يستطيعون العيش بدون هاتف ذكي.
ويقترح الباحثون الذين أجروا الدراسة بأن توجيه الانتباه إلى علاقة الأفراد بأجهزتهم الخلوية قد يُسهم في تحسين سلامة الطرق، فمن خلال خفض مستويات الاستخدام المفرط للهواتف الذكية في الحياة اليومية، يعتقد الباحثون أن الأفراد سيقضون وقتاً أقل على هواتفهم أثناء قيادة السيارة وبالتالي سيكونون أقل تشتيتاً وأقلّ عرضة لحوادث الطرقات.
وأضاف الباحثون أن "الاستخدام المفرط للهواتف النقالة يُعتبر مؤشراً خطيراً للتشتّت أثناء القيادة بغض النظر عن الصفات الشخصية، ونظراً لأن هذا العامل يمكن تعديله بسهولة أكبر من الصفات الشخصية، فينبغي أن يكون التركيز على تقليل مستويات الاستخدام المفرط للهواتف الذكية في الإرشادات المتعلقة بسلامة الطرق العامة".
ما هو الثالوث المظلم؟
والثالوث المظلم في علم النفس، وفقاً لموقع "PSYCHOLOGYTODAY"، هو مفهوم يشير إلى ثلاث سمات شخصية متداخلة تُعتبر غير اجتماعية وغير مرغوبة، وهي:
النرجسية (Narcissism):
تتسم هذه السمة بالغرور، وحب الذات المفرط، والحاجة الشديدة للإعجاب والاهتمام من الآخرين، حيثُ يميل الأشخاص النرجسيون إلى الاعتقاد بأنهم متفوقون على الآخرين ويستحقون معاملة خاصة.
الميكيافيلية (Machiavellianism):
تتسم هذه السمة بالسلوك المتلاعب والماكر، والتركيز على المصلحة الشخصية، وعدم الاهتمام بالأخلاق أو القيم عند تحقيق الأهداف، حيثُ يسعى الأشخاص الميكيافيليون إلى استغلال الآخرين لتحقيق أهدافهم الخاصة.
الاعتلال النفسي (Psychopathy):
تتسم هذه السمة بالاندفاعية، وعدم الشعور بالندم أو الذنب، واللامبالاة تجاه مشاعر الآخرين، والسلوك غير المسؤول، ويميل الأشخاص الذين يعانون من اعتلال نفسي إلى التصرف ببرود وبدون تعاطف مع الآخرين.
وهذه السمات تُعتبر مظلمة في علم النفس لأنها ترتبط بسلوكيات ضارة وغير أخلاقية، وقد تؤدي إلى مشاكل في العلاقات الشخصية والمهنية، وكذلك في المجتمع بشكل عام.