تعتبر شوربة الحلزون من بين أشهر المأكولات الشعبية في المغرب، والتي يمكن أن تجدها في جميع أزقة المملكة، سواء الشعبية أو حتى في الأماكن السياحية، خاصة بعدما قامت الحكومة المغربية بالتشجيع على تربية الحلزون، وذلك بفضل الإقبال الكبير لشركات التجميل والمنتجات الطبية إلى جانب الاستهلاك الكبير للمغاربة لشوربة الحلزون.
إذ يساعد هذا النوع من الزواحف على تخفيف التجاعيد ومحاربة الشيخوخة، كما أن شوربة الحلزون جيدة لرفع حرارة الجسم خلال فصل الشتاء وجيدة خلال فترة الدورة الشهرية عند البنات، إلا أنه ينصح بعدم تناولها للنساء الحوامل، وذلك بسبب مكوناتها التي قد تتسبب في الإجهاض.
لكن هذا الاستخدام المكثف له في المغرب تسبب في بداية انقراضه، وهو ما يهدد بانقطاعه بالكامل، وذلك يعود إلى غياب القوانين، فحسب الخبراء الزراعيين في المغرب تعتبر الممارسات الخاطئة من قِبل الأشخاص الذين يقومون بجمع الحلزون بشكل غير قانوني تتسبب في عدم تزاوج هذه الزواحف؛ ما يؤثر بشكل مباشر على إنتاج الحلزون البري.
هذا الخطر قد يسود المنطقة بصفة عامة ليس فقط في المغرب؛ إذ من الممكن أن تتسبب هذه التصرفات غير القانونية في انقراض الحلزون في كل من المغرب والجزائر، وذلك بسبب أن الحلزون يحتاج إلى بيئة رطبة، إلا أن خطر الجفاف الذي يهدد دول شمال إفريقيا وندرة الموارد المائية، بالإضافة إلى أن ارتفاع درجة الحرارة يتسبب في تراجع عدد الحلزون في المنطقة خلال السنوات الماضية.
وحسب نفس المصدر، يصدر المغرب قرابة 90% منه سنوياً إلى أوروبا؛ ما يعد مصدر دخل مهماً للتعاونيات والجمعيات التي تشتغل بشكل منظم مقابل من يعمل بعشوائية، من دون احترام لمواعيد ومراحل تجميعه خلال السنة.
كما دعا الخبراء إلى ضرورة إيلاء عناية أكثر بهذا المجال، وإلى التأطير العلمي لطرق التعامل والاستثمار، بعيداً عن هاجس تحقيق الربح المادي السريع الذي يساهم إلى جانب العوامل المناخية في تعرض الحلزون للانقراض.
ويعد المغرب أول المصدرين للحلزون نحو دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما إسبانيا والبرتغال وفرنسا ثم إيطاليا، وقد تعرضت هذه الثروة الحيوانية لاستنزاف كبير، خصوصاً بعد الحرب في أوكرانيا التي كانت تعد أهم مصدر للحلزون.
دور الحلزون في الطبيعة
تلعب الحلزونات دوراً بالغ الأهمية في الأنظمة البيئية، حيث تسهم بشكل ملموس في عدة جوانب من البيئة الطبيعية، موفرة بذلك مثالاً حياً على الترابط الوثيق بين مختلف مكونات الطبيعة. من خلال تحليلها للمواد العضوية، مثل الأوراق الميتة والنباتات الساقطة، تقوم الحلزونات بدور محللات فعالة، مساهمة في دورة المواد العضوية وإعادة تدوير المغذيات الضرورية لخصوبة التربة.
إضافة إلى ذلك، يشكل الحلزون حلقة مهمة في السلسلة الغذائية، إذ تعتبر فريسة لعدد من الحيوانات مثل الطيور والثعالب والحشرات الكبيرة، مما يسهم في تحقيق التوازن البيئي. لكن دورها لا يقتصر على ذلك، فهي تعمل أيضاً كمؤشرات بيئية؛ حيث يمكن أن يشير وجودها أو غيابها إلى تغيرات مهمة في النظام البيئي، كالتلوث أو تغير المناخ.
