عاد مسلسل "فلوجة" التونسي، من إخراج سوسن الجمني، والذي سيبث في رمضان 2024 على قناة الحوار التونسي، لإثارة الجدل في الأوساط التونسية بعد بثّ أولى حلقاته تزامناً مع بداية شهر رمضان المُبارك، الإثنين 11 مارس/آذار 2024، وذلك بسبب جرأة تناوله لقضايا اجتماعية تهمّ الشباب التونسي مثل العنف، والجريمة، وتعاطي المخدرات.
ويُقدّم العمل صورة صادمة للواقع الاجتماعي في تونس، ما جعله موضوع خلاف واسع النطاق في المجتمع.
قصّة مسلسل فلوجة التونسي
يتناول المسلسل التونسي قضيّة اجتماعية وتربوية مهمة، تتعلق بحياة ومشاكل الطلاب المراهقين في المدارس التونسية.
ويركّز العمل على طرح عدة مواضيع أساسية في علاقة شباب المعاهد الثانوية، بطريقة سرد جريئة أثارت انتقادات واسعة لدى التونسيين لتجاوزها الحدود وتشويهها للصورة الحقيقية للمجتمع التونسي.
أمّا عن القضايا التي يتناولها العمل فتشمل العلاقات العاطفية المعقّدة بين شباب المعاهد، والتدخين، وتعاطي الكحول والمخدرات، والممارسات المنحرفة التي يقوم بها الشباب بعيداً عن القيم والأخلاق، كما يطرحُ أيضاً انجرافهم نحو السلوكيات المتطرّفة دينياً.
وجوه جديدة تشارك في العمل التونسي
ويشارك كل من الممثل نسيم زيادية، ومغني الراب مروان نوردو، وخديجة الفهري ابنة المخرج سامي الفهري، في الجزء الثاني من المسلسل.
ومن المتوقع أنّ تجسد المُمثّلة أحلام فقيه في هذا الجزء دور ابنة وزير التربية والتعليم، كما سيضمّ المسلسل الممثل ياسين بن قمرة، وفارس عبد الدايم، وكوثر الباردي، وشاكرة رماح، ونسيم بورقيبة، ومحمد مراد، ونعيمة الجاني، ومحمد علي بن جمعة، وسارة التونسي، ونضال السعدي، ومنصف العجنقي، وحسام الساحلي، ومحمد الداهش، وهو من إنتاج فاضل بن عمار، وإخراج سوسن الجمني.
غضب التونسيين منذ الحلقة الأولى من الجزء الثاني
وأثارت الحلقة الأولى من هذا الموسم إبّان عرضها غضب المشاهدين، حيث تُظهر الأحداث المعروضة فيها بشكل ملحوظ عنفاً وجريمة وشذوذاً وتطرفاً سلوكياً، مثل أطفال في سن مبكرة يدخنون ويتعاطون المخدرات، وتصرف عنيف ومستهتر من قِبَل الطلاب في المدرسة، وسلوك مدرس غير ملائم، وولي أمر عنيف، وفتاة مراهقة تعيش بعيداً عن البيت من دون أي قلق من والدها، واختصاصي نفسي متحرش بالتلاميذ، وطبيب مجرم، ما دفع الكثيرين إلى اعتبارها غير معبرة عن الواقع التونسي، بل مشوهة له.
واستنكاراً لأولى حلقات العمل اعتبر الكثيرُ من التونسيين أنّ الظواهر التي طرحها المسلسل ليست ذات صلة بالواقع التونسي، حيثُ علّق أحد المُشاهدين على مواقع التواصل الاجتماعي: "من رأيي قاطعوا هالتفاهات، مسلسل فارغ ليس فيه شيء يصلح".
وكتب آخر: "نفس المحتوى يتكرّر كل سنة لجذب المراهقين والشباب لنوايا خبيثة".
كما جاء في تعليق آخر: " العمل بدون محتوى، لا سيناريو فيه ولا حبكة".
في حين اعتبر آخرون أنّ الظواهر التي طرحها المسلسل، وإن كانت موجودة في المجتمع التونسي بشكل متفرق، ولكنَّ جمْعها في مشهد واحد يبدو غير مُعبّر عن حقيقة المجتمع التونسي، فهو يجعل السيناريو يبدو أكثر قرباً من المجتمع الأمريكي كما يظهر في المسلسلات الأمريكية، وهو ما دفع بعض النقاد إلى اعتبار أن المخرجة قد استلهمت فكرتها من هذه المسلسلات، حتى بالنسبة لديكورات غرف النوم للأطفال والمراهقين.
جزء ثانٍ رغم الانتقادات
وقد أثار العمل غضباً في صفوف التونسيين خلال عرض الجزء الأوّل، حيثُ كان المحاميان صابر بن عمار وحسن عز الدين الدياب قد قدّما دعوى قضائية أمام المحكمة الابتدائية في تونس عند بث الجزء الأوّل منه في رمضان الماضي 2023، يطالبان فيها بإيقاف بث المسلسل "نظراً لما تضمنه من تصرفات خطيرة تؤثر على المتابعين من الأطفال والمراهقين والمربين ورجال الأمن، ويتعمد ضرب الأخلاق والتربية من خلال ترويج البذاءة والتفسخ الأخلاقي الممنهج لإفساد عقلية شباب الغد، وتدمير القيم التربوية والثقافية والأخلاق الحميدة"، حسب ما ورد في بيانهما. كما سبق أن طالبت نقابة قوات الأمن الداخلي النيابة العمومية بتونس بالتدخل وفتح تحقيق في الموضوع بسبب "تصوير الأمني وحياته اليومية على أنها غير مستقرة ومبنية على خيانة القسم والرشوة، وتصوير أبنائه كمشاريع مجرمين في المستقبل". ورغم ذلك لم تتوانَ الشركة المنتجة للعمل على تصوير وعرض جزء ثانٍ منه مع بداية شهر رمضان الجاري.
وقد اعتبر روّاد مواقع التواصل الاجتماعي أن المحتوى الذي يُروّج له العمل يتجاوز الحدود المعتادة للتعبير عن الحريات، وأنّ طرحه بهذا الأسلوب العلني يشكل خطراً على القيم والأخلاق المجتمعية، داعين إلى مقاطعته.
ويُذكر أنّ الإنتاج الدرامي في تونس لم يكن غزيراً خلال الموسم الرمضاني الحالي بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، حيث شهدت جميع القنوات التونسية، التي يبلغ عددها 10 قنوات، إنتاج 3 مسلسلات درامية وسلسلتين كوميديتين.