بالنسبة للتنوع البيولوجي، فإنها تساهم في تلقيح النباتات، خصوصاً في البيئات الرطبة، عبر نقل حبوب اللقاح بين الأزهار أثناء بحثها عن الغذاء، وبالتالي دعم عملية التكاثر النباتي. كما أنها تلعب دوراً في التحكم بالنباتات، سواء بتغذيتها على النباتات الغازية أو المفرطة، على الرغم من أنها قد تشكل تهديداً للمحاصيل والنباتات الأصلية في بعض الأحيان.
تعزيز هذه الكائنات للتنوع البيولوجي يبرز أهميتها في الحفاظ على نظم بيئية صحية ومتوازنة. كل نوع منها له دوره الخاص الذي يساهم في غنى وتنوع هذه النظم، ما يجعلها عناصر حيوية ليس فقط في تعزيز خصوبة التربة وتوازن السلسلة الغذائية، بل أيضاً في الحفاظ على التنوع البيولوجي. وجود الحلزونات وصحتها يعدان بمثابة مؤشرات هامة لصحة البيئة الطبيعية، ما يستلزم الاهتمام بحمايتها والحفاظ عليها كجزء لا يتجزأ من الجهود الرامية إلى حماية كوكبنا.
فوائد الحلزون التجميلية
تكتسب مستخلصات الحلزون شعبية متزايدة في عالم التجميل؛ نظراً لمجموعة الفوائد الواسعة التي تقدمها للبشرة. هذه المستخلصات معروفة بقدرتها على ترطيب البشرة بعمق، ما يجعلها أكثر نعومة ومرونة. كما أنها تلعب دوراً مهماً في تحسين مظهر الندبات والتجاعيد عبر تحفيز إنتاج الكولاجين والإيلاستين، مما يساعد في استعادة البشرة لمظهرها الشبابي والحيوي.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك مستخلصات هذا الكائن خصائص مضادة للالتهاب والبكتيريا، مما يجعلها علاجاً فعالاً لمشاكل البشرة المختلفة مثل حب الشباب والاحمرار.
إلى جانب ذلك، تعزز هذه المستخلصات من تجديد خلايا البشرة، مما يعطي بشرة أكثر نعومة وإشراقاً. وهي توفر أيضاً حماية ضد الأضرار البيئية بفضل مضادات الأكسدة الموجودة فيها، وبالتالي تساعد في الحفاظ على صحة وجمال البشرة على المدى الطويل.
من فوائدها البارزة أيضاً تفتيح البشرة وتوحيد لونها، حيث تساهم في تقليل البقع الداكنة ومنح البشرة مظهراً أكثر تجانساً وإشراقاً. فمستخلصات الحلزون مفيدة كذلك في تسريع عملية الشفاء الطبيعية للبشرة، ما يجعلها مكوناً مثالياً للمساعدة في تعافي الجروح الصغيرة، الخدوش، أو التهابات البشرة.
بفضل هذه الفوائد المتعددة، أصبحت مستخلصات الحلزون مكوناً شائعاً في العديد من منتجات العناية بالبشرة، مثل الكريمات والسيرومات والأقنعة والمستحضرات، مقدمة حلولاً فعالة لتحديات البشرة المتنوعة.
فوائد الحلزون العلاجية
للحلزون منافع علاجية إلى جانب منافعه التجميلية، إذ يساعد في الوقاية من فقر الدم الناتج عن نقص الحديد أو التخفيف من أعراضه وذلك عن طريق معالجة السبب الأساسي، حيث يعتبر مصدراً ممتازاً للحديد، وتحتوي حصة واحدة منه على 22% من الكمية اليومية الموصى بها من الحديد، كما أن الحديد يساعد في تعزيز صحة البشرة والشعر والأظافر.
يعد هذا الكائن جيد أيضاً لمرضى القلب؛ إذ يحتوي على الأوميغا 3 الدهنية والتي تساعد على تحسين صحة القلب والتقليل من خطر الوفاة الناتجة عن هذا المرض، بالإضافة إلى ذلك يساعد الحلزون على خفض ضغط الدم وتقليل تخثر الدم والحفاظ على ثبات ضربات القلب.
بالإضافة إلى ذلك يحتوي هذا الأخير على نسبة دهون أقل بكثير بالمقارنة بأنواع اللحوم الأخرى، وبالتالي يمنح الجسم حاجته من البروتين دون إضافة عبء الدهون الضارة.
أما بالنسبة للمصابين بالسكري قد يساهم الحلزون في علاج السكري، حيث كشف علماء من جامعة يوتا الأمريكية عن قيامهم بتطوير لأصغر نسخة حول العالم من هرمون الأنسولين بواسطة سم الحلزون البحري المفترس، والذي يمكن أن يستخدم في إنتاج أدوية لعلاج مرض السكري الآمنة والفعالة، حيث يمكن أن يساعد هذا السم في خفض مستويات السكر بالدم دون آثار جانبية.
كافيار الحلزون
تعتبر تربية الحلزون فرصة كبيرة للاستثمار في المجال القروي، حيث تقدم هذه المشاريع تخصصات متعددة تمكن المربي من العمل عليها، كبيع بيض الحلزون، أو ما يسمى بـ "كافيار الحلزون" الذي يصل سعره إلى حوالي 3000 دولار للكيلوغرام الواحد، أو بيع لعابه مقابل 250 دولاراً للكيلوغرام الواحد.
حسب موقع "globalseafoods" الأمريكي، شكّل هذا النوع من الكافيار جزءاً لا يتجزأ من التراث الطهوي الأوروبي، خاصةً في فرنسا، حيث احتُفي بالقواقع لقيمتها الغذائية العالية. يتميز هذا المنتج الفاخر بعملية استخلاص دقيقة، تبدأ بجمع بيض القواقع الناضجة وتنتهي بحفظه بعناية فائقة للحفاظ على نكهته الفريدة وقوامه الرقيق، مما يضمن انفجار كل لؤلؤة صغيرة بطعم استثنائي.
يُعد هذا النوع نت الكافيار تجربة حسية بامتياز، تجمع بين النكهات الآسرة والملمس الناعم الذي يذوب في الفم، محرراً مزيجاً من الطعم اللذيذ والحلو. يستمتع به الذواقة سواء كوجبة مستقلة أو كإضافة مميزة تعزز أطباقاً أخرى، مما يرفع من شأن الإبداع الطهوي.
فضلاً عن غناه بالنكهات، يقدم هذا الكافيار فوائد صحية متعددة، كونه مصدراً غنياً بالبروتينات، أحماض أوميغا 3 الدهنية، والفيتامينات. هذه العناصر الغذائية تسهم في تعزيز الصحة العامة، دعم وظائف المخ، صحة القلب والأوعية الدموية، وتقوية الجهاز المناعي، كما أنه يتمتع بمحتوى منخفض من الكوليسترول والسعرات الحرارية، ما يجعله خياراً مثالياً للمهتمين بأنظمتهم الغذائية.
تتوسع استخدامات الكافيار في عالم الطهي، حيث يُستخدم كزينة للسلطات، طبقة علوية للمقبلات، أو كإضافة رائعة لأطباق المعكرونة، إضافة إلى كونه مرافقاً مثالياً لأطباق المأكولات البحرية. هذا التنوع يؤكد الدور الذي يلعبه كافيار الحلزون في إثراء عالم الطهي بنكهاته الدقيقة وفوائده الصحية، مما يجعله عنصراً فريداً يجسر بين الماضي والحاضر في سلسلة الإبداعات الطهوية.
يختلف كافيار الحلزون عن كافيار السمك في كل من المذاق والشكل؛ إذ تعتبر حبات كافيار الحلزون أصغر وأكثر تميزاً في المذاق بالمقارنة مع كافيار السمك.